رُمح السَّلمون
فزعتُ للغاية عند سماع هذا لدرجةِ أن تشيسهولم نفسه انتفض، وحدَّق في وجهي بتساؤلٍ بادٍ في عينَيه. لكنَّني كنتُ سريعًا بما يكفي في جعله يعرف أنه كان يُبلغني أخبارًا لم أكن قد سمعتُها حتى فتحَ شفتَيه.
صحت: «هذا أمر غير معقول!» ثم أضفت: «ماذا! جريمة أخرى؟»
قال: «أجل.» وأضاف: «سوف تظنُّ أن هذه الجريمة ذات صِلة بالقضية الأخرى. والأمر المؤكَّد هو أنهم وجدوا جثة كرون بالقُرب من المكان الذي وُجِدَت فيه جثة الرجل الآخر … فيليبس.»
سألت: «أين، إذن؟» وتابعت: «ومتى؟»
أجاب: «قلت لك، منذ أقل من ساعة.» ثم أضاف: «ورد الخبر للتو. وكنتُ قادمًا إلى هنا لأرى إن كان أيٌّ من جيران المتجر قد رأى كرون مع أيِّ غريبٍ الليلة الماضية.»
تردَّدتُ لثانية أو ثانيتَين، ثم تكلَّمت.
قلت: «رأيته بنفسي الليلة الماضية.» وأضفت: «ذهبت إلى متجره — ربما كان ذلك في الساعة التاسعة — لشراء بعض الأدوات لصُنع بابٍ لقفص الأرانب من أجل توم دنلوب، وأمضيتُ هناك عشْر دقائق أو نحو ذلك في التحدَّث معه. كان على ما يُرام في ذلك الوقت، ولم أرَ أيَّ شخصٍ آخر معه.»
قال تشيسهولم: «آه، حسنًا، لم يَعُد إلى منزله الليلة الماضية.» ثم أضاف: «لقد ذهبت إلى هناك في طريقي إلى هنا؛ إذ كان يعيش، كما تعلم، في كوخٍ بالقُرب من قسم الشرطة، وقد دخلت وسألت المرأة التي تتولَّى له التنظيف والطهي إن كانت قد رأته هذا الصباح، فقالت إنه لم يَعُد إلى المنزل الليلة الماضية مُطلقًا. ولا عجبَ في ذلك، من الحال الذي عليه الأمور!»
قلت: «لكنك كنتَ تقول أين حدث هذا.»
قال: «تقصد أين وجدْنا جُثته؟» ثم تابع: «حسنًا، كانت في موضع التقاء نهر تيل بنهر تويد؛ على الأقل، أقرب إلى نهر تيل. هل تعرف ابن جون ماكلورايث، ذلك الفتى الذي كان يُزعجهم بشأن المدرسة، الذي يهرب دائمًا كي يلعب، ويُغادر في الليل، وما شابه، وكان ثمة تفكير في مسألة إرساله إلى إصلاحية، هل تتذكَّر؟ أجل، حسنًا، اتضح أن الفتى المُشاغِب كان بالخارج الليلة الماضية في تلك الغابة بعد تويزل، وفي وقتٍ مُبكِّر هذا الصباح — على الرغم من أنه لم يُبلِغ بالأمر إلا بعد فترةٍ من الوقت — رأى جثةَ رجلٍ مُلقاةً في إحدى تلك المناطق العميقة في نهر تيل. وعندما أُلقي القبض عليه على يد تورنديل، الذي كان يبحث عنه، أبلغ بما رأى، فذهب تورنديل وبعض الرجال الآخرين إلى هناك، ووجدوا … جثة كرون!»
قلت: «كنتَ تقول إنه كانت تُوجَد علامات تُشير إلى العنف.»
أجاب: «لم أرَها بنفسي.» ثم أضاف: «ولكن حسب رواية تورنديل — فهو مَن أبلغني بالخبر — تُوجَد علامات غريبة على الجثة. كما لو أن — على حدِّ وصف تورنديل — كما لو أن الرجل قد ضُرِبَ قبل أن يغرق. كدمات، كما تفهم.»
سألت: «أين هو؟»
أجاب تشيسهولم: «إنه في نفس المكان الذي أخذوا إليه فيليبس.» ثم أضاف: «يا إلهي! اثنان نُقِلا إلى هناك خلال … أجل، خلال أسبوع تقريبًا!»
سألت: «ماذا ستفعل الآن؟»
أجاب: «كنتُ ذاهبًا للتو، كما قلت، لطرح سؤالٍ أو سؤالَين هنا … هل سمع أيُّ شخصٍ كرون يقول أيَّ شيءٍ الليلة الماضية عن الذهاب إلى ذلك المكان؟» ثم أضاف: «ولكن، مع ذلك، لا أرى أيَّ فائدةٍ من هذا. بيني وبينك، كان كرون نوعًا ما مُحبًّا للخروج في الليل؛ لقد اشتبهتُ في إقدامه على الصيد غير القانوني، مرارًا وتكرارًا. حسنًا، لن يفعل ذلك مُجددًا! أنت في طريقك إلى المكتب، على الأرجح، أليس كذلك؟»
قلت: «ذاهب إلى هناك مباشرة.» وتابعت: «سأُخبر السيد ليندسي بهذا.»
