تاريخ العائلة
كنتُ أراقب السيد ليندسي عن كثب، لرغبتي في ملاحظة انطباعه عن السيد جافين سميتون، ورأيه فيه، ورأيته يُصيخ السمع عند هذا الإعلان؛ إذ بدا واضحًا أنه أوحى بشيء أثار اهتمامه.
حيث صاح: «حقًّا؟» وتابع: «هل انحدر والدُك من بيرويك، أو من تلك الأنحاء؟ ألا تعرف بالضبط من أين، يا سيد سميتون؟»
أجاب سميتون، على الفور: «كلَّا، لا أعرف.» ثم أضاف: «الحقيقة، وقد تبدو غريبة، يا سيد ليندسي، هي أنني أعرف نزرًا يسيرًا عن والدي، وما أعرفه هو في الأغلب من أقوالٍ سمعتها عنه. لا أتذكَّر أنني رأيتُه من قبل. والأمر الأكثر مدعاةً للدهشة، كما ستُلاحظ، هو أنني لا أعرف إن كان حيًّا أم ميتًا!»
كان هذا، بالفعل، أمرًا يكتنِفه الغموض؛ وأخذنا أنا والسيد ليندسي، اللذان كنَّا مُطَّلعَين على تلك القضية إلى حدٍّ كبير مؤخرًا، نتبادل النظرات. ورأى سميتون أحدَنا ينظر إلى الآخر، فابتسم وتابع حديثه.
وقال: «أخذت أفكِّر في كل هذا الليلة الماضية، وخطر على بالي أن أتساءل عما إن كان ذلك الرجل، جون فيليبس، الذي كان يحمل، كما سمعت، اسمي وعنواني في جيبه، ربما كان رجلًا قادمًا لرؤيتي نيابةً عن والدي، أو — إنه أمر من الغريب تصوُّره، وبالنظر إلى ما حدث له، هو أمر مؤسف! — هل يمكن أن يكون هو والدي نفسه؟»
ساد الصمت بيننا لحظة. كان هذا منحًى جديدًا للأمر، وكان يكتنِفه غموض شديد. أما أنا، فبدأت أستجمع الأمور. وفقًا للأدلة التي حصل عليها تشيسهولم من بنك الكتان البريطاني في بيبلز، فإن جون فيليبس جاء بالتأكيد من بنما. ومن المؤكَّد بالمِثل أنه جاء من تويدسايد. وبنفس اليقين، لم يتقدَّم أحد على الإطلاق للمطالبة بميراثه، ولتأكيد صِلة القرابة به، على الرغم من وجود أوسع دعاية لظروف مَقتله. في حالة جيلفرثويت، ظهرت أخته بسرعة، لتُطالِب بميراثها. وقد ذُكِر اسم فيليبس كثيرًا في الصحف مثل جيلفرثويت؛ ولكن لم يسأل عنه أحد بعد، رغم وجود مبلغٍ نقدي كبير يخصُّه في بنك بيبلز يحقُّ لأقرب أقربائه أن يُطالبوا به. فمن هو، إذن؟
كان واضحًا أن السيد ليندسي كان مُستغرقًا في التفكير، أو ربما ينبغي أن أقول، في التخمين. وبدا أنه توصَّل إلى ما توصَّلتُ إليه؛ إلى سؤال؛ كان، بالطبع، نفس ما اقترحه سميتون بالضبط.
فقال: «قد أجيب على ذلك على نحوٍ أفضل إذا علمتُ بما يمكن أن تُخبرني به عن والدك، يا سيد سميتون.» وأضاف: «وأيضًا … عن نفسك.»
أجاب سميتون: «سأخبرك بكلِّ ما أستطيع، بكل سرور.» وأضاف: «أصدقك القول، لم أعلِّق مُطلقًا أهميةً كبيرة على هذا الأمر، على الرغم من العثور على اسمي وعنواني مع فيليبس، حتى جاء السيد مونيلوز هنا الليلة الماضية، وبعد ذلك، بعد ما قاله لي، بدأتُ في التفكير بعُمق في الأمر، وقد توصَّلتُ إلى رأيٍّ مفاده أن هذه القضية تحوي أكثرَ بكثيرٍ مما يظهر على السطح.»
