الفصل الأول
المنظر الأول
(أبو ريدة فقط)
أشعار:
الشمس كور على بيوضنا
يتشمس مع نبُّوتنا
اهنا جايين وفوج النار سرموتنا
والجنة وين تفوتنا
يا بالي
أبو ريدة
(يتنهد)
:
آه! الهُب الهُب! والنبي الهُب دا أَزِيَّة، مسكين يا بو ريدة، الهُب شيطان،
الهُب دا يموِّت أبو ريدة فطيس، ويهلِّي البرابرة يئيَّتوا أليه، ويجولوا يا
هسارة يا بو ريدة! أما راه نامل إيه في الهب؟ دي مجدَّر ومكتوب فوج الجبين.
اهنا من يوم ما شفنا أم السنون الكويِّسة كأْب الهير، أجلنا طار من راسنا زي ما
يطير الأصفور، ومهناش جادرين نهوش نفسنا، وجلبنا زي هلَّة الجسيل اللي فوج
النار ومليان بالموية تجلي كدا، در در در، زي البابور، وصدرنا زي الكانون سهن
سهن، ومئدتنا بيغلي في صدرنا، نجي ننوم أيوننا يبجا مفتوه زي الفنجان، وما نشوف
في الرجاد إلَّا كأْب الهير. ياما هو جاسي الهُب (يعزم على التنفيض ثم يُمسك الريشة بالمقلوب) آه! ما جُلْنا
الهُب جننا، شوف الريش واهنا بينفَّضا، أَوَض ما يمسكها من راسه مسكها من طيسه،
الله ينأَلتوا الهُب، هو راه يجننا.
أشعار:
زينة البرابرة أبو ريدة
يا محلا ذاته وأسنانه البيضة!
نزلت بهر الهُب اسطاد له صيده
وطلعنا بكعب الخير تتمخطر
دي كعب الخير زي الخزيران
وعيونها السود عيون غزلان
صدرها مرمر ونهودها رمان
ومن خشمها العسل يتنطَّر
دي ما لها أخت في كل القاهرة
وفي الطبيخ شاطرة وماهرة
جسمها نضيف وأياديها طاهرة
اسطى في الرز واليخنى والمحمَّر
أبو ريدة
:
هس يا جدأ، ستي بنبة جات.
المنظر الثاني
بنبة
:
لسَّا ما نفضتش الأوضة؟ دا الوقت راح.
أبو ريدة
:
أهو بينفَّض يا هبيبتي.
بنبة
:
حبيبتك! أنا حبيبتك؟! مال عقلك انت اتجنيت؟! صحيح انك قليل حيا، يالله برا يا
خنزير، ما تختشيش، انت بتحسبني من الجماعة ايَّاهم اللي عندهم الأبيض والاسود
على حد سوى، أنا ما نيش منهم، يالله، رُوح من بيتي، وفتِّش لك على واحدة منهم
تسايرك.
أبو ريدة
:
أنا في أرضك يا ستي تسامهيني، اهنا بيهسبك كأْب الهير، وبنجُلِّك
هبيبتنا.
بنبة
:
بقا انت بتتمعشق مع الجارية عوض ما تنتبه لشغلك؟!
أبو ريدة
:
لا يا ستي، وهياة النبي بيشوف شجلنا، ولا بيتمعشجوش، اهنا بيهب كأْب الهير من
بئيد لبئيد، ولسَّه لليوم ما كلمناهاش يا ستي ولا كلمة واحدة، وهيات ستي سينب
والهَسَن والهُسين، الهُب يا ستي، الهُب رايح يموِّت هدَّامك فطيس.
بنبة
(في نفسها)
:
أما دا أمر غريب! صدق من قال إن الدنيا تمدِّنت، حتى إن البرابرة بتعشق
اليوم. (إلى أبو ريدة) وبدِّك إيه من كعب
الخير؟
أبو ريدة
:
اهنا يا ستي بدنا في الهَلال موش في الهرام، الهرام نهاف منه.
