الورطة
صرخ «كيم» في التليفون متحدثًا إلى «رافي»: نحن لم نرسل أية رسالةٍ إلى «توني»!
رافي: كيف ذلك؟! لقد قال «توني» إنك قد أرسلت له رسالةً ليلحق بكما هو و«مودي» … ولم يقل لي المكان … فقط قال إنه موضوعٌ سري للغاية!
كيم: ألم يقل لك أية إشارة إلى المكان الذي سيذهبان إليه؟! أرجوك، فكِّر جيدًّا!
فكَّر «رافي» قليلًا ثم قال: كل ما أتذكره أنه قال إنه سيشتري بعض الأقراص المضادة لدوار البحر …
أغلق «كيم» التليفون، ونظر إلى أخيه في قلق، قال «روي»: هذه خدعة واضحة، لقد اختطف «مودي» و«توني»، ولا شك أن الذي خطفهما هو «كاري» … وأرسلهما إلى مكانٍ ما في البحر!
كيم: ماذا نفعل الآن!
روي: سنتصل بالسلطات … هذا كل ما نستطيع أن نفعله حاليًّا …
اتصل «روي» بالشرطة، وبقائد حرس الشواطئ، الذي أخبره أنه سيُرسل قوات بحرية للبحث عنهما فورًا …
قال «كيم»: ما رأيك في أن نذهب إلى «ريكس» الآن؟! على الأقل نكون قد قمنا بعملٍ ما!
وافق «روي»، وأخذ معه الأوراق ليوقِّعها «ريكس» … وذهبا إليه … كان يجلس في حجرةٍ واسعة مريحة، وقابلهما مرحِّبًا سعيدًا، وكان جو الغرفة ممتلئًا بدخان البايب الذي يدخنه وتركه قليلًا ليقرأ الأوراق التي قدَّمها له «روي» … ثم سأل عن مكان التوقيع، ووضع توقيعه وسعادته تطغى على كل مشاعره …
وضع «روي» الأوراق في جيبه وقال: سنرسل الأوراق إلى شركة التأمين التي سترسل لك المبلغ على الفور …
ضحك العجوز وقال: عندي أخبار لكما … لقد عاد الرجلان اللذان يظنان أني جاسوسٌ!
لمعت عينا «روي» وسأله: متى حدث ذلك؟!
ريكس: منذ ساعة تقريبًا، لقد عرضا عليَّ أن أحضر قاربًا قويًّا، لينقلا به شيئًا في عملية غير قانونية إلى خارج البلاد!
روي: وماذا قلت لهما؟
ريكس: لم أرفض تمامًا هذه المرة حتى أتصل بكما … فقالا إنهما سيعودان بعد ساعة.
روي: ما شكل هذين الرجلين؟
ريكس: أحدهما سمين وأصلع تمامًا، والثاني أسود الشعر، حاد الأنف!
لم يعد هناك شك في أنه «كاري» وزميله …
قال «ريكس»: كنت أنوي الاتصال بكما عندما حضرتما!
روي: ما رأيك؟! نريد منك أن توافقهما على فكرتهما، لنحاول أن نكشف هذا العمل غير القانوني. ونظر «روي» حوله، فرأى دولابًا بجوار الحائط، سأل «ريكس» هل يمكن أن يختفيا في هذا الدولاب؟ فوافق ريكس.
فتح «روي» الدولاب، كان به بعض الملابس القديمة، وأدوات الصيد الحديدية، فدخلا إلى قلب الدولاب، وأغلقه عليهما ريكس. في نفس اللحظة التي ارتفع فيها صوت جرس الباب!
همس «روي» في أذن «كيم»: لقد وصلا!
وقام ريكس، فتح الباب، وعاد ومعه شخص واحد … وعندما تكلم لم يعد هناك شك في أنه «كاري»!
قال «كاري»: هيه … ما رأيك الآن؟
ريكس: رأيي … في ماذا؟
كاري: أيها العجوز المخرف، في المهمة التي عرضتها عليك، أن تحضر قاربًا إلى ستاف، تقوده بنفسك، سندفع لك مبلغًا طيبًا …
ريكس: حسنًا، لا مانع عندي، ولكني عجوز، وسأحتاج إلى مساعدة!
كاري: طبعًا، المهمة شاقة، ستحتاج معك إلى ثلاثة رجال، استأجرهم وسندفع لهم أيضًا …
ثم سمع «روي» و«كيم» صوت ورقة تفرد على المائدة … وقال «كاري»: هذه هي المنطقة التي نريدك أن ترسو عندها … وستجدنا في انتظارك …
ريكس: اتفقنا … مع السلامة!