قال السيد ليندسي، بفتور: «يمكنك تأكيد ذلك بثقة!» وأضاف: «هذا صحيح!»
تابع سميتون: «حسنًا … بخصوص والدي.» وأضاف: «كلُّ ما أعرفه هو هذا … وقد حصلت عليه من أقوالٍ مُرسَلة: اسمه، الاسم الذي أحمله، على أي حال، هو مارتن سميتون. ينحدِر من مكانٍ ما حول بيرويك. وإن كان ذلك على الجانب الإنجليزي أو الجانب الاسكتلندي من نهر تويد، فهذا ما لا أعرفه. لكنه ذهب إلى أمريكا عندما كان شابًّا، مع زوجةٍ شابة، وكانا في نيو أورلينز عندما وُلِدت. وبعدما وُلِدت، ماتت أمي. لذلك لم أرَها أبدًا.»
سأل السيد ليندسي: «هل تعرف اسمها قبل الزواج؟»
أجاب سميتون: «لا أعرف أكثرَ من أن اسم معموديتها كان ماري.» ثم أضاف: «سوف تكتشف أثناء مُتابعتي الحديث أنني بالتأكيد لا أعرف إلا القليل جدًّا عن أي شيء. حسنًا، عندما ماتت والدتي، من الواضح أن والدي غادر نيو أورلينز وشرع في التَّرحال. لقد استنتجتُ أنه كان يرتحل باستمرارٍ طوال الوقت؛ كان رجلًا لا يمكن أن يستقر طويلًا في مكانٍ واحد. لكنه لم يأخذني معه. كان يُوجَد رجل اسكتلندي وزوجته في نيو أورلينز تصادق والدي معهما، شخصان يحملان اسم واتسون، وقد تركني معهما، وبقيتُ في رعايتهما في نيو أورلينز حتى بلغتُ العاشرة من عمري. وعلى ما أذكر، من الواضح أنه دفع لهما مبلغًا جيدًا مقابل الاعتناء بي؛ حيث لم يحدُث مُطلقًا، في أي وقت، أيُّ تقصير في إنفاقهما المالَ عليَّ. وبالطبع، لأني لم أعرف غيرهما، نشأتُ معتبرًا واتسون أبي وزوجته أمي. وعندما كنتُ في العاشرة من عمري، عادا إلى اسكتلندا، هنا في دندي، وأتيت معهما. لديَّ رسالة أو رسالتان كتبهما والدي في ذلك الوقت يُعطي تعليماتٍ بشأنِ ما يجب فعْله معي. كان من المُفترَض أن أحصل على أفضل تعليم، بقدرِ ما أحببتُ وبقدرِ استطاعتي، وعلى الرغم من أنني في ذلك الوقت لم أكن أعرف كلَّ التفاصيل، ولا أعرفها الآن، فمن الواضح أنه زَوَّد واتسون بالكثير من المال من أجلي. جئنا إلى هنا في دندي، والتحقتُ بالمدرسة الثانوية، وظللتُ هناك حتى بلغتُ الثامنة عشرة من عمري، ثم أمضيت عامَين في الكلية الجامعية. الغريب في الأمر أنه طوال ذلك الوقت، على الرغم من أنني كنتُ أعرف أن التحويلات المنتظمة والسخية جاءت من والدي إلى عائلة واتسون من أجلي، إلا أنه لم يُعرِب قطُّ عن أي رغبات، ولم يقدِّم أي اقتراحات، بخصوصِ ما يجب أن أفعله في حياتي. لكنني كنتُ أفضِّل العمل بالتجارة؛ وعندما تركت الكلية، عملتُ بمكتبٍ هنا في المدينة وبدأتُ في دراسة التفاصيل الدقيقة للتجارة الخارجية. بعد ذلك، عندما أصبحتُ في الحادية والعشرين من عمري، أرسل لي والدي مبلغًا كبيرًا من المال — ألفي جنيه، في الواقع — قائلًا إنه من أجلي لكي أبدأ به مشروعًا تجاريًّا. أتعرف، يا سيد ليندسي؟ منذ ذلك اليوم — من عشْر سنوات — حتى هذه اللحظة، لم تصِلني منه أي رسالة.»