بنبة
:
بقا بدِّك تتجوِّز كعب الخير؟ طيب يا بني، والمرحوم قبل ما توَفَّى اعطاها
ورقة العتاقة، وكدا إذا رضْيِتْ بك مافيش مانع.
أبو ريدة
:
يا ريت يا ستي، ياريت، اهنا في أرضك كلِّميها، أهسن اهنا نستهي، ربنا يهليكي
يا ستي.
بنبة
(في نفسها)
:
أما أنا عمري ما عملت خاطبة في زماني، لكن قلبي حزن على المسكين دا، ويظهر
عليه إنه ميِّت في هوا كعب الخير.
أبو ريدة
:
بجا تجولي إيه يا ستي. أنا في أرض سرمتك، اهنا يبوس راسك تفأل المأروف دي
مَأْنا؛ لأن يا ستي إذا ما أهَدْناش كأْب الهير، جولي إننا متنا ورهنا تهت
التراب، وأمِّنا واهواتنا في البلد ما ياكلتوش البلة ولا الدهنة السنة دي،
ويهزنوا أَلى أبو ريدة يا ستي. اهنا في أرضك جوِّزينا كأْب الهير، وربنا يهنِّن
جلبك ويرزجك بواهد هواجة طيبة صاهب المال.
بنبة
(تضحك)
:
ما تفتكرش يا بو ريدة، ما لك إلَّا رضا خاطرك، ودلوقت اكلِّمها لك، وإذا
رضْيِت أنا احط لك المهر.
أبو ريدة
:
الله يهليكي، ويتره البركة فيكي يا ستي.
بنبة
:
احنا خلينا من ده دلوقت، وقول لي فاضل معاك كام من الفلوس اللي أخدتها
امبارح؟
أبو ريدة
:
اهنا هدنا منك نص البينتوا يا ستي، والنص البينتوا يا ستي سبعة وسبعين جرش
بالبيضة، في الفور ده يا ستي ميه همسة وإشرين جرش، اشترينا يا ستي سبع ترطال
لهم البيضاني، سبع جروش مادونه يا ستي، إشرين كس البرا يا ستي، إشريج تلاتين
فضة يا ستي، الموت يا ستي إشرين فضة، رطلين بصل جرشين، بدنجان الجوطة بهمسة
جروش والطماطم بهمسة جروش.
بنبة
:
انت عبيط؟! بدنجان قوطة إيه وطماطم إيه؟ ما هو كله واحد.
أبو ريدة
:
الهُب يا ستي الهُب. هلَّا أجْلنا طار. بجا جلنا طماطم بهمسة جروش، وتلت
ترجيف إيش نص فرنك يجي بالفور ده ستة جروش، إجتين فهم أربع جروش، هجَّا، كنا
رايهين ننسا الفهم هالس هالس، وجزازة نبيت يا ستي وجزازة زيت الطيبة بهمسة
وإشرين جرش، هستين يا ستي للسلطة تلاتة جروش. بجا كام كلهم ألى بعضهم؟
بنبة
:
يبقوا سبعة وستين، من ماية خمسة وعشرين يبقا فاضل معاك تمانية وخمسين.
أبو ريدة
:
جلطانين يا ستي، جلطانين، اهنا أملنا الهساب مع أهواننا دريس امباره أربع
مرات، وطلع معانا اتنين وسبعين جرش يا ستي، وإذا كنتم ما يصدقناش يالله نئيد
الهساب من طيسه، وتشوف وهياة راسك يا ستي إن أبو ريدة موش جلطان.
بنبة
(تضحك)
:
الخمس قروش الفرق يا حمار دول بتاع الطماطم اللي حسبناه مرتين.
أبو ريدة
:
صهيه يا ستي صهيه، باين أليكي الهُب ما دهلش جلبك وطيَّر راسك زي ما طيَّر
راس أبو ريدة.
بنبة
(تضحك وتقول في نفسها)
:
أما البربري دا أنا باحبه؛ لأنه بيضحَّكني ومسلِّيني على همي. (إلى أبو ريدة) طيب رُوح السوق لحسان سامعة كعب
الخير جايه علينا.
