الفصل الثالث
الأناجيل غير المعتمدة
***
الأناجيل غير المعتمدة، أو «الأبوكريف»، هي الأناجيل التي لا تعترف بها الكنيسة سندًا للإيمان المسيحي، وقد تأخذ بها على سبيل الاستئناس، وهي كثيرة. من أهمها إنجيل بطرس، وأناجيل الطفولة، وإنجيل توما، وإنجيل مريم، وإنجيل فيليبس.
فهناك، على سبيل المثال، الكتب المختلفة التي استُبعدت من «الكتاب المقدَّس»، ويتألف منها ما يُعرف اليوم باسم «الأبوكريف».
(١) إنجيل بطرس
(٢) إنجيل توما
في كانون الأول (ديسمبر) من عام ١٩٤٥م، بينما كان فلاح مصري يحفر باحثًا عن تربة ناعمة خصبة بالقرب من نجع حمادي بمصر العُليا، نبش عن جرَّة مصنوعة من الغضار الأحمر، اتضح أنها تحتوي على ثلاث عشرة مخطوطةً — أوراق بردي أو لفائف — محبوكة بالجلد. الفلاح، غير عارف بأهمية ما قد كشف عنه، اتَّخذ من المخطوطات وقودًا يضرم بها النار. غير أن ما بقي منها، في نهاية الأمر، جذب انتباه الخبراء. عُرضت إحداها للبيع في السوق السوداء بعد أن تم تهريبها من مصر، فتبيَّن أن جزءًا من هذه المخطوطة، التي اشترتها مؤسسة ل. غ. يونغ، يحتوي على ما بات يُعرف اليوم بإنجيل توما.
في هذه الأثناء قامت الحكومة المصرية بتأميم ما تبقَّى من مجموعة نجع حمادي في العام ١٩٥٢م. وفي عام ١٩٦١م، تنادَى فريق دولي من الخبراء إلى اجتماع لكي يتولى نَسْخ وترجمة جسم المادة برمَّتها. وفي عام ١٩٧٢م، ظهر أول مجلد في طبعة فوتوغرافية. وفي عام ١٩٧٧م، ظهرت مجموعة اللفائف كلها مترجمة إلى الإنكليزية لأول مرة.
إن مجموعة نجع حمادي، إذا أُخِذت مجتمعة، تكون مخزونًا لا يُقدَّر بثمن من الوثائق المسيحية الأولى، بعضُها قد يتمتع بمرجعية تُضاهي مرجعية الأناجيل. أكثر من هذا، بعض هذه الوثائق من حقِّه الادَّعاء بصحة فريدة خاصة، في المحل الأول، نجت من الحذف والتحريف اللذَين قامت بهما في وقت لاحق الكنيسة الرومانية، في المحل الثاني، كانت هذه الوثائق مؤلَّفة في الأصل لكي تُقرأ على جمهور مصري غير روماني، وبالتالي خلَت من الالتواءات والتحريفات التي تستريح إليها الأذن الرومانية.
(٣) إنجيل مريم
(٤) إنجيل فيليبس
في إنجيل فيليبس تظهر أسباب هذا العداء في وضوح تام، فهناك، مثلًا، تكرار لتوكيد على صورة حُجرة الزوجية. بحسب هذا الإنجيل، فعل الربُّ كل شيء سرًّا، معموديةً وتطييبًا ومناوَلةً وفداءً وحُجرةً زوجية.
وفي نقطة أخرى، يُترجَم هذا التطوير إلى صِيَغ حسيَّة: عظيمٌ هو سرُّ الزواج! من دونه ما كان للعالَم أن يُوجَد. والآن يتوقف وجود العالَم على الإنسان، ووجود الإنسان على الزواج.
(٥) أناجيل الطفولة
من الأناجيل غير المعتمدة (الأبوكريفية)، التي اشتملت عليها مجموعة نجع حمادي، أناجيل الطفولة، وفيها إنجيل يعقوب، والإنجيل المنحول إلى متَّى، وإنجيل الطفولة لتوما، وإنجيل الطفولة اللاتيني. وفيما يلي نعرض لأهمِّ ما تضمَّنه كلٌّ منها من موضوعات قد يجد القارئ فيها ما يستثير اهتمامه حين ينظر في بعض الآيات القرآنية المتعلقة بالسيد المسيح (ع).