كان السيد ليندسي دائمًا رجلًا يقظًا خلال أيِّ مقابلة عمل، لكنني لم أرَه مُطلقًا يستمع إلى أيِّ شخصٍ بإصغاءٍ شديد مثلما كان يستمع إلى السيد سميتون. ووفقًا لطريقته المُعتادة، بدأ على الفور في طرح الأسئلة.
حيث قال: «بشأن الزوجين واتسون.» وتابع: «هل ما زالا على قيد الحياة؟»
أجاب سميتون: «كلَّا.» وأضاف: «لقد تُوفِّيا، قبل بضع سنوات.»
قال السيد ليندسي: «ذلك أمر مؤسِف.» وتابع: «ولكن ألديك ذكريات عما أخبراك به عن والدك من خلال ما كانا يتذكَّرانه عنه؟»
قال سميتون: «لم يكن لديهما الكثير ليقولاه.» ثم أضاف: «لقد تبينتُ أنهما بالفعل لم يكونا يعرفان عنه إلَّا القليل جدًّا، باستثناء أنه كان رجلًا طويل القامة، حسن المظهر، ومن الواضح أنه كان من طبقةٍ راقية وذا تعليمٍ راقٍ. وما كانا يعرفانه عن أُمي كان أقل.»
قال السيد ليندسي: «هل لدَيك رسائل من والدك؟»
أجاب سميتون: «مجرد القليل من القصاصات؛ فلم يكن قطُّ رجلًا يفعل أكثرَ من كتابةِ ما يريد إنجازه، وبإيجازٍ قدرَ الإمكان.» وأضاف ضاحكًا: «في الواقع، يمكن أن تصف رسائله لي بالغريبة. عندما وصلني المال الذي ذكرته للتو، كتب لي ملاحظةً قصيرة للغاية؛ يُمكنني تَكرار كل كلمةٍ منها، كتب: «لقد أرسلت إلى واتسون ألفي جنيه من أجلك. يمكنك أن تبدأ بها مشروعًا، لأنني سمعتُ أنك تميل إلى أن تسلك ذلك الطريق، وفي يومٍ من الأيام سآتي لزيارتك وأرى كيف تُدير أمورك.» هذا كل شيء!»
صاح السيد ليندسي مُتعجبًا: «ولم تصلك أخباره أو رسائله منذ ذلك الحين؟» وأضاف: «هذا شيء غريب. لكن، أين كان حينئذٍ؟ من أين أرسل الأموال؟»
أجاب سميتون: «نيويورك.» ثم أضاف: «الرسائل الأخرى التي تلقَّيتُها منه من أماكنَ في كلٍّ من أمريكا الشمالية والجنوبية. لقد بدا دومًا لي ولعائلة واتسون أنه لم يمكث في أيِّ مكان فترةً طويلة؛ كان دائمًا يتنقَّل.»
قال السيد ليندسي: «أودُّ أن أرى تلك الرسائل، يا سيد سميتون.» وتابع: «خاصة الرسالة الأخيرة.»
أجاب سميتون: «إنها في منزلي.» وأضاف: «سأُحضِرها إلى هنا بعد ظهر اليوم، وأريها لك إذا أتيت. لكن، هل تعتقد أن هذا الرجل فيليبس ربما كان هو والدي؟»
أجاب السيد ليندسي، بتمعُّن: «حسنًا، إنه أمر غريب أن يسحب فيليبس، أيًّا كانت هويته، خمسمائة جنيه نقدًا من بنك الكتان البريطاني في بيبلز، ويحملها معه مباشرةً إلى تويدسايد، التي تعتقد أن والدك ينحدِر منها. يبدو أن فيليبس كان ينوي أن يفعل شيئًا بتلك النقود؛ أن يُعطيها لشخصٍ ما، كما تعلم.»
