العودة والتاريخ
قالت الأنسيكلوبيديا، مجلد ١٢، صفحة ٦٦٧: الرجاء بعود الحياة الملية وبالرجوع إلى فلسطين، كان حيًّا في الشعب اليهودي منذ الأزمان القديمة؛ فمن بعد السبي الأول بقي اليهود في بابل يتشوفون إلى إعادة مملكتهم القديمة. كلما كثر تفرقهم من بلاد إلى أخرى، وكيفما اتسعت دائرة انتشارهم، بقي هذا الرجاء يتَّقد في صدورهم، وحاولوا من وقت إلى آخر أن يُخرجوه إلى الفعل. خراب الهيكل على يد وسباسيانس وابنه طيطس في سنة ٧٠ مسيحية كان أكبر عامل على تشتيت اليهود في أطراف الأرض الأربعة، ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى عادت آمال الاسترداد فانتعشت من جديد، وأنتجت الثورات بقيادة عقيبا وباركوخبا سنة ١١٨، وعجنت تراب فلسطين بدماء اليهود الذين حاولوا عبثًا استرداد حريتهم الملية من أيدي الرومانيين الثقيلة.
ورغم هذه الصدمات دامت فكرة الاسترداد وصارت عقيدة، وتجلَّت في آداب اليهود الشعرية والنثرية في كل الأدوار من سقوط هيكل سليمان إلى اليوم، وفي منظومات ابن غابيرول وسليمان هالاوي ويهودا هالاوي وإبراهيم بن عزرا وغيرهم ما يدل على مقدار حنين اليهود إلى فلسطين، وأسفهم على زوال أمجادهم وآمالهم باستردادها. وفي الكتابات التلمودية أيضًا ما يشير إلى عودته نظام الأشياء القديم إلى سابق حاله، وإلى استرداد الشرائع والعادات نفوذها في أحد الأزمان، وقد تكهن العلماء مرارًا في تحديد ذلك الزمن.
غير أن الأحوال الخارجية التي عاش فيها اليهود قرونًا صعبت عليهم الافتكار بإخراج ما طالما تمنوه وصلُّوا من أجله إلى الفعل، وكذلك حالت الاقتناعات الإضافية المولدة عن الاعتقادات الدينية التي غلَّفت فكرة الاسترداد دون التشبتث بأسباب فعالة، اعتقدوا أن الآلهة تقودهم؛ فبقيت لذلك الأيدي البشرية مرخية.
قام من حين إلى آخر رجال مثل شبناي زيبي في القرن السابع عشر، الذي مثل المسيا، وتظاهر بالدعوة ليعيد اليهود إلى أرض الميعاد. استعداد جماعات كثيرة من اليهود ليتبعوه لولا ظهور فساد دعوته دلَّ على حرارة إيمانهم، ومتانة اعتقادهم بالاسترداد.
ثم تطرَّقت الأنسيكلوبيديا إلى ذكر محاولة الاستعمار في فلسطين وأميركا ومحلات أخرى في القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، إلى أن قالت — في الصفحة ٦٦٨ من المجلد الثاني عشر: كان لا بد من فشل هذه المشاريع الابتدائية؛ لأن الشعب اليهودي لم يكن قد تهذب بعد إلى حد معرفة حقيقة مركزه في العالم الحديث، ولم تكن عواصف الشعور التي مرت بأوروبا قد نبهته كفاية.