(٥-١) إنجيل يعقوب
يقرر مجلس الكهنة حياكة ستار لهيكل الرب، فيختار لصنعه سبعًا من العذارى، كانت إحداهن مريم التي تكلف غزل خيوط القرمز والأرجوان.
(٥-٢) إنجيل متى المنحول
إنجيل الطفولة المنحول إلى متَّى هو رؤية ذات طابع شعري مستمدَّة من إنجيل يعقوب في معظم وقائعه، وقد نُحل إلى متَّى، لأنه يتَّبع المنهج نفسه الذي اتَّبعه صاحب إنجيل متَّى من حيث إسقاط نبوءات «العهد القديم» على تفصيلات من حياة يسوع، وتصوُّره الحدث بامتياز، في ذهنية كُتَّاب الأناجيل، هو الحدث الذي تُنبئ عنه الكتب، وما التاريخ إلا تحقيقٌ لسلسلة من النبوءات.
في اليوم الثالث لولادة يسوع، تخرج مريم من المغارة، وتأوي إلى زريبةٍ حيث تضع الطفل في مذود، يسجد له ثورٌ وحمارٌ لكي يتمَّ ما قِيل في أشعيا: «الثور يعرف صاحبه، والحمار يعرف مذود الرب.»
وفي الطريق إلى بيت لحم لم تترجَّل مريم عن راحلتها التماسًا للراحة في إحدى المغاور، تقعد على الأرض والطفل في حجرها، وما هو إلا أن يخرج من المغارة ثلاثة تنانين، فيصيح ثلاثة فتية كانوا مع الركب فزعًا لرؤية التنانين. يقفز يسوع من حجر أمِّه واقفًا على قدميه قُبالةَ التنانين التي ما تلبث أن تسجد له، وتنكفئ إلى الخلف لكي يتمَّ ما قِيل في النبي: «أنتنَّ يا تنانين الأرض مجِّدْن الرب، أنتنَّ التنانين وكل مخلوقات الهاوية.» ثم يتجه صوب التنانين، ويأمرها ألَّا تؤذي أحدًا، لكن مريم ويوسف يظلَّان خائفَين من أن تؤذي التنانين الطفل الذي يُطمئنهما بالقول: «لا تخافا، ولا تنظرا إلى طفلٍ صغير؛ لقد كنت دائمًا إنسانًا كاملًا، وأنا الآن كذلك؛ وإنه لأمرٌ ضروريٌّ أن تُروَّض جميع وحوش الغابة أمامي.»
في الصحراء تستظلُّ مريم بشجرة نخيل، وقد استبدَّ بها الجوع، فتشتهي أن تأكل من ثمرها. كانت النخلة عاليةً يصعُب على يوسف ومَن معه تسلُّقها، وقد كان ذلك مناسَبةً لكي يُظهر الرضيع بعض قدراته فيأمر الشجرة أن تدلي ذروتها إلى الأرض حتى تصير عند قدمَي مريم، فيأكل الجميع من شجرها ويشبعون. وعندما يحسُّون ظمأً يأمر يسوع نفس الشجرة أن تفتح تحت جذورها ساقية ماء، فتمتثل للأمر، فينبجس منها الماء رقراقًا عذبًا باردًا. يرتوي الجميع، ويحمدون الله.
العائلة المقدَّسة تجتاز الصحراء في الطريق إلى مصر، يشتدُّ عليها الحر، فيقترح يوسف على يسوع أن يتخذوا طريقًا قريبًا من البحر، يتيح لهم التماس الراحة في المُدن الساحلية، فيجيبه يسوع أن سوف يقصر رحلة الثلاثين يومًا، ويجعلها تتم في يوم واحد. وما كاد يسوع ينطق بهذا الكلام حتى بدت لهم من مصر جبالها ومُدنها.