لكن عندما وصلت إلى المكتب، كان السيد ليندسي، الذي كان قد خرج لتناول طعام الغداء، يعرف كلَّ شيءٍ عن الأمر. كان واقفًا خارج الباب، يتحدَّث إلى السيد موراي، وبينما كنتُ أصعد، كان رئيس الشرطة يُغادر إلى قسم الشرطة، وتقدَّم السيد ليندسي خطوةً أو خطوتَين نحوي.
وسأل: «هل سمعتَ بما حدث لذلك الرجل كرون؟»
أجبت: «لقد علمتُ للتو.» ثم أضفت: «أخبرني تشيسهولم.»
نظر نحوي، ونظرتُ نحوه؛ وحملت عيوننا تساؤلات. لكن بين مُفارقتي لرقيب الشرطة ومقابلتي للسيد ليندسي، كنتُ قد اتخذتُ قراري، من خلال القليل من التفكير والتأمُّل، بشأن الكيفية التي ستكون عليها خطة تصرُّفي بشأن كلِّ هذا، قرارًا نهائيًّا، وتحدَّثتُ قبل أن يسأل عن أي شيء.
قلت: «كان تشيسهولم في ذلك الطريق، يتساءل إن كان يمكن أن يصل إلى سمعه أن كرون شُوهِد مع أي شخصٍ الليلة الماضية. لقد رأيت كرون الليلة الماضية. ذهبت إلى متجره، لأشتري بعض الأدوات القديمة. كان بخيرٍ آنذاك، ولم أرَ شيئًا. وقال تشيسهولم إن كرون كان يُمارس الصيد غير القانوني. من المُحتمَل أن يكون ذلك سببًا لوجوده هناك.»
قال السيد ليندسي: «عجبًا!» ثم أضاف: «لكنهم يقولون إنه تُوجَد علامات عُنف على الجثة. وخلاصة القول، يا ولدي!» وتابع، بعد أن توقَّف عن الحديث أولًا، ثم رمقني بنظرةٍ غريبة؛ «خلاصة القول، أنه من الغريب أن يلقى كرون حتفَه بالقُرب من البقعة التي عثرت فيها على جثة ذلك الرجل فيليبس! قد يكون الأمر مجرد صدفة، ولكن لا يمكن إنكار أنه أمر غريب. اذهب واطلُب لنا عربة، وسوف نذهب إلى هناك.»
عملًا بما عزمتُ عليه، لم أقل المزيد عن كرون للسيد ليندسي. كنتُ قد اتخذتُ قراري بأن أسلك مسارًا مُعينًا، وإلى أن أسلكه لم أستطِع أن أُفصِح بكلمةٍ عما كان في ذلك الوقت سرِّي أنا وحدي، لا له، ولا لأيِّ شخص، ولا حتى لمايسي دنلوب، والتي كنتُ قد تعمَّدتُ ألا أقول لها شيئًا بعدُ عن رؤيتي للسير جيلبرت كارستيرز ليلة مقتل فيليبس. وطوال الطريق إلى النُّزل، ساد الصمت بيني وبين السيد ليندسي، ولم نتحدَّث مُطلقًا عما حدث في الصباح، بشأن وصية جيلفرثويت، والظروف الغريبة لشهادة مايكل كارستيرز. لقد التزمْنا الصمت، في الواقع، حتى وصلنا إلى المكان الذي نقلوا إليه جثة كرون. كان السيد موراي والرقيب تشيسهولم قد وصلا إلى هناك قبلَنا، وكان بصُحبتهما طبيب — هو نفسه الذي أُحضِرَ من أجل فيليبس — وكانوا جميعًا يتبادلون الحديث بهدوء عندما دخلنا. ثم أقبل رئيس الشرطة على السيد ليندسي.
وهمس، وهو يُشير برأسه إلى الجثة الموضوعة على طاولة وفوقها ملاءة: «بحسب ما يقوله الطبيب هنا، ثمة شك حول ما إذا كان الرجل قد مات بسبب الغرق. انظر هنا!»
قادنا نحو الطاولة، وسحب الملاءة كاشفًا عن الرأس والوجه، وأشار إلى الطبيب أن يأتي، ثم أشار إلى علامةٍ بين الصدغ الأيسر وأعلى الأذن، حيث كان الشَّعر أقلَّ غزارة.