أبو ريدة
:
هاضر يا ستي هاضر، بس كلِّميها لنا؛ لأن الهُب يا ستي، واللَّه الهُب
جتلنا.
المنظر الثالث
(بنبة وكعب الخير فقط)
بنبة
:
والله، ما نيش عارفة أقول لها إيه، يخي ربنا يهون.
كعب الخير
:
يا ستي يا ستي، أبو ريدة لسة ما كنستوش ولا رهيتش في السوق تجيبي
الكُدار.
بنبة
(في نفسها)
:
دي ما بتحبوش. (إلى كعب الخير) أبو ريدة
دلوقت راح السوق، زمانو راجع.
كعب الخير
(تنظر في الأوضة)
:
يا ستي يا ستي، إنتي ما شفتيش الزبالة في المطراه؟ دا ابو ريدة جاه وجأ بطنه!
ما نفضاش كل المطراه والسِّكَّة، والله يا ستي البربري ده موش نافه، هلِّيه
يروه يجوري، ونهنا نجيب لنا واهد كدَّام جيرة يشتجلي زي كدَّام الجيران، موش
كله الكنيس والمسيخ والتنفيض والتزقيق وكب بتاع الأساري ألى راس كأْب الهير
كله، وابو ريدة موش يشتجل، بس تاكل وتشرب وإينها مفتوها للفلوس، جاتو داهية
تشيلها من البيت دي وتاكد كَبَرُه.
بنبة
(في نفسها)
:
حقَّا، موَصِّية به. (إلى كعب الخير) هوا
عمل لكي إيه لما بتكرهيه على قد كدا؟!
كعب الخير
:
كتير يا ستي؛ بربري زي دي مأفِّن يأمل لي إيه؟! جاه بلا في جتته! أنا ما
أهليش واهد بربري زي دي تأمل الحاجة يا ستي، أنا ما أهبوش جنس البرابرة.
بنبة
(في نفسها)
:
على الكلام دا الجارية بدها في مملوك! (إلى كعب
الخير) أما ابو ريدة يحبك وبدُّه يتجوِّزك، ودا ولد طيب وابن
حلال.
كعب الخير
:
إنتي جولي أبو ريدة ولد طيب وابن هلال؟ وهياتك، ده ابن هرام، مافيش في
البرابرة ابن هرام زيُّه، انتي كلِّتيني هوا تهبيني. إن كان تهبيني ما كنيش
تتكلم ويا بكيتة الجارية بتاه الجيران، وتكوليلها أُيونها زي الألماسات،
ومناكيره زي الفستجات، وكدودها زي التفَّهات. ولنا ما كلتيش أبدًا كلمة زي دول،
بجا تهبيني ازاي وبدها تتجوزيني؟ دي كدَّابة يا ستي، بس بدها تاكدي الهلق الدهب
من أودني، والشئير من رجبتي، والأسورات الفضا من إيديا وتدِّيهم كلهم لبكيتة،
وتاهديها وتروه بلادها تاكل الدهنا والبلة وتتهكو الاتنين أَلى كأْب
الهير.
بنبة
(في نفسها)
:
الجارية بتحبه بس بتغِير عليه، ادحنا رِسِينا. (إلى
كعب الخير) أنا أضْمنه يا كعب الخير، وأنا أعطيكي المهر عشرين
ريال فرانسا تحطيهم في صندوقك.
كعب الخير
:
لا يا ستي، هوا تهب بكيتة، ما تكلِّيه يجوِّزها، وانا ما تكلمنيش أنا ما
أكدوش، هلِّيني أروه المطبَهْ لهسان الوقت راه ألى الطبيك (ثم تخرج).
بنبة
:
أهو أبو ريدة رجع، لما نحكي له الحكاية.
