الخروجُ من المأزق!
كان الحادث مفاجأةً مروِّعة … وبدايةً مبكرةً جدًّا للمواجهة … وعرف منه الشياطين مدى شراسة وخطورة هاتَين العصابتَين.
واكتَظ الميدان برجال الشرطة … الذي أصرُّوا على اصطحابهم إلى قسم البوليس … وحمَلوا الجثة في سيارة إسعاف بعد أن عاينَها وعاين المكانَ رجال البحث الجنائي.
وفي قسم البوليس أخفى «أحمد» هُويَّتَهم الحقيقية … وتعامل معهم كمُسافر ضمن رُكاب الطائرة المصرية.
وقام رجال البوليس بالاتصال بالفندق … ثم بالسفارة … وطلبوا من القنصل التحفُّظ عليهم إلى أن تنتهي التحقيقات.
وكانت فرصةً عظيمة أن يجدوا المبرِّر المناسب لبقائهم في «لندن» غير أنه لم يشأ أن يضيع الفرصة دون الحصول على مزيدٍ من المكاسب … فأعلن رفضه لهذا الاقتراح وقال لهم: وما ذنبنا نحن فيما يحدُث في بلادكم؟ … فبدلًا من أن تقدِّموا لنا الاعتذار تحتجزوننا رهن التحقيقات!
القنصل: أنتم لستم محتجَزين … أنتم موجودون في ضيافة الحكومة البريطانية.
أحمد: وهل من حقِّنا أن نتحرك لنشاهد معالم «لندن»؟
الضابط: أرجو أن يتم هذا بعلمنا.
عثمان: وهل سنعود إلى الفندق؟
الضابط: بل سيتم التحفظ عليكم في مكانٍ أمين … لأنكم شهود الحادث.
ريما: ولكننا لم نَرَ شيئًا!
الضابط: القتَلة لا يعرفون ذلك.
كان ما حدث لهم مفاجأةً لم تكن في الحسبان.
وأثناء تناوُلهم الإفطار في شُرفة الشقة التي وضعَتْهم بها الشرطة تحت حراسةٍ مشدَّدة … لم ينطِق أحدُهم بكلمة … فقد كانوا مُرهَقين … فها هو صباحٌ جديد يُطِل عليهم … ولم يأخذوا بعدُ قسطًا من الراحة أو النوم.
وكانوا أيضًا مأخوذين … بسبب ما وجدوا فيه أنفسهم.
فها هم حبيسو حماية الشرطة الإنجليزية لهم … ولن يستطيعوا التحرك بحرية للقيام بمهامهم … أو الاتصال ﺑ «إلهام».
يا له من مأزق … فالرابح الوحيد الآن هم رجال العصابتَين.
ورغم معارضة «عثمان» بشدَّةٍ لتدخُّل المنظمة في تنفيذ مهامهم … ورغبتهم الدائمة في الاعتماد على أنفسهم … وعلى قدراتهم الذهنية وخبراتهم … إلا أنه اقترح مُضطرًّا على «أحمد» و«ريما» أن يقوموا بالاتصال برقم «صفر» … لإخراجهم من هذا السجن الذي وجدوا أنفسهم فيه.
إلا أن «أحمد» اعترض بشدَّةٍ وقال له: أعطوني فقط الوقت الكافي للتفكير، وسأحصل على خطة لفك هذا الحصار.
ريما: ولماذا تفك الحصار … لماذا لا نأتي بهم إلى هنا؟
أحمد: من؟
ريما: رجال العصابة.
اعتدَل «عثمان» في جلسته … وأصاخ سمعه … وأمعَن النظر في «ريما» … ثم طلب منها أن تُعيد عليه ما قالَتْه … فأعادَتْه ثم أكملَت قائلة: ليس أمامنا حلٌّ إلا هذا.
أحمد: كيف سيأتون ونحن في حماية البوليس؟!
عثمان: سيجدون الوسيلة لذلك … المهم هو كيف سنُخبِرهم عن مكاننا.
أحمد: ستقول لنا «ريما»!
ورأت «ريما» أنهم غير مُصدِّقين لما طرحَتْه … وكان عليها أن تشرح لهم كيف سيتم ذلك … فقالت: هل حقائبنا ما زالت في الفندق؟
أحمد: نعم!
ريما: لماذا لا نتصل بالفندق فنطلبها منهم ونعطيهم عنواننا الجديد؟
عثمان: وما دخل رجال العصابة بهذا؟
أحمد: إنهم الآن يُراقبون حقائبنا … وسيُراقبون من سيسأل عنها.
عثمان: تقصد أنهم سيأتون في أثَرها؟
ريما: نعم.
عثمان: ولكن ألن يُغضِب ذلك رجال الشرطة؟
أحمد: بالطبع.
ريما: ولكن لنا حُجَّتنا … فلن يُمكِننا الإقامة هنا بدون أمتعتنا.
عثمان: وكيف سنخبر الفندق … هل سنتصل بهم … أم نرسل لهم أحد رجال الشرطة الذين يحرسون شقتنا؟
أحمد: لن يذهب أحدٌ من رجال الشرطة دون علم رؤسائه … ولن يسمحوا له بالذهاب.
عثمان: وإن سمحوا له بالذهاب … فسيستطيع إحضار الحقائب دون أن يعرف أحدٌ مكاننا.
ريما: الحلُّ الوحيد هو الاتصال بالفندق.
أحمد: وهل معك رقم تليفونه.
ريما: نطلبه من الدليل.
وقام «أحمد» بالاستعلام عن رقم تليفون الفندق … ثم قام بالاتصال بموظف الاستقبال وطلب منه إحضار الحقائب إلى عنوانهم الجديد.
فأخبره موظف الاستقبال أنه سيقوم بإرسال مندوبٍ عن الفندق يقوم بالتحرِّي والاطلاع على الأوراق ثم بناءً على التقرير الذي سيقدِّمه … سيقوم الفندق بإرسال الحقائب.
وبالطبع وافق «أحمد» على كلِّ هذه الإجراءات … فقد رأى فيها أكثر من فرصةٍ ليصل خبر وجودهم في هذا العنوان إلى أحد رجال العصابتَين.
ولم ينتظروا كثيرًا … فبعد أقلَّ من نصف الساعة … دخل أحد حُراسهم من رجال الشرطة يُبلغهم أن مندوبًا من الفندق يريد مقابلتهم … فقال له «أحمد»: وهل رأيتَ تحقيق شخصيته؟
رجل الشرطة: بالطبع يا سيدي «أحمد».
فقال له «عثمان»: وهل قمتَ بتفتيشه؟
الشرطي: كل إجراءات الأمن قمنا بها أنا وزميلي.
أحمد: إذن أدخِله.
وخرج رجل الشرطة وغاب للحظات، ثم عاد وطرق الباب عدة طرقاتٍ قبل أن يفتحه وهو يقول: تفضَّل بالدخول.