مُدبِّرة المنزل الأيرلندية
فوجئتُ كثيرًا من أن السيد ليندسي كان، على ما يبدو، مُتلهفًا جدًّا إلى مقابلة مدبِّرة منزل كرون، وقلتُ له ذلك. فاستدار نحوي بحدة، بنظرةٍ واعية.
وصاح: «ألم تسمع ما كانت تقوله المرأة عندما صادفناها هناك خارج قسم الشرطة؟» وتابع: «كانت تقول إن كرون قال لها إن رجلًا كان مُستعدًّا للتضحية بعينَيه كي يرى جثته! لقد أخبرها كرون بشيءٍ ما. وأنا مُقتنع للغاية بأن ذلك الرجل في الزنزانة قد أخبرنا بالحقيقة، فيما يَخصُّه، لدرجةِ أنني سأحاول اكتشافَ ما قاله لها كرون. مَن هو؛ مَن ذا الذي كان يريد أن يرى جثة كرون؟ دعنا نحاول اكتشاف ذلك.»
لم أُجِب، لكنني بدأتُ أفكر، وأتساءل أيضًا بطريقةٍ غامضة، وغير مُبهجة على الإطلاق. هل كان هذا … هل كان موت كرون، مقتل كرون، أيًّا كان، مُرتبطًا على أي نحوٍ بقضية فيليبس التي سبقته؟ هل أخبرني كرون بالحقيقة في تلك الليلة التي ذهبتُ فيها لشراء أغراض أقفاص الأرانب لتوم دنلوب؟ أم أنه أخفى شيئًا ما؟ وبينما كنتُ أُفكِّر في هذه النقاط، بدأ السيد ليندسي في الحديث مرةً أخرى.
قال: «لقد راقبتُ ذلك الرجل عن كثبٍ عندما كان يُخبرني بروايته عما حدث، وكما قلتُ للتو، أعتقد أنه أخبرنا بالحقيقة. أيًّا كان مَن قتل كرون، فهو ليس في تلك الزنزانة يا هيو، يا ولدي؛ وما لم أكن مُخطئًا كثيرًا، فإن كل هذا له صِلة بمقتل فيليبس. لكن دعْنا نسمع ما ستقوله هذه المرأة الأيرلندية.»
كان كوخ كرون عبارة عن خُصٍّ وضيع بائس يقع في زقاقٍ ضيق في جزءٍ فقير من البلدة. وعندما وصلنا إلى بابه كانت تُوجَد مجموعة من النساء والأطفال حوله، كلهم مُتلهِّفون ومُفعمون بالإثارة. لكن الباب نفسه كان مُغلقًا، ولم يُفْتَح لنا حتى ظهر وجهُ نانسي ماجواير عبر نافذة صغيرة، وتأكدت نانسي من هوية زوَّارها. وعندما سمحت لنا بالدخول، أغلقت الباب مرةً أخرى بالمزلاج.
وقالت: «أنا لم أنطق بكلمة، سيادتك، منذ أن قلتَ لي سيادتك ألا أفعل، على الرغم من أنهم في الخارج مُصمِّمون على أن أخبرهم بهذا وذاك. وما كنتُ سأقول ما قلته هناك، لو كنتُ أعرف أن سيادتك ستدعمني. كنتُ أشعر أن لا أحد سيرى العدالة تتحقَّق من أجله، هذا الرجل المسكين، الطيب!»
علَّق السيد ليندسي قائلًا: «إذا كنتِ تُريدين العدالة، أيتها المرأة الطيبة، فالزمي الصمت، ولا تتحدَّثي إلى جيرانك، ولا إلى الشرطة؛ فقط اكتُمي أي شيءٍ تعرفينه حتى أُخبركِ أن تبوحي به. الآن، إذن، ما هذا الذي كنتِ تقولينه؟ أن كرون أخبرك عن رجلٍ في المكان كان سيُضحي بعينيه ليرى جثته؟»
أجابت المرأة: «هذه الكلمات بالضبط، سيادتك؛ وليس مرةً أو مرتَين، بل قالها مرات عديدة.» وأضافت: «لقد كانت نوعًا من التلميح يُخبرني به، سيادتك؛ كانت لديه تلك الطريقة في التحدُّث.»