المنظر الرابع
(أبو ريدة والمذكورة)
أبو ريدة
(يدخل في يده مقطف مليان خضار وغيره)
:
ادهنا يا ستي جينا، سوج الهدار يا سلام كان زهمه هالس هالس، هدَّامين تجي من
هنا، وطبَّاهين تروه من هناك، والكمريرات يا ستي هجَّا كانت مسَرْوَته، بيدرب
باللسان ويا الجزارين الافرنجي، وبيائين الهدار مجليين الهاجة النهار ده يا
ستي. الطبَّاهين بتاه الإفرنج هيا والهواجات والمسماسيلات ملانين السوج وواهد
هواجة من الهواجات ببرنيطة طويلة زي البلاصي مدَّ إيده جوا المجطف هطف
الهسِّطين، بَأْدين أبو ريدة هدَّامك دجُّه فوج دماجه، وهطفنا الهس هطيناه جوا
المجطف. أما الهواجة جابو لنا واهد كومسيون نسراني، والكومسيون يا ستي مسك في
هناجي، وكان بدُّه تودِّيني في السبتية، أما بلادياتنا جدئانين اهنا يا بربرة
نهب بَأْدنا، واهد ابن أَمِّي هدَّام في همارة في المسبكية يِئْرَف بلسان
النصراني رطنتو ويَّا بأْدُهم بلادياتنا والكومسيون وجابوا الهج أَلى الهواجة
وهلَّس الإبارة. بجا آوز يشوف الهدار واللهمة يا ستي.
بنبة
:
موش لازم، أنا اعرف انك جدع في مجيبة الحاجة، روح ودِّيه المطبخ، وقول لكعب
الخير تعمل لنا غدا كويس؛ لأن مدموازيل لويز ومدام بريطون متغدِّيِين
عندنا.
أبو ريدة
:
والله هسارة في المسماسيلات دول الأكل والشرب في بيتنا؛ دول ما فيهمش هير،
وما يهبُّوش الواهد لما تكون أيَّانة، يَأْني هدِّ منهم جا وطلَّ أَلِيكي يا
ستي لما كنتي أيَّانة؟! والله ما كان بيهدم رجليكي إلَّا أبو ريدة وكأْب الهير،
ولكن مسماسيلات دول مهدش شاف وشُّه واصل واصل، الله بنأَلتْهم، بس دلوجت اللي
ربنا هد بيدك مسماسيلات رايهين جايين واهد تجي في الصُّبْه والناس لسة ما
شربتوش الجهوة، وواهدين تجي جبْل الجدا لاجل ما تتجدى، وواهدات تجي في المجرب
يتَأشَّى ويأمل بيتنا زي التكية. وكمان ولا مرة مهدش قلئت إيننا بواهد فرنك.
إهنا ما لنا بس كترة جلبة مني. كيفك يا ستي؟ اهنا جولي لنا، يا ترى فتهتي
السيرة لكأْب الهير؟
بنبة
:
أيوا كلِّمْتها.
أبو ريدة
:
آه آه! يا فرهتك يا بو ريدة! وجال إيه كأْب الهير يا ستي؟ هيا ارضا؟
بنبة
:
لأ ما رضيتش.
أبو ريدة
:
ليه ارضتوش يأني بجا بيهب أهسن مننا، يمكن بيهب هدَّام من الفلَّاهين، واللهِ
جلطان، اهنا جنس بربري ما أندناش إيب والحمد لله، أبو ريدة موش ناجص منه ولا
ودن ولا إيد ولا رجل ولا سنون، بجا ما تهِبِّناش ليه؟
بنبة
:
على شان انت بتحب بخيتة يا بو ريدة.
أبو ريدة
:
تهب الجارية الأجوزة دي بتاه الجيران اهنا؟! إهس! (يبزق) ليه أنا أَميان يا ستي؟! دي مناكيره مبرطشة، وهدوده
مشججة، واسنانه مجلَّئة، وهنكه مطبج. بجا نهبه ازاي يا ستي؟!
بنبة
:
أنا باعرف؟!
أبو ريدة
:
أما انتي يا ستي، هج الهجيجة، إذا كان ما يتجوِّزناش اهنا يموِّت نفسنا، أنا
في أرضك يا ستي كلِّميها.
بنبة
:
ما انتا داخل المطبخ، قول لها انك ما بتحبش بخيتة.
أبو ريدة
:
بنستهي يا ستي.
