حرف القاف
- القادر عايب: تعبير يعني أن من لوازم القدرة الطغيان، فمتى أحسن القادر بقدرته طغى: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ.
- قاعدة للساقطة واللاقطة: تعبير يعني أنه مترقب ترقبًا دقيقًا، لا يفوته شيء في الملاحظة.
- قاعد مطرشق: ومثله قاعد مبوز؛ أي زعلان.
- قاعد يبيع ويقيس: تعبير يعني يتصرف في دكانه كما يشاء.
- قاعد يمخخ: تقال لمن يتأمل ويتفكر ويتخيل، ويستعملون المخ للدلالة على العقل، فيقولون مخه فاضي؛ أي أبله، ومخه مليان؛ أي عقله كبير، وما فيهش مخ؛ أي مجنون، وأحيانًا يقولون مخ فقط بمعنى أنه فهمه بطيء، ودا شيء يطير المخ؛ أي العقل؛ أي يجن.
-
قافية: القافية على لسان عوام المصريين نوع من المزاح، يقول أحدهم كلمة فيرد عليه
الآخر بكلمة تثير الضحك، ولكل حرفة من الحرف قافية؛ فقافية للمزينين،
وللجزارين، ولكل شيء ولذلك يحترسون عند الكلام الجد فيقولون بلا قافية، يريد
أنه لا يمزح بل يجد، فمثلًا يقولون: رحت له وجدته واقف بلا قافية، وأعد بلا
قافية، ونام بلا قافية ومن أمثلة قول أحدهم في «قافية النحو»: كيسك! فيقول
الآخر مثلًا: اشمعنى فيقول الأول: ممنوع من الصرف، والقمل في رأسك! اشمعنى!
ساكن، راسك! اشمعنى! مبنية على الكسر، اللي على رأسك! اشمعنى! جزمة، شنبك مضاف!
اشمعنى! وشنب التيس مضاف إليه، المرض عليك! اشمعنى! ظاهر، أنت في الجهل!
اشمعنى! مركب …
ومن أمثلة قافية الحلاق: أنت في النصب! اشمعنى! أوسطى! شربك في المش! على القائم، أنت بين أصحابك! إيدك خفيفة، تقول للبيطار صلح لي … يفلوك بملقاط، عيشتك … على الناشف … في عينك … دودة، الأكلانة في ودنك … لازقة.
ومن القافية في لعب الضمنة: أحط اصباعي في عينك … تقول بوَّظ زر طربوشك … دوبارة … أصلك … دبش عيونك … شيش بيش.
ومن قافية البلاد: لما يصحوك من النوم يقولوا لك: أبو طور أبو طور، إيدك في الخطف … منصورة، الحكيم يطلع من بطنك … زقازيق، بيتكم … كفر كلاب، المزيرة تبقى لك … جدة، أحب أضربك بالمداس … نوبة، قسمتك كل يوم والثاني … في طرة … أصلكم … حرامية … بالمنشار في رقبتك … نشرت.
ومن قافية الساعة: الخيرات عن بيتكم … ممسوحة، اللي في جسمك … أفرنجي … ساكن في ذقنك … جوز عقارب، عيشتك … ما فيهاش تقديم، صنعتك مع الغجر … رقاص، يرسلوك إلى طرة … في ظرف ساعة، العفريت يشوفك يقول … ياي.
ومن قافية الكتاكيت: الفشر عندك … كتر كتر، أنت في وسط الناس … بتلقط، هدومك … خطفتها العرسة، الجزم اللي على راسك … عتاقي.
ومن قافية الهندسة: خاطرك دائمًا … منكسر، الهم على راسك … محيط، أكثر نومك … في الزاوية، أنت والحمار … متساويان.
ومن قافية الجنينة: أصل … طرح، أنت في الوساخة … مرعرع.
وهكذا في كل باب من أبواب الحياة، ومن أنواع القافية قافية تدور حول كلمة الأبعد، ومن أمثلة ذلك:
عمر الأبعد … فص ملح وداب، الأبعد بين الناس … كمالة عدد، يجوع الابن يقولوا له … موت يا حمار عقبال ما يجيلك العليق، وبين السؤال والجواب يقول المسئول اشمعنى، عمر الأبعد … شام الحمام حط الحمام، الأبعد في النعش … الجنازة حارة والميت كلب، الأبعد … يجيب بلوته لحد بيته، الحرامي في بيت الأبعد … جا نقبه على شونة، الأبعد يصبحوه أولاده ويقولوا له صباح القرود، الأبعد وكلاب الحارة … شحات يكره شحات، عمر الأبعد … هف طلع النهار، وش الأبعد والسوق … في كساد … وهكذا … ويراد بالأبعد المخاطب نفسه.
