الفصل الثالث
(حجرة الصالون في منزل حسنين بيه، حسنين بيه يجلس على مقعد مريح ويمدد رجليه على مقعد
آخر يرتدي جلبابًا وروبًا وجاكتة ويدخن شيشة، تتصدر الصالون صورة صخمة لرجل عجوز في
ملابس أفرنجية. إلى جانب حسنين بيه ترابيزة صغيرة عليها بعض الدفاتر والكتب، وفي يده
دفتر منها ينظر فيه بإمعان. إسماعيل شقيقه يجلس بعيدًا عنه في طرف الصالون، رأسه إلى
الخلف، عيناه مغلقتان كأنه نائم.)
حسنين
(يُلقي بالدفتر الذي في يده)
:
يا نسر، يا نسر، يا نسر!
إسماعيل
(يستيقظ مفزوعًا)
:
إيه جرا إيه؟ جرا إيه؟
حسنين
:
بقالي ساعة أنده على نسر ماحدش بيرد علي.
إسماعيل
:
نسر ما طفش من امبارح، راح مع الفدائيين.
حسنين
:
إيه؟ راح مع الفدائيين، فدائي راخر، ٢٥ سنة مربيه في بيتي زي ما يكون كلب، ويا
ريته كان كلب، لو كان كلب ماكنش سابني ومشي.
إسماعيل
:
ماهو عشان ماهوش كلب مشي، أنا كنت فاهمه كلب، إنما طلع راجل، البوبي مشي وأنا
لسه قاعد.
حسنين
:
ما تقوم يا أخي تفارقني، ما تفارقني يا أخي.
إسماعيل
:
مش قادر، وهفارقك أروح فين، أنا قعدت ٢٠ سنة في زنزانة، و١٢ سنة في بيتك، فاضل ٨
كمان واطلع على السجن الأبدي، ع القبر على طول.
حسنين
(ينهض بصعوبة، ويتجه نحو الحائط، ويفتح خزانة سرية ويحضر منها بعض الأوراق)
:
إنتَ عمرك ما قعدت في بيتي، طول عمرك قاعد في الخمارة، بيتي كان لوكاندة وبنك، نوم
وفلوس، دا انتَ لو كنت ابني ماكنتش استحملتك. حايالله أخ وخايب، التركة اللِّي سابها
لي المرحوم.
(يشير بنظره إلى الصورة التي تتصدر الصالون.)
إسماعيل
(يدقق في الصورة ثم يضحك)
:
الله، دي صورة جديدة لنج، يعني ما شفتهاش قبل
كده.
حسنين
:
وانتَ من إمتى بتشوف، الخمرة عمتك.
إسماعيل
(ينظر للصورة ويضحك)
:
الله، وانتَ لبِّسته بدلة، أيوه كده، عشان يبقى عبد الباقي
بيه، العيلة تبقى كلها بهوات … حسنين بيه، وعبد الباقي بيه.
حسنين
(وهو يجلس على الكرسي ويمدد رجله)
:
واسماعيل بيه كمان، ما انتَ بيه قد الدنيا أهو،
دا انتَ بتشرب ويسكي بماهية واحد وزير، والبركة في الطور اللِّي انتَ بتحلب منه.
إسماعيل
:
مضبوط، البركة فيك يا حسنين، أنا شخصيًّا بعترف بالجميل، حاكم أنا راجل
وَفِي.
حسنين
:
أيوه وَفِي أوي، ويا ريتك بس تنقطنا بسكاتك، إلا عاوز تخرب بيتي كمان، رايح تسلط
ممدوح عشان يسيبني ويطفش.
إسماعيل
:
أنا لا سلَّط حد، ولا ممدوح طفش، الراجل ما هو جنبك أهو بينك وبينه إيه، فَركِة
كعب يعني.
حسنين
:
أيوه اعمل عبيط يا اسماعيل، وانا أخوك الكبير وعارفك كويس، إنت مش عبيط ولا
حاجة، إنتَ أنصح من العفاريت الزرق.
إسماعيل
:
متشكرين، دا رأي أعتز بيه، أخويا حسنين الناصح، بيعترف إنْ انا أنصح م العفاريت
الزرق، متشكرين.
