اللقاء المثير!
بعد ما أضافَتْه «إلهام» من تكنولوجيا الشوشرة على أجهزة التجسُّس قامت بالاتصال بإدارة الفندق … وأبلغَتْهم بما تعرَّضَت له غرفتُها … وطلبَت منهم أن تحتفظ بمفاتيح الغرفة … غير أن تعليمات إدارة الفندق لم تسمح بذلك … فطلبَت منهم الاتصال بالبوليس … مما دفعَهم للموافقة على اقتراحها الأول … وتَرْك مفاتيح الغرفة لها.
ولم تكن تعرف أن أحد عملاء المنظمة موجودٌ في الفندق … إلا عندما سمعَت طرقاتٍ على باب غرفتها … وعندما فتَحَت … وجدَت موظفًا من الفندق ومعه عاملٌ يحمل صينيةً عليها تُورتةٌ فاخرة … يُقدِّمها لها مع الاعتذار عما حدث.
فأفسحَت الطريق للعامل … الذي حمَل الصينية إلى إحدى الموائد في الغرفة … فوضَعها عليها … ثم نظر لها مبتسمًا ورحل.
تركَت ابتسامةُ الرجل تأثيرًا في نفسها … وشعَرَت أن في الأمر شيئًا في المنظمة … وقد صدق حَدْسُها … فعند تقطيع التورتة وجدَت بين طبقاتها ورقةً مكتوبًا عليها … نحن معك … «ش. ك. س».
ابتسمَت لحظتَها ابتسامةَ رضا … غير أنها لم تعرف ماذا تفعل … فحتى الآن الموقف متجمِّد … ولم يعُد في مقدورها الاتصال بالمنظمة … فقد لاحظَت أن أكثر من سيارة «فان» يعلوها هوائيٌّ تحيط بالفندق … معنى هذا أن كل الإشارات والموجات التي تخرج من الفندق يتمُّ رصدُها … لذلك آثَرَت أن تنتظر حتى يتمَّ الِاتصال بها واكتفت بالاتصال بخدمة العملاء في الفندق … فطلبَت شايًا … وجلسَت تُتابع مسلسلًا أمريكيًّا تُذيعه إحدى القنوات المحلية.
وأثناء مشاهدتها له … سمعَت طرقاتٍ على الباب … أعقَبها صوتُ العامل يقول: الشاي يا آنسة «إلهام».
فسَمحَت له بالدخول.
وأثناء وضعه للشاي على المائدة … قطَع مُوجَزٌ للأنباء المسلسل … ولفَت نظر «إلهام» خبرٌ عن طائرة مصرية … تهبط في مطار عسكري قريب من العاصمة هبوطًا اضطراريًّا لعَطب أصاب أحد محرِّكاتها.
وشعَرَت بشيءٍ داخلها يُحدِّثها أنَّ في الأمر شيئًا غير عادي.
وأن هبوط هذه الطائرة ليس اضطراريًّا. بل مُدبَّر لهدفٍ مُحكَم … وقد يكون مدبَّرًا من قِبَل المنظمة.
وانتظرَت أن تسمع المزيد من الأخبار عن الحادث.
إلا أن المُوجَز انتهى دون تفاصيل … وشعَرت وقتَها بالغيظ … لعدم تمكُّنها من الاتصال بالمنظمة للوقوف على حقيقة الحادث … وأخذَت تبحث بين القنوات الإخبارية عن المزيد من التفاصيل … إلا أنها لم تصل إلى شيء.
ولم تيأس … بل ظلت تبحث حتى عرفَت أن جميع الركاب قد تم نقلهم إلى مطار «هيثرو» … وكذلك أمتعتهم … استعدادًا لاستكمال رحلتهم على متن طائرة أخرى.
ووقفت «إلهام» في نافذة غرفتها … ترسل عينَيها بعيدًا … إلى حيث يقع المطار، وتمنَّت لو أنها استطاعت … أن تراه … وترى صالة الوصول … وتبحث بين الركاب … فترى «أحمد» … و«عثمان».
