مارثا آني وايتلي (١٨٦٦–١٩٥٦)
في ١٩٠٣ أصبحت مارثا آني وايتلي أول امرأة تنضم إلى هيئة تدريس كلية العلوم الملكية، التي أصبحت من عام ١٩٠٧ جزءًا من الكلية الملكية. كانت جهود مارثا فعالة في معركة ضمان قبول النساء في الجمعية الكيميائية، وكانت أول امرأة تُنتخب في مجلس إدارة الجمعية، وعملت فيه من ١٩٢٨ إلى ١٩٣١. وفي الكلية الملكية، التي حصلت فيها أخيرًا على لقب أستاذ مساعد، استطاعت أن تجمع بين وظيفة بحثية فعالة وبين إسهاماتها البارزة في التدريس للطلاب، ولعبت دورًا رئيسيًّا في رابطة نساء الكلية الملكية التي أسستها عام ١٩١٢. في أثناء الحرب العالمية الأولى عملت على مجموعة من المشروعات الحكومية، وفي ١٩٢٠ رُشِّحت للحصول على وسام الإمبراطورية البريطانية على هذا العمل. وظلت لفترة طويلة محررة لقاموس الكيمياء التطبيقية لثورب، واستمرت في هذا الدور، في البداية إلى جانب جوسلين فيلد ثورب، بعد تقاعدها الرسمي في عام ١٩٣٤.
•••
ولدت مارثا آني وايتلي في ١٨٦٦ بلندن، وكانت الابنة الثانية لويليام سدجويك وايتلي، سمسار المنازل، وزوجته هانا بارج. التحقت بمدرسة كنسينجتون للبنات ثم بكلية هولواي الملكية، حيث حصلت على بكالوريوس جامعة لندن في الكيمياء عام ١٨٩٠. في العام التالي اجتازت اختبارات أكسفورد الشرفية والتحقت بهيئة تدريس مدرسة ويمبلدون الثانوية مدرِّسة علوم. في ١٨٩٨ بدأت وايتلي الدراسة بدوام جزئي في كلية العلوم الملكية، وفي ١٩٠٠ انتقلت إلى منصب محاضِرة علوم بجامعة سانت جابرييل التدريبية في كامبرويل. وبفضل بحثها في كلية العلوم الملكية عن الكيمياء العضوية للمركبات المسكِّنة حصلت على الدكتوراه من جامعة لندن في ١٩٠٢. وقد دُعيت للانضمام إلى هيئة تدريس كلية العلوم الملكية في ١٩٠٤ باحثة مدرِّسة، متخلِّية عن منصبها في كلية هولواي الملكية. في ١٩٠٥ رُقيت إلى مساعِدة ثم إلى معيدة في ١٩٠٨، وحازت على زمالة الاتحاد البريطاني لنساء الجامعة في ١٩١٢ التي تُمنح بعد أربع سنوات، ورُقيت إلى محاضِرة في ١٩١٤ وإلى أستاذ مساعد في ١٩٢٠، بعد عامين من حصولها على زمالة المعهد الملكي للكيمياء. وتقاعدت وايتلي رسميًّا في ١٩٣٤ ولكنها استمرت في العمل محررة ومساهمة في قاموس الكيمياء التطبيقية لثورب، وكانت المحرر الرئيسي للمجلدات الاثني عشر من الطبعة الرابعة الموسعة، بعد موت شريكتها في التحرير جوسلين فيلد ثورب في ١٩٣٩. كانت في الثامنة والثمانين عندما انتهى هذا المشروع بالكامل في ١٩٥٤. وقيل إن وايتلي رفضت ترقيتها إلى درجة أستاذ؛ لأنها رأت أن هذه الدرجة بمنزلة عائق يمنعها من الاستمرار باحثة نشطة، ولكن سجل مطبوعاتها يبدو محدودًا عند مقارنته بسجلات زملائها من الرجال؛ ويمكن أن يُعزى ذلك إلى البداية المتأخرة لوظيفتها الأكاديمية، أو إلى إحجامها عن تضمين اسمها على كل ورقة بحثية منشورة ساهمت فيها، أو إلى انشغالها الشديد بقاموس ثورب.
