العودة إلى جنيف
بعد مرور ستة أسابيع رحبت إليزابيث بنا ترحيبًا حارًّا والدموع تملأ عينيها الزرقاوين الجميلتين. حاولت أن أكون سعيدًا أيضًا لرؤيتها، لكن ذكريات السنوات القليلة المنصرمة قهرتني، ولأيام لم أتحدث إلى أي أحد، وإنما جلست بلا حراك أنظر عبر النافذة.
وفي اليوم الثالث جلس والدي معي وقال: «أرجوك يا ولدي العزيز لقد مُنيت عائلتنا بالكثير من الخسائر. لا بد أن نتشبث بشدة بما تبقى منها، سنحظى بعالم صغير لكنه سعيد. لا بد أن تتزوج إليزابيث، لتدخل بعض البهجة إلى حياتك.»
عندئذ دوت كلمات المسخ في رأسي: «سأكون معك في ليلة زفافك.»
قلت: «أبي، أنا أحبها، لا بد أن تصدق أنني أحبها. لكن ربما لا تكون بالفكرة الصائبة أن أتزوجها. لا أظن أنني سأسعدها، فأنا في حالة نفسية سيئة.»
قال: «هذا هراء، أنت تحبها وهي تحبك. هذه خلاصة القول.»
خططنا لعرسنا وحددنا موعده، وعادة ما كانت طبيعة إليزابيث الرقيقة تهدئ من روعي. خرجنا للتمشي لمسافات طويلة وتعلمنا مرة أخرى أن ننعم بصحبة أحدنا للآخر. كنت شديد التوتر، فقد استبد بي القلق من أن يقع لها مكروه، وقد أقسمت بداخلي بأنني سأفعل كل ما بطاقتي لأضمن ألا يمسها أي أذى.
وكان يوم عرسنا رائعًا، وقد رجع أخي إيرنست من العمل بالخارج، ولم يبد أبي فخورًا في حياته كما كان في هذا اليوم. بدت إليزابيث جميلة، وتمكنت من أن أتظاهر بالسعادة من أجلها، وخططنا لقضاء شهر العسل فقررنا أن نذهب في رحلة إلى بحيرة كومو بإيطاليا، المكان الذي يحظى بمكانة خاصة لدى كل منا.
وفيما كانت تجهز ملابسنا اتخذت كل الاحتياطات اللازمة لحماية كلينا من المسخ. ولم تكن إليزابيث تدري أن ثمة خطبًا ما، وكنت أعرف أنه ليس بمقدوري اطلاعها على الأمر، فقد تخيفها هذه القصة للغاية.
غادرنا في الصباح بعدما تزوجنا، فكانت هذه هي آخر لحظات في حياتي أشعر فيها بالسعادة من كل قلبي. استمتعنا بالمناظر الجميلة واجتزنا جبال الألب الرائعة، وانتقلنا عبر أنهار ساحرة، وعبرنا حقولًا شديدة الخضرة واستمتعنا بهواء الصيف الدافئ.