حرف الجيم
-
جابر: ينادي المصريون على لحم الرأس بيا جابر، وهم يحملون طبلية فيها لحم الرأس وخبز وطرشي، وكل من سمع يا جابر، فهم أنهم يبيعون لحم الرأس، ولا أدري سبب هذه التسمية، إلا أني رأيت في نوادي أبي زيد أن الخبز اسمه جابر، وأنهم ينادون عليه يا جابر، فهل هذا هو السبب؟ أو هو نداء باسم الصحابي المعروف؟ ولماذا؟ لا أدري … وأما البطاطة فينادى عليها بسيدي جابر؛ لأنها تجود في الأرض التي حوله.
-
جَاتْ على البَهْلي: تعبير يعني سافرة متزينة.
-
جات على الطبطاب: تعبير يعني جاء الشيء حسب المأمول.
-
جَا عَلَى مَلَا وشُّه: تعبير يعني بسرعة.
-
جاه الحزين يفرح، ما لقاش في القلب مطرح: تعبير يعني من كتب عليه الحزن والشقاء، لا يستطيع أن يفرح فإذا جاء الفرح إلى قلبه، لم يجد مكانًا.
-
جاه يكحَّلها عماها: تعبير يقال لمن يريد أن يصلح شيئًا فأفسده.
-
الجَبَا: يستعملها العامة بمعنى هدية، فإذا دخل القهوة رجل وكان فيها من يعرفه فإن ذلك الصاحب ينادي صاحب القهوة ويأمره بأن يعطي الداخل القهوة على حسابه، فيقدمها صاحب القهوة ويضعها أمامه ويقول له بصوت مسموع: جبا من فلان! فيقول هذا في الحال: عاش الجبا وصاحبه.
ويقولون: «أنا بأطلب منك حقي، مش بأطلب منك جبا»، ويقول الرجل لآخر: إنت جبيت عليَّ إمته؟ ما لكش جبا عليَّ … إلخ.
-
جبتك يا عبد المعين تعني لقيتك يا عبد المعين تنعان: تعبير يقال لمن أتى ليستعان به فظهر أنه ليس أهلًا للاستعانة به، بل هو جدير بأن يعان، وتسميته هنا بعبد المعين تسمية لطيفة؛ لأنه أتى به ليعين، فخير اسم له هو عبد المعين، كتسميتهم حسنًا عند نداء الجميل.
-
جحا: ليس يهمنا إن كان جحا شخصًا تاريخيًّا أو خرافيًّا، تركيًّا أو مصريًّا، فهو على كل حال شخصية في أذهان المصريين، من أهم عناصرها أنها مضحكة حكيمة، ومن عهد قديم نسبوا إليها كل ما يصدر عن المصريين الفكهين المجربين من حكايات ونوادر، وكم ملأ جحا المجالس والمسامرات بحكاياته الرائعة ونكته اللاذعة، فإذا صادف أحدهم أن حكى حكاية من حكاياته أتبعه الآخر بحكاية أقدح منها وهكذا، وكل من جرب تجربة في الحياة واستطاع أن يصوغها في قالب فكاهي وضعها وحكاها، ونسبها الناس إلى جحا وتناقلوها عنه فيما بعد.
ومن اللطيف أن حكاياته تؤثر في أعمال الناس، كما كان الشعر يؤثر في الحياة العربية، فمن تردد في أمر أيعمله أم لا يعمله ذكر حكاية من حكايات جحا فحمسته أو أقعدته، ولجحا كتاب منسوب إليه مملوء بالحكايات عنه، وقد طبع مرارًا.
-
جحا أولى بلحم توره: تعبير يعني أنه أولى باستغلال ماله من غيره، ولو كانوا أولاده أو أقاربه.
-
جدع: يقولون للشاب إذا كان ماهرًا ذا مروءة: «جدع وأصله: جذع»، وهو من النوق … ويجمعونه على جدعان.
وفي القاهرة طائفة ممن اشتهروا بالمهارة في الضرب وانقطعوا لحماية من استجار بهم يسمون «جدعان» مثل «الصعاليك» عند العرب، ويخشاهم البوليس وقد يغض النظر عنهم، ومنهم من يفتح قهاوي للحشيش، وفي الغالب يكونون أهل مروءة، قد تحتمي بهم المومسات والحشاشون والإفرنج من أصحاب القهوات ونحو ذلك.