- قالت يا ما الحلاوة حلوة، قالوا دقتيها؟ قالت بنت عمي شافت اللي داقتها: تعبير يقال لمن يتكلم عن شيء على السماع من بعيد.
- قال يا داخل بين البصلة وقشرتها، قال ما ينوبك إلا ريحتها.
- قال يا ما الجمل كسر بطيخ، قال يا ما البطيخ كسر جمال: تعبير يقال عندما ينزل الشر بأحد، وهو ينزل الشر به، فكلاهما يعذر الآخر.
- قالوا للراجل يا حرامي، شرشر مَنْجله: تعبير يعني اتهموا الرجل بالسرقة، وشوهوا سمعته، فأصبح من أجل ذلك لصًّا جريئًا، يسرق علانية، فهو قد شرشر منجله علانية ليسرق به.
- قال لي وقلت له: تستعمل في كلام المصريين كأنها حكاية صغيرة كقولهم: قال لي نام علشان أذبحك، قلت له: دا شيء يطير النوم، وقال للجارية: اطبخي، قالت له: يا سيدي كلف؛ وهكذا.
- قاموس الحب: أكثر المصريين في الحب، وللحب قاموس تكثر فيه كلمات معينة، وهو الحب، الهجر، والوصال، الضنا، القلب، العذول، طول الليل، طيف الخيال، اللقاء … إلخ.
- قبارصة: يطلق المصريون هذه الكلمة على النقد المصنوع من النحاس، وأصل كلمة قبرص في اليونانية النحاس، وسميت به جزيرة قبرص؛ لأن النحاس يوجد بها بكثرة.
- قبة بلا شيخ: أحيانًا توجد قباب تبنى للفن، وقد جرت العادة أن تبنى القبة إيذانًا بأن تحتها ضريحًا، فإذا بنيت القبة وليس تحتها ضريح قالوا: قبة بلا شيخ، وتضرب للشيء له مظهر وليس له مخبر.
-
القُبلة: ويسمونها «البوسة» وهي على أشكال قبلة الرجل لزوجته، أو الرجل لحبيبته؛ وقبلة
عطف كقبلة الرجل لابنه أو بنته، وقبلة احترام كقبلة الرجل ليد أبيه وأمه، أو
الأخ الصغير للأخ الكبير، أو الشاب لرجل مسن، وقبلة الرجل الذليل يقبل الرجل
العظيم، وقبلة الذيل ويسمونه «الأتك»، ويفعلها الرجل الوضيع أو المرأة الوضيعة
لتقبيل أتك العظيم أو العظيمة، قبلة مع تذلل، يقولون: باس الرِّجل وتقدم، وباس
الرِّجل وتأخر، وقبلة ليد الإنسان ظاهرًا وباطنًا، يفعلها الرجل أو المرأة إذا
نالته نعمة كبيرة غير منتظرة على يديه، وقبلة شفوية يرسلها الرجل لحبيبته عن
بعد كأنها رسالة، واعتاد النساء أكثر من الرجال تقبيل بعضهن بعضًا عند
المقابلة، قبلة في الخد الأيمن وقبلة في الخد الأيسر.
وأكثر من القبلة الأخذ بالحضن، فيحضن الرجل الآخر إذا قدم من سفر أو غاب عنه مدة طويلة، ثم يثني بالقبلة، وقد منعت هذه العادة أيام الكوليرا خوفًا من العدوى.
واعتاد الناس في الأرياف أن يقبلوا بالطقطقة، أما في القاهرة فيقبلون بالشفتين، وضد القبلة البصق، فيتظاهر الرجل بالبصق، لارتكاب الآخر عملًا دنيئًا يستأهل عليه الاحتقار، ويفعله الرجلان إذا تسابا، وقد لا يبصق أحدهما على الآخر ولكن يبصق في الأرض، وفي العادة يكون البصق مجرد نفثة برذاذ خفيف من الفم، وقد يستغني عنه بلفظ يدل على البصق «تفو» من غير بصق عند أهل إسكندرية، على الخصوص، بعض الأحياء الوطنية في القاهرة يستعملون التشخير دلالة على الاستهزاء إذا أتى الآخر بعمل غريب؛ وأكثر من يفعل ذلك النساء عند السباب، وقد حاربت المدنية التقبيل في أوقات الوباء؛ لأنه مجلبة للعدوى ومنعت تقبيل الصغير ليد الكبير للاحترام وجعلته مقصورًا على قبلة الغرام، فليس صغير السن اليوم يقبل يد الكبير، ولا الابن الأب، ونعمة من الله إذا احترم الولد أباه من غير تقبيل اليد.
