الصهيونية
تاريخها – غرضها – أهميتها «مُلخصًا عن الأنسيكلوبيديا اليهودية»
دلَّتنا الأبحاث التي دارت في مجلس الأمة حول المسألة الصهيونية أن حقيقتها ما زالت مجهولة، وأن الذين يديرون دفة السياسة في الآستانة ليس لهم وقوف تام على أهمية حركة الصهيونيين رغم كل ما كتبناه نحن وغيرنا عنها؛ فبينا نحن نتوقع من مجلس الأمة أن يعين لجنة خصوصية يَكِلُ إليها درس تاريخ الصهيونيين، والبحث عن غرضهم، وسبر غور أهمية حركتهم وعلاقتها بحياة الدولة والأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإذا بالصدر الأعظم، حقي باشا، يقول على منبر الأمة: ليست الصهيونية سوى رواية، وما القائمون بها إلا أفراد متهوسون.
فراعنا هذا الاقتناع، وعلمنا من التُّهم التي وجهتها طنين إلى الذين يطرقون هذا الموضوع أن الضعف غالب على مبادينا، وأن العثماني لا يُسلِّم بإخلاص العثماني إلا إذا انقاد إليه انقيادًا أعمى، وأن كل ما نقوله من عندياتنا وما نستنتجه من مجريات الحوادث، ومرويات التاريخ، وأقوال الكتبة الصهيونيين يُحمل على غير محمله، فعمدنا إلى مصادر يهودية شتى أخصُّها الأنسيكلوبيديا اليهودية، وفيها من الحقائق ما لا يترك مجالًا للاشتباه في حقيقة الصهيونية وأهميتها، ويقنع الصدر الأعظم بأنها أكثر من رواية يجب الحذر منها والتحوط لها، فيعلم صاحب طنين حينئذٍ أننا على هدًى، ويضم صوته إلى أصوات الذين ينذرون بخطر الصهيونية على الوطن العثماني.
وليعلم قُرَّاؤنا جميعهم ما هي الأنسيكلوبيديات نقول: هي مجموعة تواريخ وآداب وعادات ومذاهب الشعوب. تَكِل الأمم الحية تأليفها إلى نخبة من كبار علمائها، وإليها يَرْجع الباحثون والمدققون في أبحاثهم؛ لأنها تتحرى الحقائق وتدقق فيها كثيرًا.
والأنسيكلوبيديا اليهودية ألفها ستمائة من نخبة علماء اليهود تحت نظارة إدارات التأليف المشهورة في أميركا.