ويظهر أنهم كانوا طائفة كبيرة ذكرهم الجبرتي كثيرًا في تاريخه، وذكرهم على الخصوص عند ذكره «كفر الطماعين» و«كفر الزغاري» وقال: إن سكانهما يميلون إلى التعصب والتخريب ويسمون «فتوات»، ويتحالفون على المغالبة والمضاربة بالعصي، وكل طائفة منهم لها كبير يدعونه العم، ويناديه كل منهم «يا عمي» وهو يدعوهم بالمشاديد، يتبعونه إذا نازل خصومه، وعندهم أن السجن شرف ومروءة يتفاخرون به، وقد يوعز الجدع منهم إلى صديق له أن يفعل فعلة يسجن عليها ليستأنس به في السجن، ويتحاشون أن يغازلوا فتاة إذا عرفوا أنها صديقة أحدهم. حكم على واحد منهم بالسجن شهرين، فلما دخل السجن ورأى ما فيه من الراحة والنظام، ورأى كثيرًا من أصحابه، تشاجر مع أحد السجانين رغبة في طول المدة، وقد قيل لرجل منهم وهو ذاهب إلى السجن: كيف فعلت هذا مع أنك غني تستطيع الإنفاق على نفسك في بحبوحة؟ فنظر إليه نظرة ازدراء وقال: إن الله أمدني بالصحة والقوة، فكيف لا أستعمل مواهبي فيما خلقت له وهي الضرب والعبث؟
-
جدوار: نبت يأتي من الهند، ويذكر كثيرًا في كتب الطب كتذكرة داود وابن البيطار، وهو مخدر كالحشيش، ويستعمل بدله إذا غاب، ولكنه أشد منه، فيصاب متعاطيه بالذهول والغيبوبة.
-
الجديد: لعبة يلعبها الأطفال خصوصًا، وهي أن يوضع شيء في إحدى اليدين بطريقة إخفاء، ثم يسأل عنها اللاعب الآخر، فإن عرفها أخذها ولعب بها، وإلا كان للاعب الحق في أن يضربه، ويطلق على نوع صغير من العملة المصرية فيقال: ليس معه ولا جديد، ويظهر أن هذا الاسم أطلق عليه في أول العهد بضربه، ثم بقي استعماله حتى بعد أن قدم.
-
الجراية: هي خبز من القمح كان يوزع على مجاوري الأزهر وعلمائه، فبعض المجاورين والعلماء لهم مقدار معين من الخبز كل يوم، من ثلاثة إلى أكثر، يذهب كل يوم، ويتسلمها، وبعضهم بعد استلامها يقف على بعض أبواب الأزهر ليأتدم بثمنه أو يدخره.
وقد بطل هذا اليوم، وحل محله قليل من المال يعطى بدلها، وقد استعار بعض الناس هذه الكلمة فأطلقوها على كل مرتب معين، كالخباز يحضر راتب الخبز، والجزار يحضر راتب اللحم، وهكذا.
-
الجرب: مرض معلوم يداويه المصريون بالكبريت المسمى بكبريت العمود، يدقونه أحيانًا ويضيفون عليه السكر ويتعاطونه، وبعضهم يجعل من مسحوقه مرهمًا، ويصيب الجمال أيضًا ويسمونه «حك» وقد كان هذا المرض منتشرًا في القاهرة بسبب القذارة، وعدم الاحتياط في الاختلاط، وكان شائعًا عندهم أن منشأ هذا المرض الجامع الأزهر لكثرة ما فيه من الأتربة والقمل والبق.
وفي سنة ١٢٩٣ انتشر هذا المرض في القاهرة بشكل وباء، ونسبوه أيضًا إلى الأزهر، وكان يعم كل من في البيت أحيانًا، وكان السودانيون إذا أصيبوا به، وظهرت قروح على أيديهم يأتون بشقفة فخار ويحكون جلدهم بقوة، حتى يسيل الدماء ويسلخ الجلد، ويأتون بملح ناعم ويذرونه عليه، ويربطونه بشاش، وبعد أيام يجف الملح، وتجف القروح … وهو علاج فظيع.
-
الجَرَّة: اعتاد المصريون أن يكسروا جرة أو قلة وراء الخارج من البيت أو المسافر إذا كان مكروهًا، ويقولون: «كسروا وراه قلة» ويعتقدون أنهم إذا فعلوا ذلك فلن يعود، واعتاد بائعو الترمس والفول «المقيلي» أن يصففوا على عربتهم قللًا صغيرة لمن يريد أن يشرب كأنها سبيل لله، كما اعتاد بائعو حَبِّ العزيز أن يبيعوه بزفة، وقد كان من عادة بعض الناس أن يصففوا أمام بيوتهم قللًا نظيفة ملأى في رمضان ليشرب منها المارُّون وقت الإفطار، وشبهوا الكمثرى بقلل الشربات، فقالوا: «زي قلل الشربات يا كمثرى» كما شبهوا التين الشوكي بكيزان العسل، وجنبة البلح ببير العسل، واشتهرت قنا بالقلل إذا حرقت تكون ذات مسام واسعة، تساعد على تبريد الماء، وكان بعض الناس يبيع قلل سمنود على أنها القلل القناوي، إذا ضبط ذلك المحتسب أوقع العقوبة على البائع.