- القر: ينطقه العامة بالهمزة، ويعنون به الحسد بالكلام، فإذا مرض المريض وكان في نعمة من ناحية ما، قالوا: قر عليك الناس، يعنون أن الناس حسدوه بكلامهم، فقالوا: «ما شاء الله عليهم دول في نعمة»، ومثل ذلك، وعلاجه عندهم البخور.
-
قراءة المولد: هناك قصص كثيرة وأشعار كثيرة، وضعت في مولد النبي ﷺ، فيتغنى بها
الفقهاء في الأفراح وفي مولد النبي وفي بعض المناسبات، ويقولون في الإعلان:
إنهم سيقرءون قصة المولد النبوي.
إذا رزق بعض الفقهاء بصوت حسن تغنى بها هو وجماعته، فالرئيس يقرأ المولد ومن حين لآخر تنتهي السيرة، وبعض هذه السير ألف لأجل ذلك على أساليب فنية تناسب الغناء والصوت الجميل من التزام للسجع أو المحسنات البديعية، واشتهر بعض الفقهاء بذلك، كما اشتهر أيضًا من هذه السيرة النبوية سيرة ألفها البرزنجي يقرؤها الموالدية غالبًا، وقد التزم فيها الياء والهاء في الفقرة الأولى، كالبهية والعلية والألف والهاء في الفقرة الثانية كسناه وعلاه.
-
قراجوز: هي لعبة كانت منتشرة في مصر قبل انتشار السينما، وهي عبارة عن شاشة كشاشة
السينما، وراءها لمبة تشعل بالجاز «الكيروسين» لتضيء الشاشة إضاءة معتدلة ثم من
وراء الشاشة أيضًا أشخاص على هيئة رجال أو نساء أو أطفال مصنوعة من الجلد أو من
الورق المقوى، يتحكم فيها بواسطة الحبال التي تشد هذه التصاوير المدككة في قطعة
من القماش رجل خلف الستار، وتكون في فمه زمارة ينطق بها أو يغني بها ويتلاعب
بصوتها، فأحيانًا يظهر في صوت امرأة وأحيانًا في صوت رجل، وأحيانًا في صوت طفل،
وكلما أراد إظهار صورة شدها لتظهر أمام الجمهور، والقراجوز عادة يمثل قصة إما
من الحياة الواقعية كقصة غرام أو رمزًا لحادثة وقعت واشتغل بها الرأي العام أو
نحو ذلك، وهي عادة تكون مصحوبة بضرب من الموسيقى البلدية البدائية.
وشخصية القراجوز محبوبة جدًّا عند المصريين وخصوصًا الأطفال فهي أشبه ما تكون (بميكي ماوس)، وقد كانت لعبة القراجوز معروفة عند الأتراك من الفرس أو الصين عند طريق المغول، وتشبه قصصها قصص المحدثين، وأكثر ما تقام في ليالي رمضان وفي الأعياد، ويسمى قراجوز أحيانًا وهو علم تركي بخيال الظل، وقد استغل الصوفية هذه اللعبة في تصويرهم للحياة الدنيا فيقول أحدهم: «إنها خيال كخيال الظل» ظل زائل، وإن الناس في الدنيا كاللاعبين وراء الستار، والوجود الحقيقي لله وحده، كما استغلوا أيضًا لهذه التشبيهات دودة القز «لا تزال تنسج على نفسها حتى تموت.»
وقد قلت هذه اللعبة بغزو السينما والتمثيل لها وأصبحت في عداد التاريخ، والناس يضربونها مثلًا لمن يتحرك حركات كثيرة بهلوانية من غير فائدة، فيقولون: «هو كالقراجوز» وكثيرًا ما يمثل في الرواية رجل وامرأة، أو رجلان يدور بينهما الحوار على أشكال متنوعة، أغلب ما تكون أن تؤلف من شخصيتين أحدهما تمثل الرجل المثقف الأرستقراطي والثانية تمثل الجاهل الشعبي، والأخير هو الذي يجتذب قلوب النظارة في الغالب وتكون هي شخصية قراجوز، ولما انتقلت اللعبة من الترك إلى مصر تأثرت بالبيئة المصرية فكانت ترمز إلى أحداث مصرية هي من نسج الخيال المصري المنتزع من البيئة.