بنبة
:
طيب رُوح.
أبو ريدة
:
طيب لكن جبْل ما نروه، اهلفي لنا بتربة المرهوم انك تهلص الإبارة دي.
بنبة
(في نفسها)
:
البربري دا زعلني. (إلى أبو ريدة) طيب
وتربة المرحوم، أفض لك العبارة دي.
أبو ريدة
:
طيب هاتي إيدك لما ابوسها (يبوس يد بنبة ثم
يخرج).
بنبة
:
أنا بيصعب عليَّ المسكين دا، ولا بد ان أعمل غاية جهدي وأرضي كعب الخير
(تنظر إلى الباب). دي مين دي اللي جاية؟
دي الحاجة مبروكة الدلَّالة. بَيِنَّها جابت فاتورة الحرير ويَّاها.
المنظر الخامس
(الحاجة مبروكة والمذكورة)
مبروكة
(تنادي على الباب)
:
دستور يا صحاب البيت.
بنبة
:
دستورك معك يا حاجة مبروكة (مبروكة
تدخل).
مبروكة
(تدخل)
:
يو! دانتي يا عيني بسم الله ما شاء الله! يا صباح النور عليكي، ازيك يا ستي
بنبة! بعد الشر عليكي! كنا سمعنا انك من غير شر العدوِّين ما انتيش ناصحة، ازيك
دلوقت موش أحسن؟
بنبة
:
الحمد لله.
مبروكة
:
الصلا على النبي أحسن! دا نهار مبارك، والله لو كنت منك يا ستي لاعلَّق لي
حتة شبَّة واتبخَّر بفاسوخ؛ لاجل ما تخزي العين عنك؛ لأن اللي صابتك يا كبدي دي
عين يا قلبي، لما بتخرجي والناس بتشوف وشِّك دا اللي زي طبق الورد بتشهق فيكي
العين، يخي الله يجازي اولاد الحرام. يعني بيجي لهم إيه من الأذية دي؟! يا ترى
راح يخسروا حاجة إن كانوا يصلوا على النبي؟! أما بركة يا ستي اللي قمتي
بالسلامة، دا ألف نهار أبيض اللي كدتي العدوِّين وخطرتي في قصرك متل عاداتك،
دانتي يا عِشتني ما لكيش حبايب، يخي ربنا أولى ومطَّلَّع لكي؛ يعني انتي
عاوزاهم في إيه خيرك بزيادة وبيتك مخزون من كله، ربنا يجعله عمار بحسِّك ولا
يحرمني من شبابك يا رب.
بنبة
:
انتي نسيتي تجيبيلي فاتورة الحرير اللي قلت لك عليها؟
مبروكة
:
يوه! انسا ازاي لا هوا أنا عندي أعز منك؟! دي معايا من نهاريها، أنا رحت اجري
على وشي لما جبتها، بس كان المدَهْول على عينه عيَّان، يا رب خلَّصني منه بساعة
رضا على خير، وان ما كنش المسخَّم على عينه عيي يا بنتي ما كنت جبتها لك من
نهاريها. (تديها الفاتورة) أهي يا ستي
اتفضلي، شفي البنفسجي دا يا محلاه! والَّا الاخضر! اسمعي كلام امك الحاجة وخدي
لك من كل لون بدلة، دا صاحبهم راجل طيب وأمير ويتوصَّا بك، يو! دا تاجر شهير
دكَّانه فيها من كلشي وعنده سَبل وبرشات، دا مافيش أخوه بلحمزاوي فاتح أربع
دكاكين.
بنبة
:
طيب اقطعي لي من كل واحدة تلاتين دراع، بس خليه يكيلهم لك طيب، ويقول لك على
آخِر السعر.
مبروكة
:
يو! يا عيني من جيهة السعر ما تفتكريش، انتي عارفاه هوَّا مين؟
بنبة
:
لا ما عرفوش.
مبروكة
:
ولا تسألنيش يا عيني عنه؟
بنبة
:
أسألك ليه أنا مستخوناكي؟
مبروكة
:
يوه! موش القصد، أنا باقول لك تسأليني لأنك لما تسمعي الاسم تعرفيه.