ويحكون أن أحد الأتراك وهم من طبعهم حب السلطة، أحيل إلى المعاش، فأتى ببعض القلل يسقي به الناس إحسانًا، فإذا أراد رجل أن يشرب من قلة زجره وأمره أن يشرب من الأخرى، إظهارًا لسلطته ليس إلا، وأهل الشام يقولون: «زي قلل مصر لا جسم ولا خصر»، وكان للمصريين عناية بالقلل تدعك كل يوم بالرمل، وتنظف وتوضع في صينية الماء وتوضع الصينية في المشربيات لتبرد.
وكثيرًا ما كانت تملأ من الأزيار لتزيد برودتها.
-
جرى العَبْ: تعبير يعني أنه لا يستحق أن يهتم به.
-
جَرَى لعقلك إيه: تعبير يعني ماذا أصابك؟
-
الجرسة: تستعمل في اللغة العامية بمعنى الفضيحة يقولون: «دي تبقى جرسة وهتيكة»، وقد كانت في الزمن الماضي إحدى العقوبات؛ فكان الحكام الأتراك إذا أرادوا التشهير بمذنب أركبوه ووجهه إلى ذيل الحمار، ويصيح الأطفال صيحات مناسبة، فإن كان لصًّا جعلوه يمسك الحلي أو النقود التي سرقها ويقولون: الحرامي أهوه … ونحو ذلك، وإذا كانت الجريمة زنا، شهروه بكلمات تدل على عمله.
ويظهر أن الكلمة مأخوذة من الجرس، وهو الصوت.
وقد انصرفت الكلمة في هذه الأيام إلى التشهير بالمجرمين في الجرائد الهزلية بذكر أسمائهم وأفعالهم.
-
الجزَّار: في ليلة العيد الكبير، وفي صبحه بعد صلاة العيد تسمع منادين: جزار، جزار؛ ينادون الناس ليذبحوا ضحية العيد، وبعد ذلك بقليل تسمع منادين آخرين ينادون: فروة للبيع، جلد للبيع، فيشترون جلد الخروف المسلوخ وفروته بثمن بخس.
وقد جرت عادة لطيفة، وهي أن يتبرع المضحون بها لجمعية الإسعاف، وهم يبيعونها بأثمان معتدلة تضم إلى مالية الجمعية، وهذه الفراوي والجلود تدبغ في المدابغ العامة، فتستعمل الفراوي في البيوت للجلوس عليها شتاء، أو تحت أرجل المترفين في السيارات، أما الجلود فتدبغ لاستعمالها في النعال.
-
جزاك يا قلب تستاهل كلام الناس وتعذيبك تظن الحب بالساهل وتمشي لي على كيفك: في هذا جملة تعبيرات شعبية، فأولها جزاك؛ أي كما تقول جزاء وفاقًا، وتستاهل؛ أي تستحق، وهي عربية الأصل وكانت بالهمزة وسهلت وتظن الشيء بالساهل، وتمشي على كيفك؛ أي تبعًا لهواك.
-
الجزع: يستعملونها أحيانًا بالمعنى اللغوي وهو شدة الحزن، وأحيانًا يستعملونها استعمالًا آخر فيقولون: جزعت نفسي؛ أي جاشت، وهم يداوون هذا الجزع بليمونه، قد يضيفون قليلًا من الملح أو من غير الملح بها، ويداوونه أحيانًا دواء خرافيًّا، وذلك أن يضعوا قشة في لباس رأس كعمامة أو طربوش أو طاقية ويأمرون صاحبه بتحديد النظر إليه، يقصدون بذلك أن يحصر نفسه في النظر إليها من غير أن يفكر في هذا الجشيان.
وأما الجزع بالمعنى الأول فهو ظاهرة من ظواهر المصريين نتيجة للغلو في العاطفة، سواء في السرور أو الحزن، فإذا فرحوا (هيصوا) وأنفقوا كل ما لديهم، وقد يستدينون لإظهار فرحهم … وإذا حزنوا أفرطوا في حزنهم حتى بلغوا حد الجزع، وأقاموا المأتم وبالغوا في النواح، ولذلك قال بعضهم: «ثلاثة تشقى بها الدار: العرس، والمأتم، والزار.»
-
جسمه معفرت: تعبير يعني عليه عفريت.
-
الجعان يحلم أنه في سوق العيش: أي إن أحلام الرجل أو المرأة صورة لحال المرء في اليقظة.