وتمتم: «هل ترى ذلك، الآن؟» وتابع: «ستُلاحظ أن سلاحًا ما اخترق هذا الجزء، اخترقه! لكن يمكن للطبيب أن يقول أكثرَ مما أستطيع قوله حول تلك النقطة.»
قال الطبيب: «لقد ضُرِبَ الرجل، قُتِلَ، بسلاحٍ ما.» ثم أضاف: «الرأس مُخترَقٌ، في رأيي من مجرد الفحص الظاهري، إلى المخ. ستلاحظ وجود كدمة في الخارج؛ أجل، لكن هذا كان سلاحًا حادًّا أيضًا، شيئًا ذا سنٍّ مُدبَّب، ويُوجَد ثُقب؛ لا أستطيع حتى الآن تحديد إلى أي عُمق يصِل. ولكن من ظاهر الأمور، يا سيد ليندسي، يُمكنني أن أميل إلى الرأي القائل بأن الرجل المسكين كان ميتًا، أو يحتضر، عندما أُلقي في تلك البِركة. على أي حال، بعد ضربةٍ كتلك، سيكون فاقدًا الوعي. لكنني أظنُّ أنه قد مات قبل أن تلمس جثته المياه.»
تفحَّص السيد ليندسي العلامة عن كثب، والثُّقب الموجود في وسطها.
ثم سأل فجأة: «ألم يخطُر على بالِ أيٍّ منكم الكيفية التي يمكن أن يحدُث بها ذلك؟» وتابع: «لم يخطُر على بالكم، أليس كذلك؟ إذن سأقترح عليكم شيئًا ما. تُوجَد أداةٌ شائعة الاستخدام في هذه الأنحاء من شأنها أن تُحدِثَ ذلك بالضبط؛ رُمح سلمون!»
انتفض ضابطا الشرطة، وأومأ الطبيب برأسه.
وقال: «أجل، وتلك ملاحظة معقولة.» ثم أضاف: «يمكن لرُمح سلمون أن يُحدِثَ ذلك.» والتفت إلى تشيسهولم بنظرةٍ حادة. وسأل: «كنتَ تقول إن هذا الرجل مُشتبه في ممارسته الصيدَ غير القانوني، أليس كذلك؟» وتابع: «من المُحتمَل أنه كان يمارس الصيد غير القانوني في الليلة الماضية، هو وآخرون. وربما تشاجروا وتطوَّر الأمر للعراك؛ فحدثت الجريمة!»
سأل السيد ليندسي: «هل كانت تُوجَد أيُّ آثارٍ تدل على وقوع مشاجرة عند أو بالقُرب من ضفة النهر؟»
أجاب السيد موراي: «نحن ذاهبون الآن بأنفسنا إلى هناك لنُلقي نظرة حول المكان.» ثم أضاف: «ولكن وفقًا لتورنديل، كانت الجثة طريحة في منطقةٍ عميقة في نهر تيل، تحت الأشجار على الضفة؛ وربما كانت ستظلُّ هناك لعدة أشهر لو لم يكن ذلك الفتى ماكلورايث مُحبًّا للتجول في الزوايا المُظلمة النائية. حسنًا، ها هي ذي مسألة أخرى لينظر فيها مُحقِّق الوفيات.»
عُدتُ أنا والسيد ليندسي إلى بيرويك بعد ذلك. ومجددًا، لم يتحدَّث إلا قليلًا خلال الرحلة، عدا قوله إنه سيكون من الجيد إذا تبيَّن أن هذه لم تكن سوى قضية صيدٍ جائر تورَّط فيها كرون مع بعض رفاقه؛ وطوال بقية فترةِ ما بعد الظهر لم يُبدِ لي أيَّ ملاحظاتٍ أخرى حول الأمر، ولا عن الاكتشاف الذي جرى في الصباح. لكن بينما كنتُ أُغادر المكتب ليلًا، قال لي شيئًا.
قال: «لا تقُل شيئًا عن تلك الوصية لأي شخص.» وتابع: «سأُفكِّر في هذا الأمر الليلة، وأرى ما قد أتوصَّل إليه. الأمر كما قلتَ من قبل، يا هيو؛ لكشف غموض كل هذا، علينا العودة للماضي، ربما لماضٍ بعيد.»
لم أقُل شيئًا وعُدت إلى البيت. في الوقت الحالي كان لديَّ عمل خاص بي؛ كنتُ سأنفِّذ ما كنتُ قد قرَّرته بعدما أبلغني تشيسهولم بالأخبار عن كرون. لن أُفصح عن سرِّي للسيد ليندسي، ولا للشرطة، ولا حتى لمايسي. سأذهب مباشرةً وأكشفه للرجل الوحيد المَعني به؛ السير جيلبرت كارستيرز. سأتحدَّث إليه بصراحة، وأنتهي من ذلك الأمر. وبمجرد أن تناولت العشاء، ركبتُ دراجتي، ومع اقتراب الغسَق، انطلقت إلى هاثركلو هاوس.