قال سميتون مُعلِّقًا: «لقد قرأت وصف فيليبس في الصحف.» وتابع: «لكن، بالطبع، لم ينقل لي أيَّ انطباع.»
سأل السيد ليندسي: «ألا يُوجَد لديك صورة لأبيك؟»
أجاب سميتون: «كلَّا، ولا صورة واحدة؛ لم يكن لديَّ قط.» وتابع: «ولا أي أوراق له، باستثناء قصاصات الرسائل تلك.»
جلس السيد ليندسي في صمتٍ بعض الوقت، ينقر بطرف عصاه على الأرض ويُحدِّق في البساط.
وأخيرًا قال: «ليتنا عرفنا ما كان يريده ذلك الرجل جيلفرثويت في بيرويك وفي المقاطعة!»
قال سميتون: «لكن أليس ذلك واضحًا؟» وتابع: «كان يبحث في سجلات الأبرشية. لديَّ رغبة في أن أُجري بحثًا في تلك الأنحاء عن تفاصيل بشأن والدي.»
نظر إليه السيد ليندسي نظرةً حادة.
ثم قال بطريقةٍ ماكرة نوعًا ما: «عجبًا!» وتابع: «ولكن … أنت لا تعرف ما إذا كان اسم والدك الحقيقي هو سميتون!»
انتفضتُ أنا وسميتون نتيجة لذلك؛ لقد كانت فكرة جديدة. ورأيتُ أنها أحدثت تأثيرًا كبيرًا في سميتون.
أجاب بعد صمت: «هذا صحيح!» وتابع: «لا أعرف! ربما كان كذلك. وفي هذه الحالة، كيف يمكن للمرء أن يكتشفه؟»
نهض السيد ليندسي، وهو يهز رأسه.
وأجاب: «مهمة صعبة!» وتابع: «مهمة شاقة! سيتوجَّب عليك العودة إلى الوراء كثيرًا. لكن يمكن إنجازها. في أي وقتٍ يُمكنني أن أحضُر بعد ظهر اليوم، يا سيد سميتون، لإلقاء نظرة على تلك الرسائل؟»
أجاب سميتون: «في الساعة الثالثة.» ثم رافقنا إلى باب مكتبه، وابتسم لي. وقال: «أنت لست في أسوأ حالٍ مقارنةً بمغامرتك، كما أرى.» وتابع: «حسنًا، ماذا عن هذا الرجل كارستيرز؛ ما أخباره؟»
أجاب السيد ليندسي: «ربما نتمكَّن من إطلاعك على بعضها في وقتٍ لاحق اليوم.» وتابع: «ستأتي أخبار كثيرة عنه، بطريقةٍ أو بأخرى، قبل أن ننتهي من كل هذا.»
ثم نزلنا إلى الشارع، وبناءً على طلب السيد ليندسي اصطحبتُه إلى المرفأ، لمقابلة القبطان الودود، الذي كان سعيدًا للغاية بسرد قصة إنقاذي. وتوقَّفنا على متن سفينته للتحدُّث معه فترةً طويلة من الصباح، وكان الوقت قد تجاوز الظهر عندما عُدنا إلى الفندق لتناول طعام الغداء. وكان أول شيء رأيناه هناك برقية للسيد ليندسي. ففتح الظرف ونحن واقفان في القاعة، ولم أرَ مشكلةً في النظر من فوق كتفه وقراءة الرسالة معه.
«علمت للتو عبر التلغراف من شرطة لارجو أن يختًا صغيرًا أوصافه تطابق أوصاف يخت كارستيرز قد أحضره إلى هناك الصيادون الذين وجدوه في وقتٍ مبكر من هذا الصباح في خليج لارجو، خاليًا.»
نظر أحدنا إلى الآخر. وضحك السيد ليندسي فجأة.
وصاح: «خاليًا!» وتابع: «عجبًا! لكن هذا لا يُثبِت أن الرجل قد مات!»