وكأنَّ الله شاء أن تتحقق أمنيتُها سريعًا … فقد رأت عدة سياراتٍ تخصُّ المطار … قد توقفَت أمام الفندق … ويُغادِرها عددٌ كبيرٌ من الركاب … وخفَق قلب «إلهام» بشدةٍ … وكادت تصيح مُنادية «أحمد» … حين رأته وخلفه يسير «عثمان» وبينهما «ريما» … إلا أنها غلَّبَت الحكمة … ونزلَت سريعًا إلى مدخل الفندق … وكادت بسبب اندفاعها أن تصطدم ﺑ «عثمان» الذي ابتسم لها ابتسامةً خفية … حين التقت عيناهما.
وفي بوفيه الفندق … جلس ثلاثتُهم يتناولون الشاي … وفي عيونهم تساؤل عن الخطوة التالية … ولم تستطع «ريما» أن تحتفظ بتساؤلها كثيرًا … بل قالت ﻟ «أحمد»: وماذا بعدُ يا «أحمد»؟
أحمد: علينا أن نلتقي «إلهام».
وبصوتٍ خافتٍ … وبنبرة المستكشف قال «عثمان»: لقد التقيتها.
وفي لهفةٍ خفية سأله قائلًا: التقيتها أين … إنك لم تفارقنا لحظة؟!
فابتسم «عثمان» ابتسامة المحظوظ وقال له: لقد كادت أن تصطدم بي.
أحمد: وهل رأتك؟
عثمان: وابتسمَت لي … وابتسمتُ لها.
ريما: إذن علينا أن نتصل بها أو نصل إليها.
أحمد: ليس الآن … ألم تَرَي السيارات «الفان» التي تحيط بالفندق؟
ريما: بلى، رأيتها.
أحمد: إنها سيارات وسائل مساعدة.
عثمان: تقصد أن بها أجهزةً إلكترونيةً للتجسُّس على اتصالات نزلاء الفندق؟
أحمد: نعم.
ريما: أتتوقع أنهم عرفوا بوجود «إلهام»؟
عثمان: أتقصدين أن كلَّ أجهزة التجسُّس هذه من أجل «إلهام»؟
ريما: أقول ربَّما.
أحمد: بالطبع لا … إنها لتأمين سرية أفراد العصابتَين … واكتشاف أيِّ محاولةٍ لاختراقها.
ريما: إذن كيف سنتصل ﺑ «إلهام»؟
أحمد: لن نتصل بها.
قال هذا … ووقف مغادرًا مقعده … تاركًا «ريما» في حَيرةٍ من أمرها … ولم يُعجِب الأمر «عثمان». فسارع يقول لها: سندعُها هي تتصل.
ريما: وأين ذهب «أحمد»؟
عثمان: هل أخبَرنا بوجهته؟
ريما: لا.
عثمان: إذن فقد ذهب إلى دورة المياه … بل ذهب إلى إدارة الفندق يسأل عن سيارة يقوم بها بنُزهةٍ في «لندن»، وعاد سريعًا ليصطحب «ريما» و«عثمان» إلا أنه واجه صعوبةً شديدةً في إقناعهما بالخروج من الفندق … وقد كانت «ريما» في غاية الضيق والانفعال لأنها لم تَرَ «إلهام».
وفي السيارة. كان «عثمان» يجلس بجوار السائق … و«ريما» و«أحمد» يجلسان في الكنبة الخلفية … ويلفُّ الجميعَ الصمت … إلا «أحمد» يبدو عليه الترقب … وأنه في انتظار حدثٍ مثير قد يقع … و«ريما» غير راضيةٍ عما يجري … و«عثمان» آثَر الصمت … احترامًا لأوامر الزعيم … وانتظارًا لما سيقدِّمه «أحمد» من توضيح أو ما ستُسفِر عنه الأحداث من نتائج.