في الموت
أرسلت نوار سعد خطابًا تسأل فيه عن حالنا، وهل جُرفنا والغابة إلى النهر أم لا نزال متمسكين بالأرض وأشجار الدوم؟ قالت: في مدريد لا كوارث ولا أعاصير، ولا حتى انقطاع في التيار الكهربي، كل شيء مخطط ومنظم ومعروف مُسبقًا؛ قالت: نادرًا ما تفاجئنا الطبيعة بثوراتها، قالت — وهي تكتب لنا بينما يعد صديقها خوان العشاء: كم يبدو وسيمًا ووديعًا في قبحه التام، إنه أجمل قبح في العالم.
وفي صفحتين كاملتين كانت تحدثنا عن: كيف استطاع بيدرو وبجهد متواصل لمدى عشرين عامًا أن يطور أساليب المجاسدة التقليدية العادية، وإنه في طريقه لإنشاء علم يختص بممارسة الجنس، مثله مثل علوم الطبيعة والكيمياء وعلوم البحار … ثم شرحت لنا بالتفصيل أكثر الأساليب إمتاعًا وإشباعًا للرغبة الخالدة، وقالت إنها اهتمت بهذه التفاصيل رغبة منها في أن تنبهنا إلى مواطن إسرفنا في إهمالها … وعليها أن تثيرها.
قالت: سأسعد كثيرًا إذا علمتُ أنكم قد تخلصتم من رهبانيتكم وزهدكم في الجسد، تخلصتم من أوهام النيرفانا وانشغلتم بممارسة الحب، فهي قد تقربكم إلى الحقيقة أكثر مما تقربكم النيرفانا.
كتبتْ أيضًا أنها ذهبت إلى سوريا والتقت مايازوكوف وقالت: إنه حزين، وإنه يُحاول العودة عما قريب، وقالت: إن الشوق لأشجار العرديب والكهوف وأرانبه الأليفة، الشوق إلى البابايات والناس يحرقه.
وقد تزوج مايا من مُغَنِّية سورية جميلة جدًّا ذات صوت شجي، قالت إنها تغار منها، إنها تشعلها بالحقد وإنها كانت ترغب في أن تكون هي زوجة مايازوكوف، هي نفسها وليست تلك المُغنية لأنها تحس في ذاتها ألا أحد يفهم مايازوكوف خير منها، لا امرأة على وجه الأرض …
إنها تعمل الآن خبيرة في النحت القديم تابعة لمنظمة اليونسكو، ثم كتبت: قريبًا سأعود إلى البلاد الكبيرة، فقد اشتقت إليكم، لأهلي، والأخبار التي تصلنا عن البلاد الكبيرة تخيفنا.