بنبة
:
ليه هوَّا قريبي؟
مبروكة
:
ما هوش قريبك، لكن في نفسه يقرب لك. خلِّيني أقول لك عنه، وافهِّمك بالعبارة،
بقا التاجر دا انتي تعرفيه زيادة المعرفة، دا الخواجة نخلة.
بنبة
:
أيوا احنا بنتقابل في السهرات.
مبروكة
:
حكا لي يا عيني بكُلُّه، وقال لي إنه يحبك بكل قلبه.
بنبة
:
كتَّر خيره.
مبروكة
:
كتر خيره وبس! دا رجل عدل الحبايب؛ تدخلي بيته تلاقي دلجوارِ ودلفضي
والمريات، وفرشه يا عيني اسطوفة حرير تغرق فيها النارنجة. واما يا عيني الخزاين
فيهم المكسرات بالفِرَد. وامُّه دي خلِّيها على جنب؛ تتحط عالجرح يبرا، ست
أميرة، حلاوة الدنيا فيها، ولسانها ينقَّط شَهْد، واذا قعدتي يا ستي ساعة
ويَّاها ما بدكيش تفارقيها العمر كله، يا بخت اللي تتجوِّزه وتعاشر امُّه! تبقا
عيشتها هنية. وهوَّ التاني والنبي يا بنتي وحياة من يأمِّنك على شبابك ونور
عينك وعافيتك إنه جدع زي عود الخزيران، ولسه ما دخلش دنيا وشب صغار ويهنالك.
بقا اسمعي نصيحة امك الحاجة الوليَّة الغلبانة اللي قدَّامك اللي ما تعرف تحت
ربها حيلة، وحياة اولادي يا بنتي، أنا أريد لك كل الخير.
بنبة
:
الخواجه نخلة في الواقع رجل عظيم، أما انا ما بدِّيش أتجوز.
مبروكة
:
دا حرام عليكي يا بنتي، انتي لسه شبَّة صغار وما فرحتيش بالدنيا، اقبلي على
شان خاطري، اقبلي وتعاودي تقولي الله يسترك يامه الحاجة. وتبقي تذكريني
بالخير. أيوا أيوا، أنا شايفة من عينك إنك راضية وقلبك مايل له؛ شوفي وشِّك
احمرِّ ازاي لما سمعتي سيرته! وأنا كمان قلت له يجي هنا بحجة الفواتير ودكها
الساعة أكون أنا حاضرة، وانشا الله يحصل النصيب عليدِّي، ويبقا عليكي
الحلاوة.
بنبة
:
أنا ما احبش أكسفك يامَّه الحاجة، بس بدِّي منك معروف، حقَّا إذا ما قضيتيه
ليش كأننا ما عملناش حاجة؛ لأني حلفت بتربة المرحوم، إني لازم اتمِّم.
مبروكة
:
بس قولي لي عاوزة إيه؟
بنبة
:
أبو ريدة البربري خدَّامي عاشِق كعب الخير جاريتي، وانا أوعدته وحلفت له
بتربة المرحوم إني اجوِّزها له، وهيا موش راضية.
مبروكة
:
وهوا دا كله يا عيني؟! دي حاجة فارغة، خلي العبارة دي على امك الحاجة، بقا
ادخلي افطري لك لقمة، والْبِسي واتهنْدِزي، وما لك الَّا رضا خاطرك.
بنبة
:
أنا بس ما بدِّيش اكسفك؛ لأني ما احبِّش اغمِّك.
مبروكة
:
أنا عشمي فيكي بأنك ما تكسفي نيش، قومي يا عيني قوام قوام احسن مينمتا ما هو
جاي، دا الجدع مشغول بهواكي.
بنبة
:
طيب تعالي ويايا، لما ناكل لقمة سوى، وانتي تبقي تستنِّيه على بال ما اكون
لبست هدومي وسرَّحت شعري.
مبروكة
:
طيب امَّال قوام يا لله بنا.
(ثم يخرجون وتنقفل الستارة.)