-
القرداتي: تشاهد في شوارع القاهرة وحاراتها كثيرًا من القرود مربوط بسلسلة في يد رجل
يسمى القرداتي وبيده عصا، وهو يلاعب القرود ألعابًا علمها لها، وهي تحسن ذلك
فتلعب اللعبة التي يريدها مستنتجة ذلك من حركات الرجل وكلامه، فيقول لها مثلًا
قلدي العجوز إذا عجنت أو السكران إذا تمايل، وقد يكون مع القرد حمار صغير
يشاركه اللعب فأحيانًا ينط عليه في حركات بهلوانية، وأحيانًا يلعبان معًا
ألعابًا محفوظة، وقد يكون مع القرداتي في الغالب دف يطبل به ليجمع عليه الناس
ويعين على ألعاب القردة والحمير، وكثيرًا ما تجدهم في المتنزهات والأماكن
العامة.
ومن كلماتهم المشهورة (إحنا حنقرد؟!) تقال ردًّا على من يهزل في كلامه فيطلب منه الجد، أو عندما يكلف الرجل أو المرأة بعمل سخيف.
-
القراع: ميكروب يصيب الشعر فينحله ويصير الجلد أبيض من غير شعر، وهو ميكروب يعدي، وقد
يصيب جزءًا من الرأس، وقد يصيب الرأس كله، ولم يكن لنا داع لذكره كسائر
الأمراض، غير أنه يداوونه أحيانًا بأدوية قاسية، فقد يلطخون الرأس الأقرع
بالزفت مضافًا عليه بعض الأدوية، ويغطون ذلك بطاقية، ويربطونها، ثم يتركون
الزفت أسبوعًا، ثم يخلعون الطاقية بزفتها يشدونها شدًّا، فيجد الأقرع من ذلك
ألمًا شديدًا، ويكررون هذه العملية مرارًا وقد تنجح أو لا تنجح.
وهم لا يستبشرون بالأقرع إذا اصطبحوا به ويلقبونه ﺑ «أبو زنة» فيقولون «يا أقرع يا بوزنة» وإذا لم يستحسنوا نكتة قالوا «قرعة» ومن أمثالهم: «قرعا وتتباهى بشعر بنت أختها» يضربونها لمن يتباهى بما ليس له، ومن أمثالهم أيضًا «يعاود الأقرع يفوت على بياع الطواقي» يقوله الرجل لا يحتاج إليه في وقت فينذر بأنه سيحتاج إليه في وقت ما.
ويقسمون الأصوات إلى قسمين: صوت حنين، وصوت لا حنية فيه ويقولون: إنه أقرع، ومن أغنياتهم «بنت أختي قرعا خدها الديب وطلع يرعى.»
والآن وقد تقدم الطب يمكن الاستشفاء منه بمرهم البنسلين أو السلفانا مما يخفف على الأقرع عذابه.
- القرافة: هي مدافن الموتى وتعمر عادة في مواسم خاصة كالخميس الأول من رجب وأيام الأعياد، وفي العادة تعمر أيضًا صباح يوم الجمعة فيستدعى الفقهاء للقراءة، ويفرق الفطير والشريك والفاكهة على روح الفقيد، وكان الناس عادة يبيتون فيها، وكانت تحدث فظائع من هذا المبيت، ولذلك منعته الحكومة المصرية، والعادة أن تكون بعيدة عن البيوت، ومما ينسب إليها من كبار فقهاء الشافعية المصريين «الشيخ القرافي» صاحب كتاب «المفارقات» في الفقه، واشتهرت في القاهرة جملة قرافات منها قرافة «المجاورين» و«العفيفي» وقرافة «الإمام الشافعي» وقرافة «السيدة نفيسة» وترى فيها مشاهد القبور لطبقات الشعب أرستقراطية وديموقراطية، وحيشانًا فخمة وحيشانًا متوسطة.
