رحلة إلى إنجلترا
مرت الأيام والأسابيع دون أن أستطيع البدء في العمل. وكنت أعلم أن هذا سيصيب المسخ بالجنون. كنت قد قرأت عن عالم في إنجلترا يدرس الجسد الأنثوي، وكنت أعرف أن دراسته سوف تساعدني في صنع زوجة المسخ. وأدركت أيضًا أنها ربما تكون فرصة جيدة للابتعاد بعض الوقت، وقد أعلل الأمر لوالدي بأنني في حاجة إلى التعلم من هذا المعلم، وقد يمنحني هذا الوقت الكافي كي أصنع هذه المسخ الجديدة بعيدًا عن أسرتي، إذ لم أشأ أن يروني في هذه الفترة.
وأملت أيضًا أن هذا قد يبعد المسخ عن إليزابيث وأبي، فلا أريده أن يؤذي أكثر أشخاص أحببتهم في حياتي.
وفي صبيحة أحد الأيام، وفيما كنا نتناول الإفطار، قلت: «أبي، أود أن أذهب إلى إنجلترا. أشعر بتحسن شديد في الآونة الأخيرة، وأرى أن هذه الرحلة ستكون نافعة لي. أريد أن ألتقي عالمًا هناك يمكن أن يساعدني في مشروع سأبدؤه.»
ابتسم أبي لي ابتسامة دافئة، وقد بدا سعيدًا وفخورًا في تلك اللحظة.
قال أبي: «حسنًا يا فيكتور. أراها فكرة رائعة، لكن لا بد أن تعدني بشيء أولًا. أنت تعلم كم كانت أمك ترغب في أن تتزوج من إليزابيث، لذا سآذن لك بالسفر إلى إنجلترا شريطة أن توافق على إتمام زواجك لدى عودتك من هناك.»
لقد أحببت إليزابيث من كل قلبي ونفسي، لكنني كنت خائفًا. لقد قتل المسخ أخي بالفعل، فماذا لو ألحق الضرر بها هي أيضًا؟ لن أسامح نفسي أبدًا إذا وقع لها أي مكروه. ابتغيت أن أتزوج إليزابيث، لكن لا بد أن أحل مشكلاتي أولًا. لم أستطع أن أخبر أبي بشأن المسخ، لذا رددت: «بالطبع، إنها فكرة رائعة.»
كان أبي سعيدًا أيما سعادة! وتحدثنا لبعض الوقت عن رحلتي، ولم يشأ أبي أن أذهب إلى إنجلترا بمفردي، لذا أرسل خطابًا إلى هنري يطلب منه أن يرافقني إلى هناك. حددنا كل شيء، وكانت إليزابيث سعيدة بمعرفتها أننا سنتزوج عن قريب، وسُر أبي بأن أسرته ستستقر عن قريب، وسافرت إلى إنجلترا.
التقيت أنا وهنري في ستراسبورج، وسافرنا في أنحاء أوروبا ورأينا العديد من المناظر الرائعة. وكان الريف الذي يفصل ما بين مسقط رأسي وإنجلترا مليئًا بالقلاع والكنائس، والمروج والغابات. لكن حتى ظُرف هنري والمناظر الخلابة لم تجعلني سعيدًا؛ إذ كنت مضطرًّا أن أبدأ عملي المشين من جديد، ولم يستطع أي شيء أن يجعلني أشعر بتحسن.
استغرقنا شهرًا كاملًا للوصول إلى لندن؛ إذ سافرنا بالعربة، وسيرًا على الأقدام، وبالقارب، لكننا وصلنا أخيرًا!