حسنين
:
أيوه استهبل، فضلت تزن على ودان الواد اللِّي حيلتي، أبوك خاين، أبوك إنجليزي، لحد
ما سابني وطفش، بُكْرة الانجليز يموتوه، وأروح في داهية أنا راخر وتقعد انتَ على تَلها،
تورث، وابقى افتح بحر خمرة في السويس.
إسماعيل
:
أنا ماقلتش عليك خاين، الناس اللِّي بتقول.
حسنين
:
ناس مين اللِّي بتقول؟ أنا خاين وانت إيه؟ ماحدش قال عليك حاجة أبدًا، ولما انا
خاين طول النهار بتشفط مني ليه؟ مش عيب يا وطني تسكر بفلوس واحد خاين، مش خيانة دي
رخرة.
إسماعيل
(متضايقًا)
:
إنت عييت وقعدتلي، مابقاش فاضل غيري يا حسنين، طيب انا سايبك
وماشي.
حسنين
:
أيوه كده يا أخي، اختِشي على عرضك وسيبني، اعمِل راجل مرة وسيبني، مانتش زي نسر،
مش كان معاك في الثورة، ما تروح معاه.
إسماعيل
(ينهض ويتجه للخروج)
:
أديني رايح، استريح بقى.
حسنين
:
أيوه أديني رايح، رايح فين إن شاء الله، بار الثورة، بار الكفاح.
(ينصرف إسماعيل ويصرخ حسنين.)
حسنين
:
يا حسنية، يا حسنية.
(تدخل سميرة مهرولة.)
سميرة
:
نعم يا عمي.
حسنين
:
إنتو فين يا بنتي، عَمال أنده م الصبح.
سميرة
:
ما تتعبش نفسك يا عمي، أنت عيان ومحتاج راحة.
حسنين
:
أبوكي يا بنتي اللِّي تعبني، ومن شوية فوَّر دمي، وعكنن دماغي، هيه حسنية
فين؟
سميرة
:
جوه يا عمي.
حسنين
:
طيب اندهيلها يا بنتي، وروحي انتي شوفيلي القلش فين. اندهيلي القلش، تلاقيه ع
القهوة اللِّي على رأس الشارع.
سميرة
:
حاضر يا عمي.
(تخرج سميرة.)
حسنين
(يحدث نفسه)
:
غريبة، كانوا ٢٨٠٠ جنيه حاططهم بإيدي، بقوا ألفين إزاي؟ الفيران
كلتهم، طيب وليه مش ٧٩٠؟ فيران دقي يعني، فيران م الجامعة والَّا إيه؟!
(تدخل حسنية زوجة حسنين.)
حسنية
:
أيوه يا حسنين.
حسنين
:
أيوه إيه؟ ٢٨٠٠ جنيه حاططهم قدامك مش لاقي دلوقت غير ألفين جنيه، راح فين
الباقي، كلتهم العتة.
حسنية
:
لا ماحدش كلهم، أنا اللِّي خدتهم.
حسنين
:
طيب يا حبيبتي مش تقولي.
حسنية
:
والنبي نسيت، هوه الواحد بقى فيه دماغ يفتكر حاجة، المعلم زيدان بتاع البياض جه
وكان مستعجل، خدت الفاتورة واديته المبلغ.
حسنين
:
عملتي خير، أهو كل واحد خد حقه، الدور والباقي علينا، عمالين ينتشوا من لحم
الحي، والعزبة الهباب اترصدت زي ما تكون عين وصابتنا.
حسنية
:
وهيه العزبة هتروح فين يا حسنين، ما هي ملقحة مطرحها.
حسنين
:
وآخر تلقيحها إيه؟ … إيه اللِّي خدناه؟ والَّا إيه قبضناه؟ أنا هنْشَل يا حسنية، قلبي
هيقف مرة واحدة. هتعدميني قريب وتستريحي.
حسنية
:
ما تبطل أكل في نفسك بقى، ما تشوف صحتك يا شيخ … داهية في العزبة واللِّي
بنوها.
حسنين
:
أنا كان إيه اللِّي صابني في عقلي يا خواتي، خمسين سنة أدبق وأحوش وأحرق دمي نقطة
نقطة، وبعد دا كله يلغوا المعاهدة!