عندما يصلون إلى إحدى مُدن مصر، يدخلون معبدًا نُصب فيه مائةٌ وخمسةٌ وستُّون صنمًا تُعبد على مدار أيام السنة، فتنكبُّ هذه الأصنام على وجوهها وتتحطم. يبلغ الخبر إلى حاكم المدينة، فيأتي إلى المعبد محفوفًا بجيشه ليرى الأصنام، وقد سُوِّيت بالأرض، فيسجد للطفل يسوع في حجر أمِّه مريم مُقرًّا بأنه لو لم يكُن الطفل إله الآلهة لما خرَّت له آلهتُنا ساجدة.
بعد إقامة قصيرة في مصر يأتي ملاك الربِّ طالبًا من يوسف أن يعود ومَن معه إلى فلسطين لأن الذين كانوا يريدون قتل الطفل قد ماتوا.
(٥-٣) إنجيل الطفولة المنحول إلى توما
-
كان الطفل يسوع في الخامسة عندما يلعب على ضفة نهر، ويصنع أحواضًا من الماء الدافق، ويجعله ماءً صافيًا، وقد كان يفعل ذلك بكلمة تخرج من فيه. ثم جَبَلَ طينًا، وصنع منه اثني عشر عصفورًا، وقد صادف أن كان ذلك في يوم سبت، وكان ثمة أطفال كثيرون يلعبون معه، سارع أحدهم إلى إخبار أبيه يوسف بأن الطفل يسوع صنع اثني عشر طيرًا من الطين وفي يوم سبت. جاء يوسف إلى المكان، ورأى ما فعل يسوع، فصاح به مؤنِّبًا: «لماذا تفعل في السبت ما لا يُباح فعله؟» فما كان من يسوع إلا أن صفق بيديه، وصاح بالعصافير أن تبرح المكان، فطارت مُزقزِقةً بعد أن دبَّت فيها الحياة. ذهل اليهود بما شاهدوا، وراحوا يروون لرؤسائهم ما فعله يسوع.
-
في إحدى المرات، بينما كان الطفل يسوع يلعب مع بعض أترابه على سطح أحد المنازل، إذا بأحدهم يسقط على السطح ميتًا، وعندما رأى سائر الأولاد ما حدث هربوا جميعًا، وبقي يسوع وحده. جاء أبوا الولد الميت يتهمان يسوع بأنه هو الذي أوقع الصبيَّ على الأرض. نفى يسوع أنه فعل ذلك، لكن الأبوين أصرَّا على اتهامه، فما كان من يسوع إلا أن قفز من على السطح، ووقف إلى جانب جثة الصبي، وصاح به: «زينون — وكان هذا هو اسمه — انهض، وقُل إن كنتُ أنا الذي رماك.» وما هو إلا أنْ وقف الصبيُّ على قدميه، وقال: «لا يا رب، إنك لم توقعني أرضًا، بل لقد أنهضتَني.» دهش الذين رأوا هذه الحادثة، ومجَّد الأبوان الله بسبب هذه الحادثة، وسجدا ليسوع.
(٥-٤) إنجيل الطفولة اللاتيني
يبدأ هذا الإنجيل بحوار بين يوسف النجار والقابلة العبرية التي جيء بها لكي تتولى توليد السيدة مريم. تسأله القابلة عمَّن تكون المرأة، فيجيبها يوسف أنها مريم التي كانت مخطوبةً إليه، مريم التي رُبِّيت في معبد الرب. تستفسره القابلة إن كانت مريم ليست زوجته، فيؤكد لها أنها كانت مخطوبةً إليه، وأنها حملت من الروح القُدُس. لكن المرأة ترتاب في قوله فيقول لها: تعالي، وانظري!