وسمع الشقيقان صوت أقدامهما تبتعد، ثم صوت الباب وهو يغلق، وأخيرًا عاد ريكس، فأخرجهما من الدولاب …
استنشق «روي» الهواء بعمق وقال: من هم البحارة الذين ستستعين بهم؟!
ابتسم «ريكس» وقال: أنتما طبعًا!
روي: رائع! وسنحضر زميلًا ثالثًا لنا من أهالي أيسلاند، اسمه «رافي» … ولكننا نحتاج الآن لأدوات للتنكر …
دهش «ريكس» وسألهما: التنكر؟! لماذا؟!
روي: لأن الرجل الذي عندك نشتبه في أنه عضو في عصابة نقوم بمطاردتها. لم يسأل «ريكس» أسئلة أخرى، واتفق معهما على أنه سيقوم بالبحث عن قارب مناسب، وعندما يعده تمامًا سيتصل بهما … وتمنيا له حظًّا سعيدًا، وأسرعا إلى الفندق …
كان أول ما قاما به هو الاتصال بالشرطة للسؤال عن أخبار «توني»، و«مودي»، ولكن لم تكن هناك أية أخبار، فاتصلا ﺑ «رافي»، الذي أسرع إليهما …
قال «روي»: إننا نريدك في مهمةٍ معنا … إن «ريكس» المزيف، يُريد أن يشترك «ريكس» الحقيقي في عمل غير …
فجأة انتفض «رافي» واقفًا وتكلم غاضبًا: اسمعا … لقد قدمتما نفسيكما على أنكما مخبران سريان من الولايات المتحدة … تبحثان عن رجلٍ لتسليمه بوليصة تأمين … وقد عثرتما عليه. والآن تقولان كلامًا آخر … أنا لست غبيًّا … أريد أن أعرف الحقيقة!
نظر «روي» و«كيم» إلى بعضهما … وأخيرًا قال «روي»: حسنًا، سنخبرك بكل شيء، على أن تقسم على أن يظل الأمر سرًّا …
وافق «رافي»، وبدأ «روي» فقصَّ عليه كل شيء وأخيرًا قال: إن هذه المهمة تمس سمعة الحكومة الأيسلاندية، وأعتقد أنه يهمك أن تشارك فيها!
قال «رافي» بحماس: طبعًا … هذا أمر يتعلق بشرفنا كمواطنين هنا، هيا إلى العمل!
روي: نريد أولًا أن نتنكر …
رافي: سنذهب إلى الحلاق الخاص بي وسيتكفل بالمهمة …
وعندما خرجا من عند الحلاق، كان شكلهما غريبًا تمامًا … قصَّا شعرهما إلى أقصى درجة وغيَّرا لونه إلى اللون البني، وكذلك الحواجب والرموش … ولون وجههما نفسه تغير، حتى إن «رافي» قال: لو لم أكن معكما، لما عرفتكما …
لم يبقَ إلا ملابس البحَّارة … وكانت مسألة بسيطة، حصل «رافي» عليها بكل سهولةٍ … وما إن ارتدى الثلاثةُ ملابسَ البحارة، حتى كانوا شخصياتٍ مختلفة تمامًا …
قال «رافي»: شيء آخر … لا تتحدثا اللغة الإنجليزية نهائيًّا … وسألقنكم بعض الكلمات الضرورية باللغة الأيسلندية حتى لا تُخطئا أمام الناس …
قال «روي»: الآن، ما رأيكما في الاتصال ﺑ «ريكس» … والقيام بتجربة هل يعرفنا أم لا …
وبسرعة وصلوا إلى الميناء … وداروا دورةً عندما وجدوا «ريكس» أمامهم يقوم بمساومة رجل يقف أمام قارب ضخم. ساروا أمامه مرة ومرة أخرى، ونظر إليهما ولكنه لم يظهر عليه علامة من علامات المعرفة …
بعد أن انتهى من حديثه، تقدم إليه «روي» وقدم نفسه له … فتح الرجل فمه دهشةً … كان تنكرهما متقنًا …
قال ريكس: لقد أجَّرت القارب، سأنتظركما في الثانية تمامًا …
وفي نفس الموعد، بدأت الرحلة بقيادة «ريكس» … ومضى الوقت، حتى وصلت الساعة الثامنة، وإذا بعاصفة عاتية تجتاح البحر، ويضرب الموج القارب ضربات قاسية متلاحقة ونظر «روي» إلى «ريكس» … كان يقف على ظهر القارب قويًّا … لا يبدو عليه أي خوف … وفجأة … اجتاحت المركب موجة عاتية فسقط البحارة الثلاثة على أرض القارب.