السفر إلى بيتر!
كان الشياطين يفهمون جيدًا معنى كلمة تطويق … إنها مهمة تحتاج لتكنولوجيا متقدمة … وتحتاج لقدراتٍ خاصة من الشياطين … ولكنها تحتاج في المقام الأول … إلى اجتماع عاجل لمناقشة كل ذلك … وتحديد المجموعة التي ستقوم بهذه المهمة … والاتفاق على أسلوب لهذه المرحلة.
ورغم أنهم يعرفون الكثير عن عصابة «سوبتك» و«سايبر سبيس» إلا أنهم لجَئوا إلى شبكة معلومات المقر … واستدعَوا كل التقارير الأمنية السابقة والأخيرة عنهما … وقبل أن يعقدوا اجتماعهم كانت تقاريرهم وتصوُّراتهم قد اكتملَت.
وكان «أحمد» يعرف أنه سيسمع الجديد من زملائه … إن لم يكن عن العصابتَين، فسيكون عن أسلوب العمل وخطة التحرُّك … لذا فقد آثَر أن يَسمعهم أولًا قبل أن يَعرض عليهم ما لديه.
وقد ساعدَه حماسُ «عثمان» على ذلك … فهو لم ينتظر حتى يهدأ الزملاء ويبدأ الاجتماع … بل طَرح عليهم تساؤلًا … جعل كلًّا منهم يجلس في مقعده مستغرقًا في التفكير … فقد قال لهم: هل لديكم معلوماتٌ كافية عمن سيجتمعون في «دبي» … أسماؤهم … ملامحهم … جنسياتهم … لغاتهم؟
بو عمير: أعتقد أنهم سيتحدثون الإنجليزية لأنهم مختلفو الجنسيات.
خالد: لقد حلها لك «بو عمير» دون أن يدري.
عثمان: كيف؟
خالد: ألم يقُل لكَ إنهم مختلفو الجنسيات؟
ريما: تعني أن أي اجتماع في أحد فنادق «دبي» لمجموعة من الرجال المختلفي الجنسيات يكون هو المقصود؟
عثمان: أعتقد أنه يعني ذلك.
خالد: نعم، هذا ما أعنيه.
إلهام: غير صحيح؛ لأن الاجتماع سينعقد أثناء مهرجان «دبي» الدولي لأجهزة الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات.
وهنا فَهم «أحمد» قصدَها … فعَلقَ على ما تقوله قائلًا: وأثناء ذلك ينعقد الكثير من المؤتمرات والاجتماعات ولقاءات العمل.
إلهام: وبالضرورة سيكون المجتمعون من جنسياتٍ مختلفة.
ولاحَظ «أحمد» أن «قيس» يُتابع باهتمامٍ ما يجري دون أن يتدَخل، فسأله قائلًا: هل زرت مهرجان «دبي» يا قيس؟
وفَهم «قيس» ما وراء السؤال … فأجاب قائلًا: أنا أتابع كل دوراته … وأرى أن البحث عن أعضاء العصابتَين فيه … كالبحث عن حبَّات السكَّر وسط الرمال.
ريما: ولكنْ هناك طريقةٌ ما نستطيع بها أن نصل إليهم.
قيس: ما هي؟
بو عمير: مثلًا الحصول على قوائم نزلاء الفنادق … وبالذات الذين قاموا بحجز قاعات وطلبوا تجهيزها كقاعة اجتماعات.
أحمد: في هذه الحالة … يجب أن يكون لدينا اسم واحد معروف … نستدل منه على بقية المجموعة … وكالعادة فجَّر «عثمان» قنبلةً جديدة … حين ذكَّرهم بما قد نسُوه قائلًا: هل نسيتم أن الاجتماع سيكون يوم الثلاثاء … وذلك سيضيِّق مساحة البحث … وسيقرِّبنا من هدفنا؟
إلهام: نعم، لقد نسينا … ولكن ليس هذا كلَّ شيء … فيجب أن نتحرك قبل ذلك بكثير.
ريما: أنا مع «إلهام» فيما تقول.
رفعَت «هدى» و«زبيدة» أيديَهُما وهما تقولان: ونحن أيضًا نُوافِقها فيما تقول.
وأثار اجتماع الجنس الآخر رغبة «عثمان» في التعليق … فرفع يدَه وقال مازحًا: وأنا أوافق «أحمد» فيما يقول.
ورغم علمها بما يقصده … إلا أنها أخذَته على محمل الجد وقالت له: وماذا يقول «أحمد»؟
عثمان: يجب البحث خلف «سوبتك» و«سايبر سبيس» للحصول على اسم واحد منهم فقط … نستدل منه على بقية المجموعة.
أحمد: إذن لدينا الآن ورقة عمل … هل تسمحون لي بعرضها عليكم؟
رفع الجميع أيديَهُم بالموافقة … فضغط زرًّا ﺑ «ماوس» الكمبيوتر وبدأ يقرأ: اسم العملية «ملف الأخطار» … يتضمَّن هذا الملف العملية والهدف … العملية ستكون في دولة الإمارات، تحديدًا في «دبي» … ساعة الصفر يوم الثلاثاء … ولكن العمل هناك يجب أن يبدأ من الغد … الهدف يجب رصده قبل دخوله منطقة الخليج … وأعتقد أنهم سيَصِلون قبل الاجتماع بوقتٍ قصير … هل من أسئلة؟
عثمان: طبعًا يا «أحمد» … كيف سنقوم برصد الهدف ما دُمنا لا نعرف موقعه؟
خالد: موقعه خارج المنطقة العربية.
عثمان: لا يكفي.
باسم: يمكنُنا رصدُه في القارَّة الأوروبية.
أحمد: سنتصل ﺑ «بيتر».
عثمان: «بيتر» الآن تحت السيطرة.
أحمد: سيطرة من؟
عثمان: «سايبر سبيس» بالتأكيد.
إلهام: تقصد أن موقعه على الشبكة مُراقَب.
عثمان: وتليفوناته أيضًا.
أحمد: سيُسافر أحدنا اليوم إلى «إنجلترا» … وينزل في فيلَّا المنظمة في «يوركشاير» … ويرسل مَن يُحضر له «بيتر».
إلهام: ستُقلِع طائرة الخطوط الجوية البريطانية من مطار «القاهرة» في الثامنة مساء اليوم.
ريما: وهل سنجد بها مقاعد؟
لم يلتفت «أحمد» إلى سؤال «ريما» … بل أدخل تليفونه المحمول على شبكة الإنترنت وعن طريق موقع الشركة على الشبكة عرف أن جميع المقاعد مشغولة … فقام بالاتصال بقيادة المنظمة … وشرح لهم الأمر … ولم تمضِ دقائق … إلا وعاودَت القيادة الاتصال به … وقال له أحد المسئولين فيها: لقد تم توفير مقعد من المقاعد الاحتياطية … وهي تخص طاقم الطائرة … وتم حجزُ تذكرة باسمِ «نبيلة توفيق». فنظر الجميع إلى «إلهام» التي قالت لهم: أنا «نبيلة توفيق».