حسنية
:
آدي انتَ بقالك خمسين سنة بتجري لما انقطع قلبك، استريح شوية، خد نفسك شوية،
الدنيا ما طارتش يا حسنين.
حسنين
:
الدنيا ما طارتش صحيح، إنما عقلي اللِّي طار. عقلي يا حسنية.
حسنية
:
أدي أنت طول عمرك حايس ولايس ع الفلوس، وآدي انتَ شفت آخرتها. فلوس إيه ونيلة
إيه؟ حد خد حاجة معاه.
حسنين
(ينظر بجنون نحوها)
:
إنتِ مجربتيش الفقر، ما دقتيش الجوع … إنتِ بنت إبراهيم
القومندان، من عيلة القومندان، أنا شكل تاني. عمرك ما لبستي جلبية مقطعة. عمرك ما
نِمتِ من غير عشا … عارفة من غير عشا يعني إيه، لو نمتِ من غير عشا كنتِ عرفتِ يعني
إيه الفلوس.
حسنية
:
ما هو دا تاريخ راح يا حسنين.
حسنين
:
أيوه صحيح، بس ما بيتنسيش (وهو يهز رأسه) سنة ٢٠ كنت ساكن في أوضه بستة ساغ،
وكنت بادفعهم بالتيلة. كان عندي شراب مخليه للفسح، وفسح إيه، كان الواحد يطلع يمشي
زي الفرخة الدايخة مش عارف يروح فين، تعرفي، خرجت مرة مشوار خمس دقايق، رجعت مالقتش
الشراب في رجلي مع إني ما قلعتش الجزمة أبدًا.
حسنية
:
طيب مش تحمد ربنا.
حسنين
:
أحمده على إيه بقى؟! على الهنا اللِّي أنا فيه، ع الحظ السعيد اللِّي هبط علي م
السما، ما كل شيء راح، راح حتى العزبة رخرة (يبكي).
حسنية
:
إنتَ بتعيط يا حسنين.
حسنين
(يجفف دموعه ويتظاهر بالقوة)
:
أنا مش بعيط مهزوم، أنا باعيط م الغيظ، الغيظ اللِّي
في قلبي يا حسنية، وآخر المتمة سي ممدوح خد العيال بتوعه أم قُصَّة وراح قعد في
العزبة.
حسنية
:
ودي فيها إيه يا حسنين؟
حسنين
:
فيها إيه إزاي؟ فيها خرابي المستعجل، بُكْرة الانجليز يدربكوها، بُكْرة تبقى أنقاض
تبقى خرابة، خرابة، عارفة خرابة يعني إيه؟
حسنية
:
والانجليز هيدربكوها ليه؟
حسنين
:
إلَّا يدربكوها ليه، أُمَّال هيعملولها إيه، يسموا عليها؟ ينضفوها. ما دام مستخبي
فيها، هيه الحرب لعبة، دي حرب، والانجليز ماعندهومش يامه ارحميني.
(تدخل سميرة مسرعة.)
سميرة
:
عمي.
حسنين
:
إنتِ جيتي يا بنتي.
سميرة
:
أيوه يا عمي، والقلش جه معايا أهه.
حسنين
:
اندهيله يا بنتي.
حسنية
(وهي تستعد للانصراف)
:
أنا والله دماغي ما بقت فيه … أف، دا غلب إيه دا
يا رب؟!
(تنصرف وفي أعقابها يدخل القلش.)
حسنين
:
أهلًا بالمعلم.
القلش
:
علي الحرام لوما الست جتني بنفسها ما كنت معتب هنا ولا شارب فيه مية.
حسنين
:
ليه، احنا عملنا فيك إيه؟
القلش
:
عملت إيه، يا سبحان الله، بقى انا خاين يا حسنين بيه؟
حسنين
(ضاحكًا)
:
روحي انتِ يا سميرة خلي زينب تعملنا قهوة.
سميرة
:
حاضر يا عمي (تنصرف).
حسنين
:
كان لازم اعمل كده يا قلش، أنا كنت فاهمك ابن بلد وهتفهمني، تعرف لو انكشفنا،
كنت ضعت أنا وانتَ.