-
جعيدي: الجعيدية، طائفة تطلق عليهم هذه الكلمة، ولا أدري من أين جاءت، وهي طائفة سافلة حقيرة من الناس، صناعتهم غالبًا الشحاتة، يسير اثنان مع بعضهما في الغالب، أحدهما يحمل دربكة صغيرة، والآخر يحمل صاجات، يلبسان ثوبًا قصيرًا لا يتجاوز الركب، حفاة بلا سراويل، وعلى الرأس إما طربوش قديم أو عمامة قديمة أو طاقية قديمة، ويغشيان المحلات، أحدهما يطبل على الدربكة، والآخر على الصاجات، ويغنيان أغنيات خاصة أكثرها بذيء …
ومن هؤلاء طائفة تسمى الأدباتية، وهم يقولون زجلًا لطيفًا بعضه محفوظ وبعضه منشأ إنشاء يناسب المقام، وقد ينشئون زجلًا في موضوع خاص فيجيدون فيه.
وقد يلبسون طربوشًا ويحركون زره حركة دائرية ليثيروا الضحك، ومن أقوالهم المشهورة:
أنا الأديب الأدباتيأحب العيش تحت بطاطيوقد حدثت حادثة كبيرة مع السيد عبد الله نديم رواها في مجلته «الأستاذ» وقال: إنه نازلهم وتصدى لرؤسائهم وتحداهم، وقد كان جالسًا في المولد الأحمدي، فجاء بعض هؤلاء الأدباتية، فقال لهم النديم صارفًا لهم:
أقل لك امش ما تمشيشيطلع عليَّ حشيشيوما زال بهم حتى صرفهم، وبلغت القصة مدير الغربية فجمعهم في حفل كبير وساجل بينهم، فغلبهم النديم حسبما رُوي، وأحيانًا يستغفلون الناظر إليهم بألعابهم فيسرقون ما معه قال لي صديق: إن شابًّا يعرفه كان جالسًا على القهوة فجاء بعض هؤلاء الأدباتية فلعبوا أمامه ألاعيبهم ثم استغفلوه وسرقوا كيس نقوده وفيه مائتا جنيه، فسقط الشاب مغشيًّا عليه، فرآه رجل فسأله عن قصته فحكاها له، فطمأنه.
وكان الرجل صديقًا لشيخ الأدباتية فأخذ الشاب وذهب به إلى حي السيدة زينب وقصد معه إلى شيخ الأدباتية فوجداه في منزل ضخم، ودعاهما إلى الغذاء، وغداهما أصنافًا مختلفة من الطعام، حتى إذا جاء المغرب حضر أدباتية البلد فاستوضحهم وسألهم عن الكيس فأحضروه له، فسلمه لصاحبه وأراد المسروق منه أن يعطي شيئًا للرئيس فمنعه صاحبه، وأفهمه أنه فعل ذلك مروءة على حسب عادته.
-
جلاب اليسير: لقب للسيد البدوي، يزعمون أن من خصائصه أنه يذهب إلى بلاد الكفار حيًّا وبعد وفاته ويجيء بمن عندهم من أسرى المسلمين، ويصعد خدمته إلى مئذنته صباحًا فيجدون هؤلاء الأسرى فوقها، وفي أيديهم وأرجلهم سلاسل الحديد، ولتأكيد ذلك يكون في مولد السيد عشرة أو أكثر لابسون البياض وفي أيديهم أو أرجلهم الأغلال، يدعون أنهم أسرى السيد، وإذا استغاث أحد بالسيد قال: يا باب النبي يا سيد يا جلاب اليسير يا سيد!
-
الجلبية الزرقاء: كثر لبس العامة الجلاليب الزرقاء، وهي عبارة عن بفتة مصبوغة بالنيلة فتكون زرقاء، حتى يطلقها بعض الإفرنج على أهل الجلاليب الزرقاء، وأكثر من يلبسها الفلاحون الذين يعملون في الغيطان.
-
الجلة: كانت الجلة ولا زالت هي وقود الفلاحين يطبخون عليها وعلى عيدان الذرة ويحمون بها الأفران، وهي عبارة عن روث البهائم مخلوط بالتبن.
ومن غريب الأمر أنهم كانوا يبيعونها في القاهرة، يضعونها في جنبتين على الحمار وينادون عليها بالجلة الصيفي، أيام كان الناس يعجنون بأنفسهم ويخبزون في أفرانهم الخاصة، قبل أن يطاف بالخبز على البيوت.
-
الجلجلوتية: هي قصيدة من العزائم السحرية، يعتقدون أن من قرأها قضيت حاجته. (انظر تسخير الجان).
-
الجمل والغزالة: قصة مشهورة منظومة شائعة بين العامة في ذكر معجزة من معجزات الرسول ﷺ، أولها:في أول القول مدحك يا نبي استفتاحيا من تسلم عليك الشمس كل صباحنطق الجمل والغزالة وأسلم أبو مسعودعلى يد ابن رامة صفوة المعبودكان النبي والصحابة جالسين صفينمجتمعين بابن رامة سيد الكونينإلا أتاهم جمل يبكي بدمع العيننطق وقال السلام مني عليك يا زينقال له عليك السلام يا جمل مالكلا بد ما جيت تشكي من عيا حالك
… إلخ القصة.
