نهاية تجاربي
أوشك الوقت المعين لي في جزر أوركني على الانتهاء. كان من المفترض أن ألتقي هنري بعد أسبوع واحد قصير، وقد هطلت الأمطار طوال فترة إقامتي بأكملها تقريبًا. كانت السماء الرمادية اللون تبعث الراحة في نفسي إلى حد ما، والهواء البارد الرطب يصفي ذهني. نجح العمل وقاربت الانتهاء منه.
أخيرًا، حان الوقت. مرت ساعات على غروب الشمس وكنت أعمل في وقت متأخر من الليل، وكانت حجرتي مظلمة لأنني لم أضئ أية شموع. صرخت بصوت مرتفع: «لقد انتهيت! لقد انتهيت من صنع المسخ الثاني!»
راودني مرة أخرى نفس الشعور بالاكتئاب الذي انتابني بعدما صنعت المسخ الأول. وقفت ونظرت إليها وفي يدي المعدات التي تبعث الحياة، لكن شيئًا منعني.
لقد وافق المسخ على الرحيل، لكن «زوجته» لا تعرف أي شيء عن خططه، ولم تكن تعرف أنها صُنعت من أجله. ماذا لو لم يتبادلا الحب؟ ماذا لو لم ترغب في الرحيل معه؟ ماذا لو كانت أشر منه؟ سيكون لها عقلها الخاص، ولن تزيد قدرة المسخ على التحكم في أفعالها بعد الآن على قدرتي أنا على التحكم في أفعاله.
فكرت في نفسي: «لا، لا يمكنني أن أبعث الحياة في كائن آخر من هذه الكائنات.»
وضعت معداتي جانبًا، فلن أضرم الشرارة الأخيرة. وفجأة ظهر المسخ عبر النافذة! لقد رآني وأنا أتوقف عند اللحظة الأخيرة تمامًا، ورآني وأنا أضع المعدات جانبًا وأغادر الغرفة. هززت رأسي يمنة ويسرة كي أخبره أن الأمر قد انتهى، وأنني لن أكمل هذا المشروع. رآني المسخ، فتأوه واغتم وأجهش في البكاء، وبعدها بلحظات اندفع داخل بيتي.
قال المسخ مترجيًا: «فرانكنشتاين، لماذا لن تكمل العمل؟ لماذا لن تبعث الحياة فيها؟ لا بد أن تتم الوعد الذي قطعته لي.»
أجبته: «لن أصنع كائنًا آخر مثلك.»
قال في إصرار: «أنت مدين لي بالكثير! أنا لا أنتمي إلى هذا العالم، ووجودي هنا هو خطأ منك. إذا رفضتني أنت مثلما رفضني سائر العالم فسأمضي بقية حياتي البائسة تعيسًا ووحيدًا. ألا ترى هذا؟»
قلت في هدوء: «أنا آسف، لكنني لن أكمل هذا العمل. لن تزيد قدرتك على التحكم في هذا الكائن بعد الآن على قدرتي أنا على التحكم في أفعالك. أنت لا تعرف ما الذي قد يحدث إذا بعثت الحياة فيها. ولن أكون مسئولًا عن أي شيء آخر مثلك.»
بدا المسخ غاضبًا ومنزعجًا فقلت له: «أرجوك قدر موقفي. أعلم أنك تعيس، لكن هذا ليس الحل. والآن لا بد أن ترحل، سأغادر هذا المكان صباح الغد، ولن آخذ أي عمل معي، فلسوف يُدفن في هذه الجزر إلى الأبد.»
قال المسخ ببرود: «سوف أرحل، لكنني لن أسامحك أبدًا. لقد حنثت بوعدك، ولسوف تدفع ثمن هذا يا فرانكنشتاين، ستدفع ثمن هذا. أسرتك في خطر، وأنت في خطر. سأجعلك تذوق إحساس أن تكون وحيدًا في عالم يكرهك كل من فيه. احذرني. سأكون معك في ليلة زفافك.»
أغلق الباب بقوة وراءه ثم ركض في الظلام، وشعرت بالبرد القارس وأنا أطارده بالخارج، وقبل أن أتمكن من الإمساك به قفز المسخ إلى القارب وجدف منطلقًا عبر المياه، وبعد قليل توارى عن الأنظار وسط الأمواج فلم أعد أراه.
كان الهدوء يسود البيت، فكان الصوت الوحيد الذي أسمعه هو صوت المحيط. ودوت كلمات المسخ الأخيرة في أذني: «سأكون معك في ليلة زفافك.»
تُرى ماذا يقصد بذلك؟!
صحت في هلع: «قطعًا يريد المسخ أن يؤذي إليزابيث.» وللمرة الأولى منذ أشهر جلست وأجهشت بالبكاء. لا بد أن أمنعه بأي وسيلة ممكنة. لا بد أن أمنعه قبل أن يؤذي أي شخص أحبه في هذا العالم.