القلش
:
برضه كله كوم، والخيانة دي كوم يا سعادة البيه، إلا حكاية الخيانة دي، أنا راجل
شريف وانت عارف.
حسنين
:
إلَّا عارف.
القلش
:
آه، الناس بتاكل عيشها بعرقها وأنا باكله بدمي.
حسنين
:
بقى مش عيب تزعل مني، دا انتَ صاحبي وحبيبي، وسرِّي عندك، وبعد دا كله تزعل مني، مش
لازم تِقدَّر يا معلم.
القلش
:
أنا بصراحة زعلت، وطول ما انا نايم أتقلب وانا باغلي.
حسنين
:
دلوقت خلينا في المهم.
القلش
:
إن كان ع الشغل نشتغل لوحدينا، صنف تلميذ معانا مش عاوزين.
حسنين
:
لا شغل ولا حاجة، هوه فيه شغل هينفع دلوقت، المسألة أخطر من كده.
القلش
:
أنا خدامك، إنتَ تؤمر واللِّي خلقك.
حسنين
:
إنتَ عارف التلامذة راحوا قعدوا فين؟
القلش
:
سمعت انهم قعدوا في عزبة بنايوتي.
حسنين
:
مظبوط، فتحوا العمارات وسكنوها، ولو الانجليز عرفوا الخبر المهبب ده
هيهدوها.
القلش
:
تبقى مصيبة واللِّي خلقك، أنا عندي فكرة بس انتَ تؤمر.
حسنين
:
إيه، إيه دي يا معلم؟
القلش
:
أنا آخد الرجالة بتوعي ونقعد في العزبة، ونطرد الأفندية دي من هناك.
حسنين
:
وهتطردهم إزاي؟
القلش
:
بالذوق، بالعافية.
حسنين
:
تعرف تندهلي لوانيدا، عاوز لوانيدا، عاوزه بأي طريقة، تعرف تجيبو. إن قالك ماجاش
هوه ليه، قول له عيان بيموت.
القلش
:
ألف بعد الشر عنك يا حسنين بيه، دا أنا خدامك واللِّي خلقك.
حسنين
:
إذا جبتوا هتعملي خدمة كبيرة، خدمة كبيرة يا معلم.
القلش
:
دانا خدامك واللِّي خلقك، بس انتَ تؤمر، بس الهفني خمسة دلوقت.
حسنين
:
ما انا لهفك خمسة من يومين.
القلش
:
مشوار زي ده عاوز تكاليف يعني أروح لحد اللوكاندة جيبي فاضي، مايخلصكش
برضه.
حسنين
:
اللوكاندة ماهي خطوتين جنبنا، على كل حال اتفضل، بس تجيبه، تجيبلي
لوانيدا.
القلش
(وهو ينصرف)
:
دانا خدامك واللِّي خلقك، بس انتَ تؤمر.
حسنين
(بصوت عال)
:
سميرة، سميرة.
(تدخل سميرة ومعها صينية القهوة.)
سميرة
:
الله، هو المعلم مشي.
حسنين
:
أيوه يا بنتي، خرج.
سميرة
:
وطنط راحت فين يا عمي؟
حسنين
:
اقعدي يا بنتي اقعدي يا سميرة (تجلس سميرة بجانبه) اسمعي يا بنتي، أنا النهارده
بقيت لوحدي، مافيش حد معانا دلوقت إلا انا وانتِ وربنا.
سميرة
:
ليه يا عمي، وطنط وبابا وممدوح؟
حسنين
:
حسنية منها لله، منها لله، عشان عييت وحطيت (وهو يخبط على ركبتيه) ومبقاش فيا
رجا، وشتمتني وزعقتلي يا بنتي، زعقتلي وانتِ بَرَّه وفضحتني، عشر سنين مهنيها، وعاملها
ملكة، ملكة، وبعد العمر ده كله تزعقلي وتفضحني وانا عيان.
سميرة
:
يعني طنط مشيت مش جاية تاني يا عمي.
حسنين
:
أنا عارف حاجة يا بنتي، مانا قاعد معاكي أهه، العِيلة اتجننت، كلها، انخبلت يا
بنتي، أبوكي راح لحاله، وحسنية طفشت، وسي ممدوح راح عزبة بنايوتي.
