حزين وباهت
للاحتفال الأخير طعم مُغاير، طعم أخير حزين وباهت، للاحتفال الأخير طعم الهزيمة الحنظل.
تحدث طلابه، قالوا: إنَّه أب لنا جميعًا وصديق، وإنَّهم سيفتقدونه …
تحدث زملاؤه قالوا: إنَّ قدراته العلمية في النحت لا تحد، إنه ذو فلسفة خاصة، وإنه مرح ومجنون ومشاكس …
ثم انتقل الاحتفال من الجامعة إلى المرسم المفتوح الذي بناه مايا من ماله الخاص وأفكاره، وكان يُريد جامعة عالمية مفتوحة على الطبيعة، كجامعة طاغور بالبنغال، ودَّع مايا الحجارة المنحُوتة الملونة والكهوف، والمغارات الصناعية التي هي مشاريع تخرج طلابه، وزار نصب الحرية المشيد أعلى الكهف الكبير الذي نحته بنفسه في شكل حدأة ضخمة، تُحَلِّق عاليًا في الفضاء لها جناحا فراشة، مَخالِبها أنامل امرأة رقيقة بفمها شفتا سيدة فرغت للتو من قبلة عميقة، استمع المحتفلون للسيمفونية التاسعة لبيتهوفن بالكهف الكبير.
قال المختار: إنه يشبهني كثيرًا؛ لذا يختلف عني كثيرًا.
قال مايا: إنَّ هذه الجامعة أمانة في أعناقكم.
قال: هل تلومون عصفورًا إذا بنى عُشًّا بأشجاركم؟ هل تهدمونه إذا طار؟
ثم سأل عن نوار سعد، وقال إنه يُريد أن يودعها قبل أن يغادر البلاد الكبيرة، ربما لن يأتي مرة أخرى. قال للمختار: أنت أنا هنا، وأنا أنت هنالك، ولكن برقص مختلف، ولو أنَّ الموسيقى واحدة.
وابتسما ابتسامتين غامضتين، وفي نهاية الحفل قال مايا …
مايا العزيز: لا أدري.
ولكني سأذهب بعيدًا … سأذهب عنكم.