-
القرعة أو التجنيد أو الجهادية: يخاف المصريون كثيرًا من الجندية، ولذلك لا يتأخر عن دفع البدل كل من قدر
عليه، وقد يشوه بعضهم نفسه بقطع إصبعه أو نحو ذلك للهرب من الجندية، والسبب في
ذلك في الأغلب سوء معاملة المجندين وكتم حريتهم، وأخذهم بالنظام الشديد الذي لم
يتعودوه، وكان قديمًا كلما طلب مجندون من القرية يعمد شيخ البلد أن يفك أولادهم
بأجر ويقيد بدلًا منهم أولاد الفقراء، وللخوف من الجندية كنت قلما ترى شابًّا
صحيح الجسم، بل ترى أكثرهم أسنانه مهشمة، أو أصابعه مقطوعة، بعينيه إصابة أو
عمى، حتى لا يجند، هذا مع أن المصريين قد توالدوا إما من عرب فاتحين أو من
أقباط أسلموا أو وافدين، والإسلام نفسه يحث على الجهاد ويحبب إليه، وقد اعتادوا
أن يعفوا من القرعة من يحفظ القرآن، وأن يعفوا عرب البادية، وربما كان من أسباب
الرغبة في الأزهر الإعفاء من القرعة؛ لأنه يحفظ القرآن، ويسمى المال الذي يعطى
للإعفاء من القرعة «البدلية»، ولانتشار مرض البلهارسيا والإنكلستوما بين
الفلاحين، قل الصالحون من الشبان المصريين للجندية بالنسبة لغيرهم من
الأوروبيين.
وللمصريين أغانٍ مؤثرة، إما من الشبان في البكاء على زوجاتهم، أو من الشابات للبكاء على أزواجهن، ويوم يقبل الشاب في الجندية يكثر الصريخ من أهله كأنه مات.
وتستعمل كلمة «القرعة» بمعنى آخر، وهي أنهم إذا احتار الرجل أو المرأة في عمل يعمله أو لا يعمله، كان مما يحل الأزمة «القرعة» بواسطة ورقتين يكتب في إحداهما «نعم» وفي الأخرى «لا» ثم يطبقهما ويأخذ إحداهما؛ أو يفتح مصحفًا حيثما اتفق، وتقرأ الآية التي يقع عليها النظر، ثم يستنتج منها الرضا عن العمل أو عدمه، أو بحبات السبحة، فحبة نعم وحبة لا، ويقولون لمن اختير للعمل: وقعت عليه القرعة.
- القرعة تتباهى بشعر بنت أختها: تعبير يقال للتي تفخر بما ليس لها.
-
القرفة: يقولون للعمل إذا سار سيرًا حسنًا سهلًا «إن قرفته خفيفة»، وإذا سار سيرًا
ثقيلًا عسيرًا إن قرفته ثقيلة، وهو تعبير غريب لا أدري سببه.
ولعلهم كانوا في حفلات الذكر يوزعون القرفة على الذاكرين، فقد يجدونها خفيفة وقد يجدونها ثقيلة، فيقولون: إن القرفة ثقيلة أو خفيفة، وهو تعبير مشهور، كما يقال «إن الشاي خفيف أو ثقيل»، ولما كانت القرفة بطبعها لاذعة كانت القرفة الخفيفة خيرًا من الثقيلة، ثم نقلوا التعبير إلى المجاز، فقالوا للشيء اللطيف الخفيف الروح قرفته خفيفة، وللشيء الثقيل الروح قرفته ثقيلة؛ والله أعلم، ويكثر المصريون من شرب القرفة بدل الشاي وشبيه بها «الدارسيني».
- القرينة: يعتقد عوام الشعب أن كل إنسان يولد له قرينة، إما ذكر أو أنثى، لذلك يقولون لمن تزحلق على الأرض «اسم الله عليك وعلى أختك»، وكذلك «وقعت على أحسن منك»، وكثير من النساء يعتقدن أن أولادهن أحيانًا يبدلن بولد آخر من أولاد الجن، وقد يكون نتيجة ذلك نفورهن من أولادهن، وأحيانًا يزداد نفورهن إلى حد الفرار، وأحيانًا يشتد نفورهن فيذهبن بالولد إلى مقبرة من المقابر فيضعنه فيها وهو حي ثم يذهبن في الصباح للكشف عليه، وقد يجدنه أكله الذئب أو نحوه فيعتقدن أن الجن اختطفته، واستولى هذا الوهم مرة على بعض الرجال، فكان يعتقد أن الجن تريد أن تخطفه، فينتقل من بيت إلى بيت، ومن حجرة إلى حجرة، حتى لا يعرفوا مكانه ويضع على فراشه لحافًا على شكل رجل نائم زاعمًا أنه يخدع الجن.