سميرة
:
وانتَ مش ناوي تصالح ممدوح وترجعوا تاني يا عمي.
حسنين
(ثائرًا)
:
ما تجبيليش سيرته، ماتجبيليش سيرته أرجوكي. دا مش ابني، مش من ضهري، دا
واد خسران من بتوع الأيام دي، بقُصَّة، هوه الراجل اللِّي بقُصَّة ينفع؟
(تبكي سميرة.)
حسنين
(غاضبًا)
:
بتعيطي ليه دلوقت، هوه انا مت، ما انا عايش، أنا لسه عايش، أنا أقوى
منهم كلهم، أقوى منهم ولو كانوا قد كده عشر مرات … إيه يا حلوة، امسحي الدموع
أُمَّال، امسحي الدموع، الله، الله، هوه انا أقدر على زعلك، ما هو ممدوح اللِّي مشي،
أنا كنت زعلته، ما هو السبب يا بنتي.
(تستمر في البكاء وحسنين يواصل حديثه.)
سميرة
:
نعم.
حسنين
:
عارفة مطرحه، هوه في عزبة بنايوتي، روحيلو، هاتيه معاكي قوليلو إن انا عَيَّان،
قوليلو أبوك بيموت، هاتيه هنا وأنا هصالحه عشان خاطرك، وانتِ كمان ساعديني، عاوزك
تعقليه يا بنتي، هيودر نفسه، العزبة هيهدوها الانجليز، آخر شقايا وتعبي. روحي يا
بنتي، اغسلي وشك أُمَّال، وروحي لممدوح، هاتيه معاكي يا حبيبتي، ياللا، ياللا
…
(تنصرف سميرة إلى الداخل ويبقى وحده يرتب دفاتره على
المائدة.)
(تدخل سميرة مرة أخرى.)
سميرة
:
أنا رايحة يا عمي.
حسنين
(يقبلها في جبهتها)
:
مع السلامة يا سميرة.
(تخرج سميرة ثم تعود بسرعة.)
سميرة
:
دا القلش بره يا عمي.
حسنين
:
خليه يخش يا بنتي خليه يخش ورُوحي انتِ.
القلش
:
لوانيدا مش في اللوكاندا.
حسنين
:
روحلو الكامب.
القلش
:
طيب دي حاجة خطرة بصراحة.
حسنين
:
وعاوز إيه يعني؟
القلش
:
نحسبها طلعة، دي واللي خلقك أخطر م الطلعة، الطلعة ع الأقل معايا الرجالة ومعايا
سلاح.
حسنين
:
وهو انتَ رايح تحارب؟
القلش
:
أنا خايف عسكري انجليزي م اللِّي عارفيني يشوفني يهبدني رصاصة.
حسنين
:
طيب يا سيدي نحسبها طلعة، اتفضل.
القلش
:
وجب، سلامو عليكو (ينصرف).
(يجلس حسنين وحده يرتب في دفاتره القديمة، يسمع رنين الجرس يتقدم
ويفتح الباب يدخل رجالة القلش.)
البرنس
:
الله الله ع الجد يا سعادة البيه، بقى احنا منا ليك، مالناش دعوة بالقلش.
حسنين
:
أنا عيان يا معلم زي ما انتَ شايف، المسائل دي نأجلها لحد الجو ما يروق.
المعلم برنس
:
الجو رايق والحمد لله، إحنا عاوزين حقنا بالصلاة ع النبي.
الرجالة
(في صوت واحد)
:
الحق ما يزعلش.
حسنين
:
حق إيه يا رجالة؟
المعلم
:
طلعنا ٤ طلعات ما شفناش سوادي.
حسنين
:
طيب ما هو الشغل واقف، ولما نستأنف العملية نتحاسب.
الرجالة
(في صوت واحد)
:
مافيش استئناف ولا إبرام، الجد جَد، والحق ما يزعلش.
حسنين
:
حقكم م العين دي والعين دي، بس لما نشتغل تاني.
الرجالة
:
وافرض ماشتغلناش.
حسنين
:
برضه نتحاسب.
المعلم برنس
:
طيب ما نتحاسب دلوقت.
حسنين
:
هنتحاسب منين؟ المواسير ولسه مرمية في المخزن، والشغل واقف، والحرب وشغالة،
والتلامذة وآدي انتو شفتم بنفسكم.
