المياه الفوارة
أصاب خبر فقد رائد الفضاء الأصدقاء الأربعة بصدمةٍ شديدة، وسقطَت قلوبهم وهم يفكون رموز باقي الشفرة، كانت تقول: افتحوا عيونكم جيدًا، بحثًا عن أي دليل … يجب أن يقسم «توني» و«مودي» على كتمان السر … برنامج الفضاء في خطر!
وقف «توني» وفمه مفتوح من الدهشة وتمتم قائلًا: ولكننا رأيناه منذ ساعات قليلة!
روي: هذا صحيح، ولكن لو تذكروا، كان أوسطهم يضع قبعته فوق وجهه حتى عينيه، ربما كان بديلًا للكابتن «ماك جورج».
كيم: فعلًا …
روي: الآن فقط فهمت كل شيء … لقد كان أبي يعمل في هذه القضية قبل أن يأتي إلى هنا، لقد سافر إلى تكساس، ليستجوب زملاء الكابتن «ماك جورج» … والأشخاص الذين أتوا إليه ليلًا، كانوا من الحكومة بغير شك …
مودي: يا له من لغز عميق، هذا الذي نجد أنفسنا فيه!
كيم: يجب أن نعمل بسرعة … لقد طلب منا أبي أن نُقسم على كتمان السر …
ووضع الأربعة أيديهم فوق بعضها، وأقسموا أن يظل الأمر سرًّا بينهم، مهما كانت الظروف أو الصعاب التي يتعرَّضون لها …
وفي هذه اللحظة، بدأ الإرسال في جهاز اللاسلكي من جديد، كانت رسالة ثانية تقول: لقد اختفى الكابتن فوق السهل البركاني … بالقرب من ريكجافيك …
روي: سنذهب إلى هناك غدًا؛ فقد نعثر على أي دليل …
استيقظ الأربعة مبكرين في الصباح، وأسرع «روي» يتصل ﺑ «رافي» يطلب منه الحضور لاصطحابهم في جولةٍ في المدينة. وصل «رافي» مسرعًا فطلبوا منه أن يُشاهدوا الأماكن التي شاهدها روَّاد الفضاء وخاصةً السهل البركاني …
وقفز الأربعة في السيارة الجيب، وبدءوا الرحلة.
خرجت العربة بهم إلى خارج المدينة، وبدأت تخترق السهل البركاني، كان سهلًا ضيقًا أسود اللون … مليئًا بالصخور البركانية التي تراكمت نتيجة لسقوط لهب البراكين في الماضي البعيد … بينما يُحيط بالسهل جبلان من الثلج الأبيض …
ومضت العربة تتقافز وسط الصخور … وقال «روي»: ياه! مكان فعلًا أشبه بالقمر، لا ينقصه إلا رجال القمر الخفية!
رافي: نحن أيضًا عندنا رجالنا الخفية …
ضحك «توني» وقد تذكر كلام المضيفة «سونيا» وقال: والأشباح أيضًا … أليس كذلك؟!
رافي: طبعًا! لكلٍّ منا شبح يعيش معه … أنا عندي شبح خاص بي …
ضحك الشباب فغضب «رافي» وقال: لماذا تضحكون! إن هذا كلام حقيقي.
واستدار بالعربة ليتفادى صخرة ضخمة، وفجأة صرخ «توني»: الرجل الخفي، لقد رأيت رجلًا صغير وراء الصخرة!
نظر إليه «روي» بغضب وقال: ما هذا يا «توني»؟! هل تترك خيالك يسخر منك؟!
توني: صدقني، لقد رأيت شخصًا وراء الصخرة …
توقفت العربة، وقفز الأربعة منها، وأخذوا يدورون وراء الصخور واحدة وراء الأخرى، ولكنهم لم يجدوا شيئًا، قال «كيم» ﻟ «توني»: ماذا؟! هل اقتنعت الآن؟!
هز «توني» رأسه وصمت …
وركب الجميع العربة مرة أخرى، وسارت بهم، حتى بدأ طريق واضح تغطية طبقة رقيقة من الثلج … وقال «روي»: لقد كان هنا بعض الناس قبل قليل … فها هي آثار عربة فوق الجليد …
قال «رافي»: هذا هو الطريق الذي سار فيه الرواد، ليصلوا إلى هذا السهل …
وتوقفت العربة … حيث بدا مكان وقوف عدد من السيارات. كانت منطقة رمادية موحشة … كثيرة الصخور والحفر، وبها تل صغير، يرتفع من ورائه عامود ضخم متعرج من الدخان، قال «رافي»: إنه صادرٌ من عين كبريتية كبيرة …
تسلَّل «روي» مبتعدًا، كان يريد أن يبحث عن أي دليل في هذا المكان الذي توقَّف فيه الرواد لفحص الأرض والصخور، لقد كانوا بلا شكٍّ في صُحبة رجال الحكومة، فكيف أمكن اختطاف واحدٍ منهم؟! … هل سار وحيدًا يفحص الصخور وابتعد فتمكَّن منه المختطفون؟! … ومن هم هؤلاء المجرمون؟!
واقترب من التل، ونظر إلى العين الكبريتية، كانت حفرة متسعة تغلي بالحامض ويرتفع فيها حامض الكبريتيك في صوت مُدوٍّ …
وكان الجو ممتلئًا برائحة الكبريت … وفجأةً لاحظ «روي» أن الموجودين قريبًا منه ثلاثة فقط؛ «توني» و«رافي» و«مودي» … وصرخ مناديًا «كيم» … ولكن صوته لم يسمعه أحدٌ فقد كان صوت غليان العين والحامض المندفع منها بهديرٍ صاخب يُغطِّي على كل شيء … ونظر حوله بجنون، كانت هناك فردة قفاز قريبة من حافة العين الكبريتية …
ونقل «روي» نظراته بين القفاز وأصدقائه، وحانت التفاتة من «رافي» إلى القفاز، فظهر الرعب على وجهه، وأدرك الجميع الموقف … ماذا حدث؟ أين «كيم»؟ … هل سقط في العين الكبريتية؟