-
القسم: يسمون الحلف قسمًا، ومعظم الأقسام عند المصريين القسم بالله وأحيانًا يقولون:
«والله» بعقد الهاء؛ أي دون خطفها، ويحلفون بالمشايخ، وحياة السيدة زينب، وحياة
السيد البدوي، وحياة الشيخ في نومته، ويحلفون بالآباء: وحياة أبوي، وبالشرف
فيقولون: وحياة شرفك؛ ويحلفون بالميت العزيز أو الابن العزيز الغالي، ويجري على
ألسنة الساقطين الإكثار من الحلف بالطلاق فيقولون: عليَّ «الطلاق ما فعلت كذا»،
وبعضهم يقول: عليَّ الحلال، والآخر: عليَّ الحرام، ويقال أيضًا: «وأيمان
المسلمين مجمع الطلاق العتاق»، ويحلفون بالنبي فيقولون: وحياة النبي، وأحيانًا
يشددون في ذلك فيقولون: «وحياة النبي اللي وضعت إيدي على شباكه»، ومع ذلك
التأكيد بالقسم فقد يكذبون، كالذي يقول الشاعر:
وأكذب ما يكون أبو المثنىإذا آلى يمينًا بالطلاق
وكان لي صديق رحمه الله اعتاد الحلف كثيرًا، فكان يقول: «والله العظيم ثلاثًا»، ثم يسكت قليلًا ليتذكر ما يريد أن يحلف عليه، ومن أمثالهم: «قالوا للحرامي احلف قال جالك الفرج»؛ أي إن الحلف أمر سهل لا يكلفه شيئًا، وإذا أكدوا على أحد قالوا: «حلفتك تروح» إلى آخره، ومن غريب استعمالاتهم للقسم خصوصًا في الحب قولهم: «أمانة تعمل كذا»؛ أي والله، و«أمانة يا ليل» «أمانة يا رايح يمه، تبوس لي الحِب من فمه.»
- القسمة: القسمة في كلامهم بمعنى القدر، فإذا أصيب أحد في مال أو ولد أو زرع أو تجارة قالوا: قسمة، وإذا رزق أحد بنات فقط أو بنين فقط أو بنين وبنات قالوا: قسمة، وشاعت هذه الكلمة حتى نقلت إلى اللغات الأجنبية، فاتخذوها فرقًا بين الشرق والغرب، فالشرقي يبني حياته على القسمة، والغربي يبني حياته على العلم والعمل، ويقولون: قسمته طيبة، وقسمته وحشة، وجاء في أغانيهم «ليه قسمتي كده وياك» وفي الغالب تلازمها كلمة أخرى فيقولون «قسمة ونصيب»، وكثيرًا ما تكون موضوع الاعتذار فيقولون: أهي دي القسمة، ومالكش فيها … إلخ.
-
قصب: يطلقونه على عيدان قصب السكر يستخرجون منه العسل الأسود، يأكلونه بالخبز
ويضعونه على الطحينة، فيتكون منه عسل وطحينة، ويأكلونه أيضًا بالخبز، وبوضعه
على الطحينة وتقليبهما على النار يكون منهما ما يسمى الحلاوة الطحينية، وهي
كثيرة الاستعمال إدامًا كالجبن.
والشيء الواضح عند المصريين في قصب السكر مصه بعد تقشيره، فكثيرًا ما يمصونه وهم سائرون في الشوارع، أو جالسون على نهر أو ترعة، ويستعملون مصاصة القصب والعسل الأسود في عمل السبيرتو، ومصاصة القصب من أسباب قذارة الشوارع بعد تنظيفها، ولكن من منافعها تجلية الأسنان وتقوية اللثة، ومن القصب استخدمت مصانع كثيرة في مصر لصنع السكر بعد تنقية القصب، ومن أجل ذلك اشتهرت مصر بالسكر، وقد يتخذون عصير القصب مشروبًا لذيذًا، ويصفونه لتقوية الجسم كعصير العنب، والجزء الأعلى من عود القصب يسمى زعزوعة، وقد تسب به المرأة؛ لأنها نحيفة؛ لأن المثل الأعلى عندهم أن تكون سمينة.
وتستعمل كلمة «القصب» أيضًا في الأسلاك الذهبية أو المطلية بالذهب، وتكسى بها البدل أو الفرجيات، فكان لحافظ إبراهيم رحمه الله نكتة: وهي أن بدلته لم تحل بالقصب ولكن بالزعازيع، وتستعمل كلمة «قصبة» في السب، وخصوصًا عند النساء، يقلن «جاتك قصبة» ويقولون كذلك: «قصبة الرجل»، دلالة على الجزء الأسفل من الساق، ويستعملون تعبير «مص القصب» كناية عن المصمصة لحزن، فيقولون: «قعدوا يمصوا قصب.»