-
جميلكم على راسي: الجميل الصنيع وعلى راسي بمعنى أنه تُلقي بترحيب، ويستعملون أيضًا على راسي عندما يطلب من أحد شيء فيرحب ويعد به، فيقول على راسي حاضر.
-
الجنازة: أحيانًا تطلق هذه الكلمة على جمع من النساء يجتمعون في بيت الميت للبكاء والعويل والولولة والصياح واللطم وخمش الوجوه، ويسمى المأتم، وأحيانًا تطلق الكلمة على مجموع السائرين بالنعش في الطريق، فقهاء ومعزين، ومن عادة المصريين وخصوصًا المصريات الغلو في عواطف الفرح والحزن، فكان إذا مات رجل عظيم فكل نساء بيته يغطين رءوسهن بالأسود وأوجههن بالوحل أو بالنيلة، وهي عادة قديمة ذكرها هيرودوت عن المصريين القدماء في تاريخه.
فهن يكثرن من الدفوف والدق عليها بنغمات خاصة، والقرع على الصدور بالأيدي، وقد يضربن صدورهن بالأحجار، ولا يلبسن الملابس إلا إذا كانت سوداء.
وإذا كان الميت عزيزًا صبغن كل غطاءات الفرش والوسائد بالسواد، وقلبت البسط والسجاجيد، ووضعت ووجهها على الأرض، والنجف والشمعدانات تلف بقماش أسود، وتستدعى طائفة من النساء تسمين المعددات وتغنين أغاني مخصوصة بنغمات حزينة، وتمتنع الزوجة إذا مات زوجها عن الحموم.
وإذا كان للميت فرس كان يركبها يقص ذنبها ويوضع الشعر على السرج، وتقاد أمام النعش.
ومن اعتقادهم أن روح الميت تبقى بجوار الجثة وهي في البيت قبل الدفن لا تفارقها، ولا يصح إدخال السمك ولا الفاكهة في بيت الحزن إلا بعد الأربعين، ولا يصح أن يوضع السكر على القهوة أيام المأتم، ولا بد من إضاءة السراج مدة ثلاثة أيام في الحجرة التي مات فيها، ولا بد أن يفرش النعش تحت الميت بشيء كلحاف ونحوه، وإذا كان الميت من الأغنياء لف النعش بشال من الكشمير، ولا بد أن يكون ماء الغسل والصابونة والليفة التي يغسل بها الميت من خارج البيت، ويفرش في المقبرة حيث يوضع الميت حناء، إذا كان الميت عزيزًا أو غنيًّا.
وإذا قورن ما نسمعه من ضبط بعض الإفرنج عواطفهم الحزينة أخذنا العجب! فقد حُكِيَ لي أن أستاذًا ألمانيا كبيرًا كان يدرس في مصر ثم ذهب إلى إجازة، وأراد مرة أن يتسلق جبلًا مع أحد تلاميذه فزلفت رجله ومات، فلما أخبرت زوجته وكان عزيزًا عليها وصادف أن أباها زارها من الريف ليقضي عندها ليلة، صبرت وكتمت عنه الخبر لئلا ينزعج، وكانت تدخل الحجرة وتغلقها على نفسها وتبكي، فإذا خرجت إليه لم يشعر منها بشيء غير عادي حتى أتى الصباح فأخبرته، وخرجت إلى المستشفي وتسلمت زوجها لتدفنه.
وأُخبرت أن عميد جامعة أمريكية في بيروت قُتل ابنه الوحيد في الحرب العالمية الثانية، فلما ذهب بعض الأصدقاء ليعزوه هو وزوجته لم يلاحظوا عليهما أي شيء غير عادي، فظنوا أن الاسم مغلوط، وأبوا أن يعزوهما، حتى لا يقعا في خطأ، ثم تأكدوا من أن الخبر صحيح وأنهما هما المنكوبان، فعجبوا من ضبط عواطفهم.
وكان لنا جارية ومات أحد أقاربنا وكان عزيزًا علينا فحلقت شعرها وظلت أربعين يومًا لا تأكل إلا الزيتون الأسود، ولا تنام إلا على حجر، ولا تشرب القهوة إلا سادة، وتدعي أن في ذلك وفاء للميت، وقد زال كثير من تلك العوائد اليوم.