سأل السيد ليندسي: «منذ متى أخبرك بتلك التلميحات؟» وتابع: «هل كان ذلك مؤخرًا فقط؟»
قالت نانسي ماجواير: «كان ذلك منذ وقوع تلك الجريمة الدموية الأخرى، سيادتك.» وتابعت: «منذ ذلك الحين فقط. كان يتحدَّث عن ذلك بينما نجلس بجوار المدفأة هناك ليلًا. كان يقول: «إن شبح جريمة قتل يحوم في الأجواء.» وقال: «القتل الدموي في كل مكانٍ حولنا!» وقال: «وعليَّ أنا نفسي أن أختار خطواتي بحذَر؛ لأنه يُوجَد رجل على استعدادٍ لأن يضحي بعينَيه ليراني جثةً مُتيبسة ومُحدقة.» وقال: «أنا أعرف أكثر ممَّا يمكن أن تمتدحيني لأجله.» ولم أستطِع أن أستخلِص منه عن الأمر كلمةً واحدة أخرى.»
سأل السيد ليندسي: «ألم يُخبرك قطُّ مَن هو الرجل الذي كانت لديه مخاوف منه؟»
أجابت نانسي: «لم يفعل آنذاك، سيادتك.» ثم أضافت: «كان رجلًا كتومًا، ولم يكن يمكن معرفة شيءٍ منه أكثر مما كان يريد أن يقول.»
قال السيد ليندسي: «إذن، فقط أخبريني بالحقيقة عن شيءٍ أو شيئين.» وتابع: «كان كرون يخرج في الليل بين الحين والآخر، أليس كذلك؟»
فأجابت على الفور: «بالفعل آنذاك، كان يفعل ذلك، سيادتك.» وتابعت: «هذا صحيح، كان يخرج في الليل، بين الحين والآخر.»
قال السيد ليندسي: «ليُمارس الصيد غير القانوني، في حقيقة الأمر.»
قالت: «وتلك هي الحقيقة، سيادتك.» وتابعت: «لقد كان ماهرًا في صيد الأرانب.»
سأل السيد ليندسي: «أجل؛ لكن ألم يُحضِر إلى المنزل سمك السلمون أبدًا؟» ثم أضاف: «هيا، أفصحي عما لديكِ.»
اعترفت المرأة قائلة: «لن أُنكر ذلك أيضًا، سيادتك.» وأضافت: «لقد كان ماهرًا في ذلك أيضًا.»
تابع السيد ليندسي: «حسنًا، بشأن تلك الليلة التي مِن المُفترض أنه قُتِل فيها؛ يوم الثلاثاء الماضي؛ ونحن في يوم الخميس. هل عاد إلى البيت في ذلك المساء من متجره؟»
كنتُ أستمع في صمتٍ طوال هذا الوقت، واستمعتُ باهتمام مُضاعَف لإجابة المرأة على السؤال الأخير. فقد كان مساء الثلاثاء، حوالي الساعة التاسعة، هو التوقيت الذي أجريتُ حديثي فيه مع كرون، وكنتُ مُتلهفًا إلى معرفةِ ما حدث بعد ذلك. وردَّت نانسي ماجواير بسرعةٍ كبيرة؛ كان من الواضح أن ذاكرتها كانت صافيةً حول هذه الأحداث.
قالت: «لم يفعل آنذاك.» وتابعت: «لقد كان هنا يتناول الشاي في الساعة السادسة مساء ذلك اليوم، وخرج إلى المتجر بعد أن تناوله، ولم تقع عليه عيناي مرةً أخرى قَطُّ حيًّا، سيادتك. لم يَعُد إلى المنزل مُطلقًا في تلك الليلة، ولم يحضُر ليتناول فطوره في صباح اليوم التالي، ولم يكن في المتجر؛ ولم أسمع أيَّ أخبارٍ عنه حتى جاءوا وأخبروني بالأخبار السيئة.»