-
القصص: هي خير تسلية للمصريين، ومن القصاصين نوع يغشى القهاوي ويجلس على المقاعد
العالية، ويحيط به السامعون، بينما يدخنون الشبك أو الجوزة وهم يبتهجون به
ويفرحون بقصصه. وصاحب القهوة يمنح القصاصين قليلًا من المال، ولكن ما يأخذه من
السامعين أكثر، وهؤلاء القُصَّاصُ يُسَمَّوْنَ الشعراء وبعضهم يتلو قصة أبي زيد
الهلالي — وقد يسمون أبو زيدية — وهي عشرة أجزاء أو أكثر من الحجم المعتدل،
وتشتمل على نثر وشعر. وبعض الشعر فيها قد نُسِخَ فلم يصبح موزونًا، والشاعر قد
يقرأ ممَّا يحفظه أو في كتاب، وقد كان في حارتنا شاعر يُدعى الشيخ أحمد يأتي
ومعه كتاب ملفوف فيقرأ فيه، وأحيانًا يقرأ بعضهم قصصًا أخرى كقصة سيف بن ذي
يزن، والدلهمة، وفي البيوت يقرءون ألف ليلة وليلة … وهكذا.
والفرق بينها وبين الحواديت أن الحواديت قِصَصٌ شعبية، والقصص قصص كلاسيكية، ويقولون: «قَصَّ عليه القصة من طقطق لسلام عليكم»؛ أي من أولها إلى آخرها، وطقطق حكاية دق الباب عند الدخول، وسلام عليكم كناية عن التحية عند الانصراف (انظر حواديت وشاعر).
- قضا أخف من قضا: تعبير يعني أن ما أصابني اليوم وقُضِيَ به عليَّ أَخَفُّ من قضاء أَشَدَّ منه كان يحتمل أن يجري، ومسألة القضاء داخلة في حسابهم كثيرًا، ومن هذا الباب «مين عارف كان راح يجرى إيه؟»؛ أي لعله كان سيجري شيء أكبر من ذلك، فلطف بذلك. ومن هذا الباب أيضًا: «قدَّر ولطف.»
- القضاء والقدر: يغالي المصريون في الاعتقاد بالقضاء والقدر، بل قد يُهْمِلُونَ العمل اعتمادًا على القدر، بل قد يتركون الدودة في زرع القطن والحشرات تأكل الزرع؛ لأن ما قدَّره الله يكون، ولهم حكايات كثيرة في القدر. وهو ركن كبير من أركان كتاب ألف ليلة وليلة. ومن أقوالهم المشهورة: «ما قدر يكون، ووقت القدر يعمى البصر»؛ فهم أقرب إلى الجبرية، ومن ذلك انتشر بينهم الكسل. ونسب المستشرقون إلى هذه العقيدة خمول الشرقيين؛ لأنها تحملهم على الاتِّكال والرضا بما يأتي به الدهر. ومن الغريب أن هذه العقيدة لا تمنعهم من العمل إذا جد الجد، كأن شبت نار في البيت أو هدم بيت على أصحابه أو سال ماء الفيضان؛ لأنه إذ ذاك تتجلى فيهم غريزة حب الذات وحب النوع.
- القط ما يحبش إلا خناقة: تعبير يقال للرجل أو المرأة يحب من يؤذيه.
- قعد يحقن في نفسه: تعبير يعني يحركها بما يثير الغضب والحزن.
- قعد يرطن وقعد يبرجم: تعبير يعني يتكلم في غمغمة مع غضب.
- قعد يشخط وينتر: تعبير يعني استمر يشتم ويحرك يده للتهديد.
- قعد يودي ويجيب: تعبير يعني كما تقول العرب يضرب أخماسًا في أسداس.
- القفش: في الأصل استعملت في المادة، فقالوا: قفشه، بمعنى أمسكه بعد صعوبة، ثم استعمل في المعنى بمعنى عثر منه على خطأ منطقي، أو غلطة في كلامه أو نحو ذلك، وسمَّوا الواحدة قفشة، وقالوا: قفش له جامد؛ أي قفشة قوية.
- قلُّه في وشه ولا تغشه: تعبير يعني صارحْه، ولا تخدعْه.
- قلبي على ولدي انفطر، وقلب ابني عليَّ حجر: تعبير يقال عندما يبدو عطف من الوالدين وعقوق من الولد.