تدخل القابلة المغارة والخوف يملأ قلبها، لأن نورًا ساطعًا كان يضيء المكان، نورًا لا يخفت في النهار ولا في الليل، ما دامت مريم موجودةً في المكان. أمضت القابلة ساعاتٍ وهي ترقب حالة مريم، ثم صاحت بصوتٍ عالٍ: «رحماك أيها الربُّ الإله، فأنا لم أسمع بهذا من قبل، ولم أرَ مثله من قبل، ولا حلمت من قبل أن يمتلئ الثديان لبنًا، وأن يشهد ولدٌ لأمِّه بعد الولادة بأنها عذراء. لم تنزف دمًا عند الولادة، ولم تتألم عند الوضع. حملت وهي عذراء، وولدت وهي عذراء، وبعد أن وضعت ظلَّت كذلك عذراء …»
وفي عودةٍ إلى الوراء، تصف القابلة الجوَّ الذي رافق ولادة يسوع وصفًا تفصيليًّا:
عندما دخلت المغارة على العذراء وجدتُها تنظر إلى الأعلى، كانت تحدِّق في السماء وتتكلم مع نفسها، فأيقنتُ أنها كانت تصلِّي، وتسبِّح الله العلي. كان ثمة صمت مطبق ورهبة، الرياح ساكنة، لا نسمة تهب، ولا يُسمع حفيف الشجر، ولا خرير لحياة، ولا موج في بحر، ولا صوت يندُّ عن بشر.
عندما دنت لحظة الولادة، كانت العذراء تحدِّق في السماء، كانت أشبه شيء بشجرة الكرمة، أصبحَت بيضاء كالثلج، وأصبحَت في المتناول غاية الأشياء الطيبة. وعندما خرج النور من الرحم، سجدت مريم للذي رأته يُولد منها؛ الولد نفسه، مثل الشمس، أشعَّ منه نورٌ ساطع، بهي، لذة للناظرين، لأنه وحده بدا سلامًا، سكينة للعالم قاطعة. في تلك الساعة عندما وُلد سُمعت أصوات كائنات غير مرئية تقول بصوتٍ واحد: «آمين!» وعندما تضاعف النور كسف نور الشمس بأشعَّته الوهاجة، سطعت المغارة بالنور وانتشرت فيها رائحةٌ زكية.
ثم تتابع القابلة وصف المشهد قائلة:
غير أني وقفت مذهولةً مدهوشة، استولى عليَّ الخوف عندما كنت أحدِّق في النور الساطع الذي قد وُلد لتوِّه. غير أن النور، بعد برهة، تقلَّص لكي يتخذ هيئة ولد، وقد أصبح فعلًا ولدًا بالهيئة المعتادة للأطفال المولودين.
(٥-٥) إنجيل الطفولة العربي
من أناجيل الطفولة التي شاعت في أوساط عامة الناس؛ الإنجيل العربي الذي يتحدث عن ولادة يسوع، وعن معجزات أتى بها يسوع ومريم في مصر، ومعجزات جاء بها يسوع الطفل، وهذه الأخيرة مقتبسة من إنجيل الطفولة المنحول إلى توما، والعمل نفسه يبدو ترجمةً عن السريانية، وترجمته إلى العربية قد جعلته ميسَّرًا للنبي العربي، والذي ضُمِّن القرآنُ بعضَ ما اشتمل عليه من أقاصيص، ولا سيما خَلْقُه من الطين كهيئة الطير التي تطير بإذن الله بعد أن ينفخ فيها من روحه … وهذه الأقاصيص دخلت الأساطير الفارسية كما وصلت إلى الهند.
(٦) إنجيل راعي هرماس
يزعم هرماس أن ملاكًا زاره، وكان يرتدي لباس الراعي. قال له الملاك إنه مبعوثٌ من ملاك آخر هو الملاك المُبجَّل (ويريد به جبريل)، لكي يعيش مع هرماس حتى آخر يوم من حياته، ثم يأمره أن يدوِّن ما يمليه عليه من وصايا وأمثال. اشتمل راعي هرماس على اثنتَي عشرة وصيةً نُدرِجها فيما يلي:
-
(١)
آمِنْ قبل كل شيء بأن الله واحد، وأنه خالق كل شيء، ومنظِّم الكون، وأنه خالق الأشياء كلها من العدم. يحتوي جميع الأشياء، ولا يحتويه شيء، ولذلك وجب الإيمان به والخوف منه، ومن خشية الله يتملَّك الإنسان إيمانه.
-
(٢)
كُن مخلصًا، وبسيط التفكير، ولا تتكلمْ عن أحدٍ بسوء، ولا تستمتعْ بالاستماع إلى مَن يفعلون ذلك. افعلْ حقًّا، وتَصدَّقْ سخيًّا.
-
(٣)
كُن محبًّا للصدق.