ثمة تفسير آخر للعدد المحدود لمنشوراتها؛ ألا وهو المسئوليات الرعوية الإضافية التي اضطلعت بها في الكلية الملكية والتزامها بزيادة فرص المرأة في العلوم. كانت عضوة نشطة في الاتحاد البريطاني لنساء الجامعة وأسست رابطة نساء الكلية الملكية في ١٩١٢. وقبل عامين من ذلك نجحت في الدعوة إلى تحسين مرافق غرف إيداع ملابس عضوات هيئة التدريس والطالبات. كان هذا نموذجًا مبكرًا للطريقة التي عملت بها بجد لتشجيع الطالبات ليس فقط في قسمها ولكن في الكلية كلها، حيث قيل إنها كانت تلقَّب ﺑ «ملكة النحل». بخلاف الكلية الملكية؛ حيث كانت نشطة في الحملة المطولة لإقناع مجلس الجمعية الكيميائية بالسماح للنساء بالحصول على زمالة الجمعية، ونجحت في هذه المهمة في ١٩٢٠، كما أسست بصحبة زميلتها في الحملة آيدا سميدلي ماكلين نادي طعام المرأة التابع للجمعية الكيميائية. وفي ١٩٢٨ كانت المرأة الأولى التي انتُخبت للعمل في مجلس الجمعية، وكرَّمتها الكلية الملكية بزمالة في ١٩٤٥؛ اعترافًا بالخدمات التي قدمتها لعلم الكيمياء وإسهاماتها في الكلية.
لا يُعرف الكثير عن حياة وايتلي الشخصية، وعلى غرار غيرها من نساء جيلها اللائي حظين بحياة عملية ناجحة، لم تتزوج على الإطلاق. وقد أدرج إلدريدج في نعيها «الواجبات المحلية والاجتماعية» باعتبارها وسائل الترفيه الخاصة بها، ويبدو أنها استمرت حتى في تقاعدها في تكريس نفسها للتحرير وغيره من الأمور الكيميائية بدلًا من أن تنمي أي اهتمامات أخرى. وحافظت على صداقات قوية مع زملائها السابقين وطلابها، وكان لها صلات وطيدة بالكلية الملكية وقناعات دينية قوية.
كان أول عمل علمي نُشر لوايتلي منشورًا مشتركًا مع كارل بيرلسون في وقائع الجمعية الملكية بلندن، في ١٨٩٩، «بيانات عن مسألة التطور في الإنسان، الدراسة الأولى للتغير والارتباط لليد.» ويبدو أنها تولت الكثير من القياسات و«عمليات الاختزال الرياضية المضنية.» وقد تم هذا العمل في الغالب قبل أن تشرع في بحثها في كلية العلوم الملكية. وكان بحثها الكيميائي الأول في الكيمياء العضوية لمركبات الباربيتورات والتوتوميرية في الأوكسيمات ولا سيما الميزوكساميد والمركبات ذات الصلة. كان هذا هو موضع تركيزها من عام ١٨٩٨ إلى أن حولت متطلبات الحرب العالمية الأولى انتباهها إلى تركيب العقاقير وتحسين عمليات إنتاجها، وظهر منشورها الأول عن البحث العلمي: «أوكسيم الميزوكساميد وبعض المركبات المتحالفة» في ١٩٠٠ في صحيفة معاملات المجتمع الكيميائي. ومن بين أعمالها في وقت الحرب إنتاج الهيدروكلورين واللكتات لليوكايين والدايثيل أمينو إيثانول للنوفوكايين وإنتاج السكريات، كما قامت بتطوير مركبين للاستخدام في ساحة الحرب، وهما غاز مسيل للدموع يطلق عليه إس كيه (أيودو أسيتات الإثيل) ومزيج محرق يطلق عليه دي دبليو (الدكتور وايتلي) تيمنًا باسمها. وبعد الحرب استمرت في النشر حول أوكسيم الميزوكساميد وحول مشتقات المالونيل، وتلقت تمويلًا من الجمعية الملكية دعمًا لبحثها. ومن بين من شاركوها في التأليف خلال هذه الفترة كيميائيتان أخريان وهما دوروثي ياب («التفاعل بين أملاح الدياكسونيم والمالونيلديوريثان» صحيفة المجتمع الكيميائي (١٩٢٧)، ٥٢١–٥٢٨) وإديث هيلدا أشروود («أوكسيم الميزوكساميد (أيزو نيتروسو مالون أميد) وبعض المركبات المتحالفة». الجزء الثالث التركيب الحلقي في السلسلة رباعية التعويض، صحيفة المجتمع الكيميائي (١٩٢٣) ١٢٣، ١٠٦٩–١٠٨٩) وتزوجت أشروود لاحقًا من كريستوفر إنجولد الذي كان عضوًا في هيئة تدريس قسم الكيمياء بالكلية الملكية من ١٩٢٠ إلى ١٩٢٤.
