حرف الذال
-
الذقن: تنتج بعض أشجار اللبخ شيئًا أصفر أشبه بالقطن المندوف، له رائحة خفيفة طيبة،
ومن ظرف المصريين أنهم يسمونه ذقن الباشا، كأن منظره يذكرهم بالباشا العظيم
الترف إذا كان له ذقن بيضاء.
وقد يتجمع الأطفال حولها للهو واللعب، ومن الأمثال المشهورة في الذقن «واحد شايل دقنه والتاني تعبان ليه» يضربونه مثلًا لمن يحمل همًّا لآخر وليس له شأن فيه، ومن أمثالهم أيضًا «إردب ما هو لك ما تحضر كيله، تتغيَّر دقنك ولا ينوبك إلا شيله»، وكلا المثلين يحرض على اهتمام المرء بنفسه دون تدخل في شئون غيره، جريًا على القاعدة السخيفة التي تبنى عليها معاملتهم، ويفسرها قولهم دائمًا في كل شيء: وأنا مالي.
-
ذمة: يسمي المسلمون النصارى واليهود الذين يدفعون الجزية أهل ذمَّة؛ أي هم في ذمة
المسلمين، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ويقولون للرجل الفاسد: خرب الذمة، وذمته
واسعة.
وأنشأ بعضهم مجلة فكاهية وسماها كلمة مشهورة وهي «السبعة وذمتها» ولا أدري أصلها.
وكذلك يقال للرجل الفاسد: ما عندوش ذمة، وللرجل الراحل إلى الدار الآخرة: في ذمة الله، وإذا أراد رجل أن يستحلف آخر يقول له: أذمّمك هل حصل كذا.
-
الذوات: كلمة تطلق على الطبقة الغنية، أصلها ذوات الحيثية، ثم اكتفي بالقسم الأول،
والحيثية نسبة إلى حيث؛ أي حيث يكون لهم شأن، وأولادهم أولاد الذوات.
وهي كلمة تدل على إباحية واستهتار وإفراط في الخمر والنساء، وما إلى ذلك.
والحق أنه في مصر تتميز الطبقات تميزًا كبيرًا، فمنهم من يملك عشرين ألف فدان أو أكثر، ومنهم من لا يملك شيئًا، حتى جاء قانون الملكية، فحصرها في مائتين، والناس يقدرون بعضهم بمقدار ملكيتهم، ولذلك كثيرًا ما يسألون عن الرجل فيقولون عنده كام فدان، وعليه كام طين، وكانت هذه الطبقة ذات شأن كبير في مصر، حتى كأنها فوق القانون.
فهي التي تنشئ العادات والتقاليد، وهي التي تتحكم في الأسعار، ومن العجيب أن نسبة ذريتها تكاد تكون نسبة عكسية مع أطيانها وعقاراتها.
فالأغنياء قليلو الذرية غالبًا بعكس الفقراء، كأن الترف يقل نسله، وهم في حياتهم الاجتماعية متميزون، يغالون في المهر وفي النفقة، وفي العادة لا يعرفون كيف يحسنون تربية أولادهم، فالاعتماد في التربية على أبناء الفقراء وأبناء الطبقة الوسطي.
وأعرف صديقًا لي كان ابنه وابن حاجبه في كلية الحقوق، فكان ابنه يرسب في الامتحان وابن حاجبه يكون الأول عليه، والطبقة الوسطى عادة تقلدهم، وتشرئب إليهم، وتتشبه بهم، ولذلك تتكون العادات من أعلى إلى أسفل، وقد شهروا بالفخفخة وحب السيطرة، وكانوا أشبه بأصحاب الإقطاعيات، والفلاحون عندهم كأنهم عبيد مملوكون كالأرض.
وقد ساعد على ذلك ما كان في مصر من قلة الضرائب، فكان أكثر المحصول يذهب إليهم أو إلى جيوبهم، وأقله يذهب إلى الفلاحين، ولذلك يقولون لمن تكبر وتجبر «عامل ابن ذوات»، وهناك شوارع في القاهرة كأنها وقف عليهم لا يستطيع سكناها غيرهم، ومصلحة التنظيم تعاملهم أيضًا في الكنس والرش والنور معاملة ممتازة.
وهم عادة مع غناهم يشترون السلعة بأقل مما يشتريها الفقير؛ لأنهم يشترون كل شيء في إبانه، ويختزنونه على مدى السنة، من سمن وبصل وغير ذلك.
وهم لم يحسّوا أثناء الحرب بالحرب، فرزقهم واسع وهم فوق التموين وقوانينه، وقد زال كل ذلك في العهد الجديد.
ومنهم تنبع الأمثال الدالة على احتقار المال؛ لأنهم لا يتعبون في تحصيله، ومن غناهم وفقر غيرهم تكوّنت الاشتراكية؛ إذ رأى الاشتراكيون أن الحالة في الأمة لا تجري على عدل، فالأغنياء في ذروة لا يتميزون بذكاء ولا حسن تجارة ولا عمل، وإنما أغلب غناهم نشأ من إرث، أو من مساعدة المقادير، ولذلك بدأت تخف الفوارق شيئًا فشيئًا بين الأغنياء الفقراء، والناس سائرون في كل العالم إلى ذلك.
- الذوق: اشتهر القاهريون بالذوق، يظهر ذلك في نكتهم، وأناقة ملبسهم، وطرق حديثهم، (انظر ابن ذوق).