-
الجناس اللفظي: يولع المصريون في كلامهم بالجناس اللفظي يستعملونه في نكتهم وفي أغانيهم كثيرًا مثل قولهم في الأغاني:محبكم داب وأنتم لم دريتو بهوالنار بترعي فؤاده وأنتم لم دريتو به
وهي متجانسة اللفظ، ومعنى الشطر الأول أن المحب ذاب من حبه، وأنتم لم تدروا به، ومعنى الشطر الثاني أن النار ترعى فؤاده، وثوبه لم يدر بالنار … وأعرف صديقًا كان يسير في الشارع فقابله رجل يعرفه فسأله: ماذا فعل فلان في الامتحان؟ قال له: ما نجحش، فقال: ما أنا عارف، ولكن هو عمل إيه؟ فكانت نكتة؛ لأن كلمة ما نجحش، فسرها بمعنى أنا جحش.
-
جن: «جن» يقال: فلان جن، وجماعة جن، للفرد والجماعة بمعنى أنه أو أنهم أشرار، ومثله لفظ عفريت، وعفاريت.
وقد أخذه المصريون من صورة الجن في القرآن، واعتقاد العرب فيهم، وقول كل شاعر إن له شيطانًا.
يقول أبو النجم العجلي:
إني وكل شاعر من البشرشيطانه أنثى وشيطاني ذكرويزعم الفرزدق أن له شيطانًا اسمه «عمرو»، ويزعم أعشى ميمون أن شيطانه اسمه «مسحل» وهو يقول في قصيدته:
دعوت خليلي مسحلا ودعوا له إلخ …ويُروى لحسان بن ثابت:
ولي صاحب من بني الشيطانفحينًا أقول وحينًا هُوَهْوأغلب المصريين وخصوصًا الأطفال والنساء يزعمون أن الجن تظهر بالليل في صورة كلب أو قط، والأغلب في صورة قط أسود، ولذلك يتحاشون ضرب القطط والكلاب بالليل، وإذا صادف وجود قط غريب بالليل في بيت من البيوت، لم يشكوا في أنه جن، وراقبوا حركاته وسكناته، وفسروا كل حركة بتفسير، وإذا تقدم القط إلى الأكل من أحد الأطباق فلا يطرد وإن خطف اللحم؛ ويعتقدون أنه إذا ضربوه أذاهم.
وهم يزعمون أن الجن تفعل كثيرًا مما يفعله الناس، فمثلًا نسبوا إليها أنها بنت «تدمر» ويزعم القطامي أنها تغني.
ويزعمون أيضًا أن للجن علاقة بالإنس، فقد يعشق الجني امرأة، وقد تعشق المرأة رجلًا، والفقهاء في بعض كتبهم فرضوا صحة ذلك، وكنت أعرف رجلًا شركسيًّا كثير الصمت، قليل الكلام، تبدو عليه كثرة التفكير، فكان يزعم أن جنية تعشقه، وأنها لذلك منعته من التزوج، وأنه يختلي بها كل ليلة، وقد قضى حتفه، رحمه الله، ساكنًا متبتلًا معتزلًا الناس.
وذهبت العرب إلى أن الجن لا تأكل، ولكن المصريين يزعمون أنهم يأكلون ويشربون، ولذلك اعتاد بعضهم إذا توهم أن مرضه جاء من غضب الجن عليه، أن يذيب في الماء نوعًا من السكر الأحمر، في إناء بعد صلاة العشاء ليلة الجمعة، ويأخذ المريض ذلك الإناء أو ينيب عنه من يصعد به إلى سطح البيت وهو ساكت لا يتكلم، ولا يلتفت وراءه وهو صاعد، ويقلب الإناء بما فيه على الأرض، ولا يذكر اسم الله وهو يريقه، ثم يترك الإناء وهو في مكانه، وينزل كما صعد … يزعمون بذلك أن الجن تشربه، ويكررون هذا الأمر ثلاثة أسابيع على الأقل، فقد يرضى عنه الجن فيشفى.
ويزعم المصريون أن الجن قد تتعرض للإنسان إذا سار وحده بالليل، وقد يتشكل الجني بشكل حذاء قديم بال؛ وأن الإنسان إذا لقي الجني وضربه بالسلاح أو رماه برصاصة فأصابته، يصير نعلًا قديمًا ولذلك يكثر استعمال النعال القديمة تعويذة أو حجابًا يعلقونها على رأس الخيل أو الحمير أو الجمال؛ وكثيرًا ما يعلقون حذاء قديمًا في رقبة الأطفال يزعمون أنه يمنع تأثير العين، ولا يصلح هذا النعل القديم لذلك إلا إذا وُجد ملقى في الطريق ولا يُعرف له صاحب، وأن يوجد أحد النعلين فقط.
وقد يعتقدون أن سبب المرض جنية سوداء لبست الرجل أو المرأة، فلا ترضى عمن لبسته إلا بالزار، وفي الزار هذا تدق للجني الأسود دقات على نغمات خاصة، يفقر من أجلها من لبسته الجنية، فيأتي بحركات بهلوانية.
