الخادعة!
جلس مندوب الفندق مع «أحمد» لأكثر من عشر دقائق … يسأله عن بيانات ويطلب منه أوراقًا … وعندما انصرف … وقف ثلاثتُهم بشُرفة الشقة يراقبونه.
وما إن ركب سيارته وانطلق … حتى وقفت مكانها سيارة فان مثل ما رآه حول الفندق … وعرف أنهم يتجسَّسون على سكان هذه المنشأة … وعلى تليفوناتهم وتأكد أن خطتهم نجحَت.
ولكن ما لا يعرفه أن ما قاموا به أسفر عن نتائج فوق حساباتهم.
فقد وصل إلى علم «إلهام» خبر انتقالهم من الفندق إلى مسكنهم الجديد … وبالتسمُّع من بُعد … عرفَت بخبر مندوب الفندق … فاستقلَّت تاكسيًا … وتحرَّكَت في أثَره إلى أن وصلَت إليهم.
ودخل رجل الشرطة يقول ﻟ «أحمد»: هناك من يسأل عنكم.
أحمد: من؟
الشرطي: لا أعرف … هل أدخِله؟
نظر إلى «عثمان» وقال له هامسًا: هل يكون أحد رجال العصابة؟
عثمان: لا خوف منه، أدخِله.
فتح الشرطي الباب وهو يقول: تفضل.
وبدت على الجميع … آهات المفاجأة والفرحة … وصاحوا معًا قائلين: «إلهام»؟!
وتعلقَت «ريما» برقبتها … وظلت تقبِّلها حتى أثارت «عثمان» الذي قال لها: لم نأتِ من أجل هذه المهمة.
إلهام: لولا مندوب الفندق ما استطعتُ الوصول إليكم.
أحمد: ومن أخبرك عن هذا المندوب؟
إلهام: عملاء المنظمة في الفندق.
عثمان: وهل كانوا موافقين على ما يتم؟
إلهام: تقصد القيادة؟
أحمد: نعم!
إلهام: لقد عرفوا أنها خطتكم … وقد أعجبَتْهم جدًّا.
ريما: لقد كان اقتراحي.
إلهام: إنكِ عبقرية.
ووافقوا جميعًا على عقد اجتماع عاجل لبحث مدى خطورة الأمر … وماذا سيقومون به في الساعات القليلة القادمة.
فقالت «ريما»: إن مهمتَنا هي منع وصول رجال العصابتَين إلى «دبي» … أليس كذلك؟
أحمد: بلى … وعلينا الآن أن نبحث كيف نقوم بذلك.
إلهام: سنَتصرَّف بطريقتهم.
أحمد: كيف؟
إلهام: ألم تَرَوا عربات التجسُّس التي تقف أمام الفندق؟
عثمان: ورأينا التي تقف الآن أمام المبنى الذي نقيم فيه.
إلهام: إن بعض هذه السيارات لعصابة «سوبتك» … والأخرى ﻟ «سايبر سبيس».
أحمد: نوعٌ من التكامل.
إلهام: لقد كان المقصود … ولكن الحادث غير ذلك؛ فكلاهما يتجسَّس على الآخر.
كان ما قالَتْه «إلهام» مفاجأة … ولكنها كانت مفاجأةً سعيدة … وعَلَّق «أحمد» على ذلك قائلًا: لا يمكن أن يحدث اندماج بين عصابتَين دون وجود الكثير من الظنون وسوء النية … وقلة الشعور بالأمان.
ريما: وهذا ما يمكننا أن نستفيد منه.
إلهام: وهذا ما أقصده … لقد استطعتُ عن طريق جهاز التنصُّت الذي زرَعُوه في غرفتي أن أتنصَّت عليهم وأعرف الكثير عنهم … وأهمُّه … أنهم يُسجِّلون لبعض تفاصيلَ اجتماعاتهم.
عثمان: إنها وثائق تدينهم.
أحمد: هم لا يظنون أن بمقدور أحد الحصول عليها.
إلهام: إنها في كلتا السيارتَين الموجودتَين الآن أمام الفندق.
لمعت عينا «عثمان» … وابتسم ابتسامةً ماكرةً قبل أن يقول: هل يمكنكم إمراري من بين رجلَي الشرطة الواقفَين بالباب؟
أحمد: وهل ستخرج من الباب؟
عثمان: عندك حَق.
أحمد: ولكن إلى أين أنت ذاهب؟
عثمان: للاستيلاء على السيارة «الفان» الواقفة أمام مبنانا الآن.
أحمد: ثم ماذا؟
إلهام: ثم العودة إلى الفندق والتراسُل مع السيارتَين الأخريَين.
ريما: أو التبادل معهما.
عثمان: ما كل هذه العبقرية يا «ريما»؟ فهذا ما أفكر فيه.
أحمد: إذن لن تكون وحدك.
عثمان: بالطبع لا.
عندما حضر مندوب الشرطة بالعشاء … مضَّى معهم بضع دقائق … ثم خرج سريعًا … وبعد دقائق سمع الشرطيان من يستغيث بالشقة … فدخلا شاهرَين أسلحتهما، فلم يجدا بالغرفة غير زميلهما الذي أحضر العشاء مُقيدًا … ومُمَدًّا على السرير بملابسه الداخلية.
وعندما خلعا الرباط من على فمه … عرفا أين ذهبَت ملابسه.
في هذا الوقت كان «عثمان» يقول لسائق السيارة «الفان»: السيارة تحترق من الخلف … لم يَأبَه السائق لكلامه … بل نهَره … وأبعده عن السيارة.
غير أن دُخانًا كثيفًا جعلَه يغادرها ومعه طفاية الحريق … ويدور حولها مهرولًا والدخان ينطلق من كلِّ مكانٍ فيها.
وانطلق من الطفَّاية دُخانٌ أبيض كثيف أحاط بالسيارة تمامًا … غير أن الدخان الذي ينطلق منها لم ينقطع … وانفتح الباب الخلفيُّ وخرج منه رجلان يسعلان بشدَّة … وهما يقولان بصوتٍ مخنوق: السيارة تحترق.
ثم أطلقا ساقَيهما للريح … وهما يصيحان قائلَين: السيارة ستُفجَّر.