- قمر الدين: هو عبارة عن المشمش يجفف ويكبس ويعمل لفافات لفافات، وهذا ينقع ويشرب أو ينقع ويطبخ، وهو كثير الاستعمال في رمضان، وخصوصًا إذا جاء رمضان في الصيف، وبعد نقعه أو طبخه يضاف إليه العسل الأسود أو السكر، وهو من لوازم رمضان كالكنافة. وكثير من الناس يُفطرون عليه في رمضان، ولعل تسميته بقمر الدين جاءت من أنه يهل على الناس في رمضان وهو شهر الدين. وتعجبني نكتة ظريفة من الشيخ طاهر الجزايرلي أنه رأى فتاة جميلة تجلس تحت شجرة فقال لها: هل تأكلين قمر الدين يا قمر الدنيا.
-
قمقم سليمان: يزعمون أن سليمان عليه السلام لما كان يستخدم الجن كان بعضهم يعصيه فيسجنه في
قمقم نحاس، ويلحمه بالنحاس المذاب، ويدفنه في باطن الأرض، فإذا فتحه أحد خرج
منه الجني نامي الجسم، أو خرج على شكل دخان يرتفع، وقد يؤذي فاتح القمقم وقد لا
يؤذيه؛ ولذلك إذا عثر بعضهم على مثل هذا القمقم لم يقرب منه. ومثل ذلك خاتم
سليمان وهو عبارة عن مثلثين أحدهما مقلوب على هذا الشكل.
ويستعمل لقضاء الحوائج.
-
القمل والبرغوث والبعوض والبق: هي من الحشرات الدنيئة، وهي كثيرة في الفلاحين، وقلَّت في المدن، والفلاحون
يعتقدون أن القمل يتولَّد من عرق الجسم، وكثيرًا ما يرى الناظر القمل يسبح على
ثياب الفلاح، وهم يشبهونه أحيانًا إذا كثُر على ثوب «بالنخالة المبذورة»، ولا
يكون كذلك إلا بعد أن ينتشر على الجسم ويمتص الدم، يقول الشاعر:
بعوض وبرغوث وبق لزِمْنَنِيحسبن دمي خمرًا فطاب لها الخمرفيرقص برغوث لزَمْرِ بعوضةوبقُّهُمُ يصغي ليسمعه الزمر
ويسمون بذور القمل «الصيبان»، والبَقُّ أكثر في المدن منه في الريف لكثرة أخشابها، وطليها بالجص ونحوه. أما في الريف فتُطلى بالطين الني والجلَّة، وهما لا يألفهما البق. واشتهرت البقة بكثرة الولادة فيقولون في المرأة الولود: «زي البقة تولد مية، وتقول يا قلة الذرية»، وقد صنعوا أحجبة لمنع البق من سكنى البيوت.
-
قنديل: كان الناس يستعملون للإنارة بالليل القناديل من الزجاج، يملأونها ماء وعلى
الماء قيراط أو قيراطان من الزيت، ثم يضعون فتيلًا يشعلونه فيمتص الزيت، وإذا
أريد زيادة الإضاءة أشعلوا أكثر من قنديل. وهناك أدوات منزلية أو مسجدية يوضع
فيها قناديل كثيرة، توجد نماذج منها في دار الآثار العربية. وسموا من ذلك
قنديل، ومحمد قنديل، وعلي قنديل. وقد قلَّت هذه القناديل الآن للإضاءة
بالكهرباء أو الكلُبَّات.
ويشبهون به الرجل الوضيء، فيقولون: فلان قنديل الحتة، ولكن يستعملون القندلة بمعنى سيئ، فيقولون بختة مقندل، وسأقندلها عليك؛ أي سأثيرها عليك حربًا شعواء، وعيشته مقندلة؛ أي بائسة. وكان الظن أن يكون غير ذلك.
- قياس الأثر: يقوم بهذا العمل في الغالب بعض الفقهاء في الأرياف، فإذا مرض واحد منهم أرسل للفقيه أثره ملفوفًا فيه شيء من النقود، فحينما يصل إليه يُعَزِّمُ واضعًا «الأثر» قريبًا من فمه، ويتمتم ثم يقبض على الأثر بيديه تاركًا بينهما مسافة ثم يقيسها بإصبعه ثم يعيد هذه المسافة، فإذا وجد أن المسافة أقل دَلَّ على قرب الشفاء، وإذا وجد أن المسافة أبعد قال: إنه يلزمه كتابة حجاب.