•••
وعقب تولي محمد علي مصر عرف كثير من الأتراك اعتقاد المصريين في الجن، فكانوا يلبسون بالليل ثيابًا سوداء أو بيضاء ثم يخرجون، زاعمين أنهم جن، فيخاف المصريون ويهربون، فيغتنم الأتراك هذه المسألة ويفعلون ما يريدونه.
وأعرف سيدة مقعدة تعتقد أنه لبسها الجن بسبب أن أحد خدمها ضرب قطًّا أسود بالليل، فعاد القط شديد الصياح، ثم اختفى فخافت من أن يكون جنيًّا يؤذيها، وكذلك كان.
وبعض المصريين والمصريات يزعمون في بعض البيوت أنها مسكونة، ومعنى أنها مسكونة أن الجن سكنوها، وخصوصًا إذا حدثت في البيت حادثة قتل، فهم أحيانًا يسمعون أنينًا، وأحيانًا يضرب البيت بالحجارة، ونحو ذلك، وأعرف صاحبًا لي اشترى بيتًا رخيصًا في المعادي؛ لأنه قُتل فيه صاحبه، فسكنته العفاريت، فبيع بنصف ثمنه أو أقل.
ويتصل بذلك اعتقاد الناس وخصوصًا النساء بأن العفاريت تتقمص الرجال والنساء، فإذا تقمصتهم نطق الجن على ألسنتهم بأصوات غريبة، ثم أخبروا على ألسنتهم بأخبار غريبة، وتنبأوا بتنبؤات مستقبلة.
وكان في زمننا يكاد يكون في كل حارة أو جملة حارات شيخ أو امرأة من هذا القبيل، وحدث هذا للشيخ يوسف صاحب المقام المشهور، فقد تنبأ مرات بأحد المغيبات أمام الوالي، وصدق في تنبئه، فادعيت له الولاية وبُني له مسجد كبير في شارع القصر العيني، ودفن فيه، واعتقد فيه.
وحدث مرة أن ادعت المرأة أن الجن تقمصوها، وذلك في عهد محمد علي باشا، ففتنت الجنود، وكثر اعتقادهم فيها، حتى استفحل أمرها، فخاف محمد علي من ذلك فاستدعاها إلى قصره، وكان الوقت ليلًا، فأمرت بإطفاء الأنوار وادعت أنها تحضر الجني، فحضر، وتكلمت بكلام رجل كأنه الصوت يخرج من بطنها فأطراها محمد علي على فعلها وأمرها أن تقرب منه حتى يقبل يدها، فلما مدت يدها قبض عليها وأمر بإضاءة الشموع، فرأى أنها هي المرأة ولا جني ولا غيره، ثم أمر بإلقائها في النيل، فجزع الجند الحاضرون، وظنوا أنها ولية وأن هذا الأمر خارج عن الدين فقال لهم محمد علي: لا تجزعوا، لو كان الجن معها لأخرجوها من النيل، ولو كانت مدعية ادعاء باطلًا فقد استرحنا منها، فلما ألقيت غرقت واستراح الناس منها.
وكان في حارتنا رجل يُسمى الشيخ الصبان كان يبيع الفحم على باب الحارة ثم عمي وافتقر، وسكن في غرفة ضيقة فما لبثنا أن سمعنا أن جنًّا تقمصته، وأنه يبين المخبآت، ويتكلم بصوت غير صوته الطبيعي فقصده الناس من كل فج، وصلح حاله.
-
جنينة الأزبكية: هي حديقة في حي الأزبكية، تبلغ نحو اثني عشر فدانًا، وهي الآن متنزه ينتزه فيه الناس خصوصًا بعد العصر وتصدح فيه الموسيقي العسكرية يومين في الأسبوع هما يوم الأحد والجمعة، ولكن لها تاريخ طويل، لا يهمنا منه إلا ما كان قبل عصرنا بقليل، فقد عاصرت الاحتلال الإنجليزي وتعود الناس الحرية، وصارت كلمة الحرية تجري على كل لسان، فكانت جنينة الأزبكية مظهرًا لتلك الحرية التي فهم الناس منها الفجور والخمور والحشيش والقمار.
