الصوت
هذا الصوت، هذا الرَّجل، هذا المختار، التقيت به أو أرسله لي القدر ذات خوف وحزن، ذات غربة، ذات يأس. زوجي نور الدين هو الذي أتى به من المستشفى العام، وهو طبيب نفساني غريب السلوك، يقضي وقته كله بميس الأطباء؛ ليقرأ كل شيء ويُرتل القرآن ولا يذهب إلى المستشفى وليست له عيادة خارجية، وإذا ذهب إلى المستشفى فللحالات الطارئة جدًّا وحتى هذه الطوارئ، فكان غالبًا ما يعلق عليها قائلًا: هذا عبث.
ثم يأمر بتحويلها إلى طبيب مبتدئ بالمدينة ليعود إلى آياته وشعره. ولا أدري كيف تَمَكَّن زوجي من إقناعه بالحضور إلى المنزل ليفحصني، فلقد كُنتُ أُصاب بحالة من الهذيان والكوابيس من الرعب.
قلت له ونحنُ بالمحراب ذات يوم، ذات ضحى: كيف أقنعك نور الدين بالحضور إلى بيتنا لأول مرة؟
قال مبتسمًا: عيناه هما اللتان أفشتا السر.
– أي سر؟
هذا السر الذي نعايشه الآن، ثم أضاف: اللغة ليست حكرًا على اللسان، فبإمكان وحدات الجسد كلها القول، والعين كما يقول السيد المسيح: هي مصباح الجسد، هي نوره.