عرفت عندئذٍ ما لا بد أنه قد حدث. بعد أن تركته، مضى كرون مع النهر باتجاه تيلموث؛ كانت لديه درَّاجة قديمة للغاية ركبها إلى هناك. ومعظم الناس، بعد سماعهم اعترافات نانسي ماجواير، كانوا سيقولون إنه ذهب للصيد غير القانوني. لكنني لم أكن متأكدًا كثيرًا من ذلك. كنتُ قد بدأت أشكُّ في أن كرون لعب معي لعبةً ما، ولم يُخبرني بالحقيقة أثناء مُحادثتنا. لقد كان يعرف أكثرَ مما أفصح عنه؛ ولكن ماذا؟ ولم أستطِع أن أمنع نفسي من الشعور بأن هدفه في الانطلاق في ذلك الاتجاه، مباشرةً بعد أن تركته، ربما كان، ليس الصيد غير القانوني، ولكن شخصًا كان يرغب في إبلاغه بنتيجة حديثه معي. وفي تلك الحالة، من كان ذلك الشخص؟
لكن في هذه اللحظة كان عليَّ أن أترُك أفكاري وتكهُّناتي وشأنها، وأتابع ما كان يجري بين مديري ونانسي ماجواير. ومع ذلك بدا أن السيد ليندسي كان راضيًا عما سمعه. وقدَّم للمرأة بعض النصائح الإضافية حول عدم التحدُّث عن الأمر، وأخبرها بما يجب أن تفعله بخصوص مُتعلقات كرون، وغادر الكوخ. وعندما خرجنا إلى الشارع الرئيسي مرةً أخرى في طريق عودتنا إلى المكتب، التفت نحوي بنظرة حسم.
وقال: «لقد توصلتُ إلى نظريةٍ مؤكَّدة حول هذه القضية، يا هيو.» ثم أضاف: «وسأُراهن بخمسة جنيهات مقابل ربع بنس على أنها النظرية الصحيحة!»
قلت، وقد تحمَّست لسماع ذلك: «ما هي، يا سيد ليندسي؟»
فقال: «لقد عرف كرون هوية قاتل فيليبس.» وتابع: «والرجل الذي قتل فيليبس هو مَن قتل كرون أيضًا؛ لأن كرون كان يعلم! ذلك ما حدث، يا ولدي! والآن، إذن، مَن هو ذلك الرجل؟»
لم يكن بإمكاني إجابة مثل هذا السؤال، وتابع هو بعد برهة، وأظن أنه كان يتحدَّث إلى نفسه، بقدرِ ما كان يتحدث إليَّ.
تمتم قائلًا: «أتمنى لو كنتُ أعرف أشياء مُعينة!» وتابع: «أتمنى لو كنتُ أعرف سبب قدوم فيليبس وجيلفرثويت إلى هنا. أتمنَّى لو كنتُ أعرف ما إذا كان لجيلفرثويت أيُّ تعامُلات سرية مع كرون. أتمنَّى — أتمنَّى بالفعل! — لو كنتُ أعرف ما إذا كان يُوجَد — إذا كان يُوجد بالفعل — رجل ثالث في قضية فيليبس-جيلفرثويت هذه، تمكَّن، وما زال مُتمكنًا، من أن يبقى في الخلفية. ولكن، وسأخاطر بسُمعتي المهنية على شيءٍ واحد، أيًّا كان مَن قتل فيليبس، فهو مَن قتل أبيل كرون! إنه نفس الشخص.»
