النجدة المزعومة
ترنح «روي» من تأثير الضربة، ولكنه تمالك نفسه في اللحظة المناسبة، وجلس على مقعد القيادة، وبدأ يحاول السيطرة على الطائرة، بينما اتجه «كيم» وقد جنَّ إلى الطيار، ولكمه لكمة قوية، أطاحت به مغميًّا عليه في جانبٍ من الكابينة.
وبدأت الطائرة تستقر في الفضاء، ونظر الشقيقان حولهما بحثًا عن مكانٍ للهبوط … كانت الأرض كلها عبارة عن مجموعة من التلال الثلجية كالزجاج الأبيض ذي الحواف الحادة … وجاهد «روي» كثيرًا حتى لا تهبط الطائرة وتصطدم بأحد التلال، وكانت يده متصلبةً فوق عصا القيادة وقدماهُ على الفرامل، ولمح قطعةً صغيرة من الأرض المسطحة، توجه إليها، وبدأ يهبط … كانت الأرض الجليدية تغوص تحت ثقل الطائرة وهي مندفعة في النزول. وارتفعت الطائرة وانخفضت مرة واثنتَيْن، ثم قفزت فوق الأرض مرات متتالية … وأخيرًا … استقرَّت مرةً واحدة …
وتنهَّد «كيم»: رائع يا «روي»! لقد أنقذتنا من موتٍ محقق!
كان المنظر حولهما رهيبًا … الهواء بارد يصرخ حولهم … والثلوج تغطي كل شيء … وتحرك الرجل الراقد، وهز رأسه ونظر حوله غير مصدق … وأغمض عينَيْه ثانيةً!
هجم عليه «كيم» … وهزه بعنف وقال: من أنت؟! ولماذا قمت باختطافنا؟! … ولكنه لم يرد …
اقترب «روي»، وأوقفه على قدميه، وحركه في اتجاه عجلة القيادة وقال: أنت تعرف الموجات اللاسلكية هنا … هيا تكلم … اطلب النجدة!
اتجه الرجل إلى الجهاز … وضع السماعة على أذنَيْه … وهمس في الميكرفون بعض كلمات … واستمع قليلًا … ثم قال: هناك بعض الناس في الطريق إلينا …
قال «روي»: حسنًا … هيا إلى الخارج …
وفتح باب الطائرة، ودفع الرجل أمامه، وصدمَتْهم لفحات الهواء البارد، والثلج المتناثر المحيط بهم، ووقفوا ينظرون حولهم … وفجأة سمعوا أزيز طائرةٍ وصاح «كيم»: لقد وصلَت النجدة بأسرع مما نتصوَّر! ونظروا إلى السماء … قال «روي»: إنها طائرة هيليوكوبتر بمقعدَيْن … ستأخذ شخصًا واحدًا فقط!
كيم: هذا اللص، ستقبض عليه الشرطة، ثم ترسل لنا نجدة!
وتوقفت الطائرة، وقفز منها رجلٌ يرتدي معطفًا من الفرو الأسود … وسأل: ماذا حدث؟ … قال «روي»: هل معك قيود حديدية؟ هذا الرجل حاول اختطافنا، نرجوك أن تسلِّمه للشرطة، وترسلهم لنا!
قال الرجل: إن معي بعض قطع الحبل تصلح لتقييده! … فقيدوه … وأخذه الرجل معه، ورحلت الطائرة.
قال «روي»: يحسن أن نحاول الاتصال بالشرطة؛ لتقابل الطائرة! … أسرعا إلى داخل الطائرة … وجلس «كيم» أمام جهاز اللاسلكي … وفجأة صرخ: «روي»! انظر! جهاز الإرسال ينقصه الميكرفون الداخلي! … اندفع شقيقه نحوه … نظر إلى الجهاز، ثم تبادلا النظرات في ذهول، وفجأة بدت الحقيقة أمامهما. قال «روي»: يا لنا من أغبياء … إن الجهاز ناقص … إنه لم يتحدث بالمرة إلى أي شخصٍ لقد كانت الطائرة تتعقبنا، وأسرعت إلى إنقاذه!
كيم: وها نحن هنا، وحيدين في أرض مهجورة!
اندفعا يبحثان حولهما بجنون عن الجزء الناقص من الجهاز، ولكن … لا فائدة … بدأ السحاب الأسود يغطي المكان، والهواء البارد والصقيع يئز حولهما … وانتابتهما الرعدة من البرد والخوف …
قال «روي»: الحل الوحيد، أن نشعل بعض النيران الصغيرة في أرض الطائرة لعلها تبعث فينا بعض الدفء.
كيم: ولكنها قد تحرق الطائرة كلها!
روي: سنكون حريصين وليمكث بجوارها كلٌّ منا بعض الوقت! وأخذا يبحثان في الطائرة عن كل ما يمكن أن يساعد في إشعال بعض النيران … ونام «كيم» و«روي» يحرسه … ثم بدأ دور «روي» واستلقى بجوار النار، ونام نومًا متقطعًا … عند الفجر، استيقظ على صرخة «كيم»: «روي»! استيقظ، لقد وجدتها وجدتها!