البنت الجميلة
كنت والمختار في طريقنا إلى بيت مايازوكوف للمشاركة في حفل وداعه، حينما تذكرت قول نوار سعد عن مايازوكوف وكيف كان يستوعبها كطفلة كبيرة مُدَلَّلة، أو كقطة مفترسة متوحشة، قال المختار: إنها جميلة كالعصافير.
قلت وبصوت حاولت أن يكون غير منحاز: هل أنت معجب بها؟
قال: ماذا تقصدين بالضبط؟
قلت — محاولة أن أكون موضوعية ما أمكن: أنت تعرف ماذا يعني أنْ تُعجب بشخص، فهناك صفات كثيرة تأسرك فيه.
ابتسم وكأنَّه فهم ما وراء القول، قولًا لم أقله، ولكني أقصده وأعنيه وأخاف من نطقه؛ لذا أضفت في ارتباك: أنا أيضًا مُعجبة بها فهي صديقتي.
في الحق تأتي لحظات عابرات بحياتي أُحِسُّ فيها أنني أحتاج أن أمتلكه تمامًا، وليس يعني هذا أني أرغبه كزوج مثلًا، ولكن أن يكون لي وحدي قلبه وفكره، وأن أكون أنا المرأة المُتكاملة في نظره ولا يجبُ عليه أن ينتبه — مجرد انتباه — لخصلة سيدة ولا لرقة أناملها عندما تصافحه ولا حتى لجمال ثوبها؛ هذا الإحساس الأناني كثيرًا ما يُعذبني وهو يعرف، وأظنُّه كان يعرف جيدًا مقدار هذا الصراع، ولكنه يتكتم على معرفته، ورُبَّما هو الآخر يحس بشيء تجاهي ولكنه يكبته، ما كنتُ سأمتنع لحظة واحدة إذا طلب فراشي، ربما لأنني أعرف أنه لن يفعل، فالعلاقة بين وبينه هي علاقة — حتى هذه اللحظة — يمكن تسميتها بعلاقة روح، وهذا ما اتفقنا عليه ضمنيًّا، أو ربما هذا ما لم نتفق عليه إطلاقًا.
ولكننا كنا ننشد الخلاص، ولو أننا نعلم أنه مثال طوباوي لا كابح لفرسات خيالاته، ولكنَّا على كل حال ماضون في سبيل الخلاص.
احتجت إليه كرجل أو لم أحتج إليه، تشهاني كأنثى أو لم يتشهني!
فأنا وهو آخر الأمر بشر من دم ولحم وأشجار في فناء محرابنا.