خلال فترة العشرينيات أسهمت وايتلي في قاموس الكيمياء التطبيقية لثورب وشاركت في تأليفه، مع زميلها في الكلية الملكية سير جوسلين فيلد ثورب، صاحب «دليل الطالب لتحليل الكيمياء العضوية» (١٩٢٥). واستمر تعاونها مع جوسلين ثورب بعد تقاعدها الرسمي في ١٩٣٤، أولًا بوصفها محررة مساعِدة لملحق لقاموس ثورب (١٩٣٦) ثم بوصفهما مؤلفين لطبعة جديدة تمامًا بدأت في الظهور في ١٩٤١.
كانت مارثا وايتلي فريدة بين بنات جيلها من الكيميائيات؛ حيث إنها تمكنت من الحفاظ على سيرة مهنية طويلة وناجحة كأكاديمية في معهد بريطاني كبير للتعليم العالي في وقت ندرت فيه النساء اللائي استطعن القيام بذلك. وبعد بداية متأخرة، تمكنت خلالها من كسب قوتها بوصفها مدرِّسة في مدرسة، شابهت حياتها المهنية حياة الرجال الذين قد يُنظر إليهم باعتبارهم درجة ثانية في الأكاديميين الكيميائيين وليس غيرها من النساء اللائي استمررن باحثات ولكنهن لم يحصلن على مناصب مستقرة ولم يعملن بشكل مستقل عن معلميهن من الرجال. وعلى غرار زملائها الرجال الذين لم يحصلوا على مناصب أو زمالات الجمعية الملكية، قدمت إسهامات بارزة في التدريس للطلاب، ونشرت أبحاثًا أصلية بشكلٍ منتظم ولكن ليست في مجلدات كاملة، وقدَّمت إسهامات معروفة في الحرب العالمية الأولى كافأتها عليها الدولة، كما خدمت المجتمع الكيميائي من خلال أدوارها في المجتمع الكيميائي بوصفها محررة لا تعرف الكلل لكتاب مرجعي ضخم، وحاولت إلهام نساء أخريات لاتخاذ سبيل العلم وتيسيره لهن. وكفلت لها كفاءتها الهادئة القدرة على العمل بفعالية في عالم كان في السابق عالمًا خاصًّا بالرجال، وأبرزت بتواجدها أن النساء، عند منحهن الفرصة، يستطعن صنع سيرة مهنية ناجحة ومنتجة في الكيمياء.
المراجع
-
Barrett, A. Whiteley, Martha Annie (1866–1956), in Oxford Dictionary of National Biography, online edn, Oxford University Press, Sept. 2004. http://www.oxforddnb.com/view/article/46421 (30 July 2010).
-
Creese, M. R. S. (1997) Martha Annie Whiteley (1866–1956), chemist and editor. Bulletin for the History of Chemistry, 20, 42–45.
-
Creese, M. R. S. (1991) British women of the nineteenth and early twentieth centuries who contributed to research in the chemical sciences. British Journal for the History of Science, 24, 275–305.
-
Eldridge, A. A. (1957) Martha Annie Whiteley, 1866–1956, Proceedings of the Chemical Society 1, 182-183.
-
Gay, H. (2007) The History of Imperial College London 1907–2007: Higher education and research in science, technology and medicine, Imperial College Press, London.
-
Imperial College Centenary Website, http://www.imperial.ac.uk/centenary/default.shtml (accessed 28 July 2010).
-
Mason, J. (1991) A forty years’ war, Chemistry in Britain, 27, 233–238.
-
Owen, L. N. (1956) Dr M. A. Whiteley OBE, Nature, 177, 1202-1203.
-
Rayner-Canham, M and Rayner-Canham, G. (2008) Chemistry Was Their Life: Pioneer British Women Chemists, 1880–1949, Imperial College Press, London.