وكانت جنينة الأزبكية مراد أصحاب الشهوات فامتلأت بحانات الخمور والمراقص والمغنين والمغنيات، وأماكن الحشيش والقمار والفساد، وأمها الناس من كل حدب، حتى كان اسم الأزبكية دالًّا على الفسق والفجور بأنواعهما، فما تبلغ الساعة الرابعة بعد الظهر، حتى يتزاحم الناس على الأبواب للدخول شيبًا وشبانًا، ورجالًا ونساء يبغون الحظ والانشراح، وتنتشر في طرقاتها العاهرات، وبعد غروب الشمس يأخذ الأروام في ترتيب حاناتهم، وترى أمام الحانات من يحمل زجاجات الخمر وجوقات المغنين والمغنيات ترد تباعًا؛ فإذا أظلمت الدنيا أضيئت الثريات والفوانيس، وتأخذ كل جوقة مكانها، وترص الكراسي رصًّا، ويملأ بعض صفوفها النساء العاهرات، أمام كل واحد مائدة، عليها ثياب خفيفة رقيقة ينطقن بألفاظ الفحش، ويتثنين تثنيًا ملهبًا للشهوات، ويملن ذات اليمين وذات اليسار، ولكل تخت فيه جمع من الآلاتية تتوسطه امرأة تُسمى عالمة، تظهر دلالاها وفجورها، كل بحسب طريقته، ويقصدها كل ليلة الوارثون، وتنظر إليهم العاهرة نظرة فيها تنهد ليعرف أنه المراد، فيقع الواحد منهم في شركها، وأصحاب تلك القهوات غالبًا من الأروام، فيحضر ويكثر من نعوت الباكويات والباشوية وسعادتك، فيقول بلهجة الآمر: «شوف الست» تشرب إيه؟ فتطلب الشمبانيا من الصنف الغالي الذي كان في وقتها يساوي عشرين فرنكًا؛ أي ثمانين قرشًا، وتشرب منها كأسًا ثم تتركها وتطلب غيرها، باتفاق مع الرومي، وتصف الزجاجات التي طلبت على المائدة؛ فإذا امتلأت وضعت الزجاجات تحتها، وكلما برعت المرأة كثرت الزجاجات التي تفتح لها؛ وإذا عجزت المائدة عن الزجاجات من فوق ومن تحت صُفَّت مائدة أخرى، وهكذا، حتى ليبلغ عدد الزجاجات أحيانًا مائة زجاجة أو مائتين، فإذا فعل الرجل ذلك أشارت إليه المرأة إشارة شكر، ولا يزال كذلك حتى يفرغ جيبه، وهناك موائد القمار لا ترى فيها كاسبًا إلا الرومي صاحب الحان، وكان في الجنينة جبلاية وبركة، وفوق الجبلاية قهوة ملئت بالنساء العاهرات جلسن بجانبهن الشبان.
وفي مكان آخر جوقة من الموسيقى، وأما البركة فكان فيها قوارب تحمل الرجل وخدنه، والرجل وغلامه، وهنا وهناك تخت آلاتية يجلس فيه المغني على شلتة مربعة يتمايل يمينًا وشمالًا، واشتهر من هذه التخوت تخت شاب يهودي يسمى داود اليهودي، لا يتجاوز العشرين إلا قليلًا، جميل الوجه، بدين الجسم، وحوله جوقته، ويغشى هذه الجنينة بعض الأتراك والألبان بغوغائهم وصلفهم، ويكثر بين العشاق وعشيقاتهن الرسل يحملون الأخبار، ثم أزيلت هذه المساخر بعد أن تدفق فيها ملايين من الجنيهات، وفسد منها كثير من الشبان والشابات، وهدمت البركة، وتفرق حول الجنينة الرواد، وبذلك لعبت جنينة الأزبكية دورًا هامًّا.
ومن ذكرياتها أن عبده الحمولي المغني المشهور، كان في نشأته خريج إحدى تلك التخشيبات.
والله مغير الأحوال … فقد مضى عليها زمن كانت مقابر، وأحيانًا كانت مساخر، وأحيانًا كان مسرحًا للغيد والغلمان، ومعرضًا للغناء، ثم زالت كل تلك الأحوال.
-
جهاز العروس: اعتاد المصريون أن يغالوا في جهاز العروس، وأن يضعوه على عربات مكشوفًا، وكلما كانت العربات أكثر كان الزهو بالجهاز أكبر، ولذلك يضعون على العربة مرتبة ولحافًا فقط، أو بضع مخدات فقط، حبًّا في التظاهر بالكثرة، وفي أفراح الأنجال؛ أي إنجال إسماعيل، كان جهاز كل من عروس البرنس حسين وحسن منسقًا في ثلاث غرف فسيحة بالقصر العالي للعرض على الأنظار، من حلي مرصعة بالجواهر والألماس، وقد عرض جهاز العرائس الأربع محملًا على عربات تحت حراسة جند، تتقدمها فرقة موسيقية لإرسالها إلى بيوت العرسان.
-
جوزوا مشكاح لريمة قال، ما على الاثنين قيمة: جوزوا؛ أي زوجوا، تعبير يقال لموافقة الشيء للشيء من غير أن يكون لهما قيمة تذكر.
-
الجوقة: يطلقونها على جماعة من الناس، وعلى الأخص الجماعة يكونون مع المغني.
-
جيبُه نضيف زي الكف: تعبير يعني أنه ليس فيه شيء.