الآن، بالطبع أعرف الآن، وقد عرفت لسنوات عديدة، أنني عند هذه النقطة المفصلية تحديدًا قد ارتكبتُ خطأً فادحًا، خطأ يستحقُّ الشجب فيما يتعلق بموقفي من كل هذه القضية. عند تلك اللحظة، تحديدًا، كان يتعيَّن عليَّ أن أعترف للسيد ليندسي بكلِّ ما كنتُ أعرفه. كان يجب أن أخبره، في التو واللحظة، بما رأيته عند مُفترق الطرق ليلة مقتل فيليبس، وبمحادثتي حول ذلك مع أبيل كرون في متجره، وبزيارتي للسير جيلبرت كارستيرز في هاثركلو هاوس. لو أنني فعلت ذلك، لأصبحت الأمور أبسط، وكنا سنتجنَّب المزيد من الرُّعب والمتاعب؛ لأن السيد ليندسي كان في تلك اللحظة في بداية مسارٍ مباشر وقد أبعده صمتي عنه، ليتَّجِه إلى مساراتٍ أكثرَ اعوجاجًا وضبابية. لكن … لم أقُل شيئًا. ولماذا؟ الجواب بسيط، وينطوي على مُبرِّر الطبيعة البشرية؛ كنتُ مفعمًا للغاية بالآفاق العظيمة المُتوقَّعة من وظيفتي كمدير أعمال، وكلُّ ما ستجلبه لي، وكنت سعيدًا جدًّا بالسير جيلبرت كارستيرز وارتقائه بحظوظي، حتى إنني، وهذه هي الحقيقة المجردة، لم أستطِع أن أحمل نفسي على أن أُفكِّر، أو أشغل نفسي، بأي شيءٍ آخر. حتى ذلك الحين، بالطبع، لم أكن قد قلتُ كلمةً واحدة لأُمي أو لمايسي دنلوب عن وظيفة مدير الأعمال؛ وكنتُ متلهفًا لإخبارهما. لذلك التزمتُ الصمت ولم أقُل شيئًا للسيد ليندسي، وبعد فترةٍ انتهى العمل المكتبي لهذا اليوم ولي حرية أن أُهرع إلى البيت بأخباري العظيمة. هل من المُحتمَل أنه مع مثل هذه الأخبار كنتُ سأُزعج نفسي بعدئذٍ بشأن حياة وموت أناسٍ آخرين؟
كانت تلك، حسبما أظن، أهمَّ أُمسيةٍ قضيتها في حياتي. بادئ ذي بدء، شعرتُ كما لو أنني أصبحت فجأةً أكبر سنًّا، وأعظم مكانة، وأكثر أهميةً بكثير. أصبحت أميل إلى تَبنِّي مظهرٍ وقورٍ مع والدتي وحبيبتي، واضعًا لهما القواعد بخصوص المستقبل بطريقةٍ جعلت مايسي تسخر منِّي بسبب نبرة التفاخر التي كنت أتكلَّم بها. كان طبيعيًّا جدًّا أن أُصاب قليلًا بالتفاخر في تلك الليلة؛ وإلا فلستُ إنسانًا إن لم أفعل. لكن أندرو دنلوب خلَّصني من العجرفة عندما أخبرته أنا ومايسي بالأخبار، وشرحت له كلَّ شيءٍ في صالونه الخلفي. كان أحيانًا رجلًا مسهبًا في الكلام، وأحيانًا أخرى قليل الكلام للغاية، وعندما يتكلم قليلًا، كان يعني الكثير.
قال: «أجل!» وتابع: «حسنًا، هذا أفقٌ رائع يا هيو، يا ولدي، وأتمنَّى لك التوفيق فيه. ولكن لن يجري أيُّ حديث عن أي زواجٍ لمدة عامَين؛ لذا أخرِجا هذه الفكرة من رأسيكما، كلاكما! بعد عامَين، ستكون قد استقررتَ في وظيفتك الجديدة، وستكتشِف كيف تتناسَب مع سيدك وكيف يتناسَب معك؛ سننتهي من المراحل التمهيدية، ونرى ما تُبشِّر به الأمور في ذلك الوقت. وسنرى، أيضًا، مقدار المال الذي وفَّرتَه من راتبك يا رجل؛ لذلك لن تسمع أجراس الزفاف ترن لمدة عامَين، وستتصرفان مثل الأطفال الطيبين في غضون ذلك. أمور عديدة قد تحدُث في غضون عامَين، على ما أظن.»
ربما كان ينبغي أن يُضيف أن أمورًا عديدة قد تحدُث في غضون أسبوعين؛ وفي الواقع، كان سيصبح لديه سببٌ وجيه إن أضافها، لو كان بوسعه أن يستشرف ما كان سيحدُث بعد أيام قليلة.