-
(٤)
تقيَّدْ بالطهارة. وكُن نقيًّا طاهرًا، ليس فقط بالفعل، بل بالفكر أيضًا.
-
(٥)
كُن صبورًا متعقِّلًا، تجد الله في الصبر، وفي الجزع تجد الشيطان.
-
(٦)
ثِقْ بالحق، ولا تثقْ بالباطل. إن للاستقامة طريقًا مستقيمًا ومُمهَّدًا. أمَّا الباطل فطريقه مُعوَج. ثمة ملاكان يلازمان كل إنسان، أحدهما للخير والآخر للشر.
-
(٧)
ضعْ مخافة الله في قلبك، واحفظ وصاياه.
-
(٨)
أمسِكْ نفسك عن الخطأ، ولا ترتكبْ إثمًا، ولكنْ لا تتعامَ عن الحق، واعملْ بالحق، واكبحْ نفسك عن الشر، واتَّبعْ طريق الحق.
-
(٩)
أَبعِد الشكَّ عن نفسك، واطلبْ من الله دون تشكُّك، تجد الله يُنيلك كل شيء. والله ليس كالبشر الذين يحملون الضغينة والحقد، بل متسامح وشفيق بخَلْقه. ولهذا، نظِّفْ قلبك من باطل هذه الدنيا.
-
(١٠)
أَبعِد الحزن عن نفسك، فهو توءم الشكِّ والطبع السيئ.
-
(١١)
الإنسان الذي يستشير نبيًّا مزيفًا ليس إلا وثنيًّا يعوزه الصدق.
سأل هيرماسُ الملاكَ: «كيف نميز النبي الصادق من المزيَّف؟» أجاب الملاك: «إنه في الدرجة الأولى يتميز الرجل الذي يحمل روحًا من السماء، يتميز بلطفه وهدوئه وتواضعه. وهو يمتنع عن جميع الشرور والرغبات الآثمة التافهة في هذه الدنيا. لا يتكلم من نفسه، بل عندما يريده الله أن يتكلم فالسُّلطة كلها تخصُّ الله.»
أمَّا النبيُّ المزيَّف فيمجِّد نفسه، ويرغب في الجلوس في المقاعد الأمامية، ويتقبل المال من أجل ما يدَّعيه من النبوة. هل تقبل روحٌ إلهيةٌ أن تقبض المال من أجل النبوة؟ النبي المزيَّف يتجنب المستقيمين من الناس، ويعقد الصلات مع الشكَّاكين والمحتالين. يحدِّث الناس بالزيف من القول، بما يتماشى مع أهوائهم. إن سفينةً فارغة توضَعً بين سفنٍ أخرى فارغة مثلها لا تتحطم، بل تتجانس واحدتها مع الأخرى.
خُذ حجرًا واقذفْه عاليًا في السماء، ثم انظرْ إن كنت تستطيع الوصول إليه!
الأشياء الدنيوية عقيمة وضعيفة، ومن ناحية أخرى، تمسَّكْ بالسُّلطة التي تأتيك من السماء.
حبَّات البَرَد بلورات صغيرة، ومع ذلك إن سقطت على رأس إنسان تُصبْه بآلام شديدة … أو، بعبارة أخرى، انظر كيف تسقط نقطة الماء من السقف، وكيف تصنع خرقًا في الحجر. هكذا تكون السُّلطة الإلهية الآتية من السماء قوية، قادرة، جبارة.
-
(١٢)
تَجنَّبْ كل رغبة شريرة، واتخذْ لباسك من الطيِّب، والصالح من الرغبات.
خَلَق الله العالمَ من أجل الإنسان، وجعل كل مخلوقاته تخضع للإنسان، وأعطاه السُّلطة الكاملة لكي يسود على جميع الكائنات الموجودة تحت قبَّة السماء. وإن مَن يجعل الله في قلبه لقادرٌ على أن يسود على جميع الأشياء.
تَصرَّفْ، وكأنك عبدٌ لله تعالى، فالشيطان لا يستطيع أن يسيطر على عباد الله. والشيطان يستطيع أن يصارع بني البشر الصالحين، لكنه لا يستطيع التغلب عليهم.