المعلم برنس
:
مواسير إيه اللِّي في المخزن، وانتَ ما بقالك ١٠ سنين بتبيع في مواسير؟
إدينا حقنا مالناش دعوة بالمواسير.
الرجالة
:
الحق مايزعلش.
حسنين
:
يعني قصدكو إيه؟
المعلم برنس
:
عاوزين حقنا.
حسنين
:
طيب أنا مش هاشتغل الشغلة دي خلاص، بطلنا، إللِّي عاوز حقه يرفع قضية.
المعلم برنس
:
قضية، حلوة دي، ليه، هو انتَ فاتح مصنع، دا خطف يا بيه … خطف.
حسنين
:
خلاص أنا بطلت خطف، كفاية خسرت ابني، وخسرت فلوسي وخسرت حياتي كلها.
المعلم برنس
:
لأ بعد الشر يا بيه، على كل حال كل واحد يروح في سكته، وانتَ حسنين بيه،
واحنا الحرامية.
أحد الرجالة
:
طيب والنبي دا أنا أخليها ضلمة.
واحد تاني
:
علي الحرام أموتلي كام واحد واتشنق، أنا ما اتخلقش اللِّي ياكل حقي.
واحد تالت
:
طيب أنا هاقف عند الأربعين … خللي صنف كلب يطلع يجيب ماسورة، علي الحرام
ما انتَ شايف مواسير بعد النهارده.
حسنين
:
إلِّلي تقدروا تعملوه اعملوه، اتفضلوا.
المعلم برنس
:
ولا تزعل نفسك يا حسنين بيه، إحنا برضه رجالتك.
حسنين
:
وأنا ماليش رجالة، أنا بطلت خلاص، مع السلامة.
أحد الرجالة
:
هوه إيه اللِّي مع السلامة.
المعلم برنس
:
بس، لحد كده احنا خلصنا، كل واحد يشوف شغله، واللِّي يقدروا ربنا على حاجة
يعملها، سلامو عليكو.
حسنين
:
مع السلامة.
(ينصرف الرجالة، يعود حسنين إلى الداخل وينهمك في ترتيب
أوراقه.)
حسنين
(وهو يقلب في الأوراق)
:
دي عالم إيه دي، أعوذ بالله.
(يرن جرس الباب، يتقدم ويفتح، تدخل سميرة منشرحة.)
حسنين
:
ممدوح جه؟
سميرة
:
أيوه يا عمي.
(يهرول ناحية الكرسي ويجلس متصنعًا المرض الشديد، يدخل ممدوح، ينظر
إلى أبيه لحظة، ويظل واقفًا.)
ممدوح
:
مساء الخير يا بابا.
حسنين
:
مساء الخير يا ابني يا ممدوح.
(ثم يواصل حديثه دون أن ينظر إليه.)
الناس بتخلف عيال عشان تحضر موتها ودفنتها، وأنا مخلف راجل عمَّال بيدور ويلف حوالين
الحروب وأبوه بيموت لوحده.
ممدوح
:
أنا ماسيبتكش يا بابا، إنتَ اللِّي سيبتني.
حسنين
:
بقى كمان أنا اللِّي سيبتك، أنا اللِّي فتحت بيتي لرجالتك، وفتحت قلبي وفتحت نفسي،
وعملت نفسي الصغير وانتو الكبار، برضه بعد دا كله، أنا اللِّي سبتك يا ممدوح، أنا
اللي سيبتك!
ممدوح
:
الحكاية دي انتهت يا بابا، وأنا مش جَي اتعاتب دلوقت، أنا جَي أسأل عن صحتك، سميرة
قالتلي انَّك في حالة خطيرة.
حسنين
:
أُمَّال كنت منتظر أبقى في حالة إيه؟ انبساط، أنا اللِّي فيه ما تتحملوش الجبال،
إنما عمري ماعيط، عمري ما صرخت، طول عمري كنت راجل وهاموت راجل.
(يطرق ممدوح برأسه ويسكت.)
حسنين
(يستأنف الحديث)
:
أنا مابقاش فاضللي كتير، كلها شهر والَّا اتنين وارتاح على طول،
وثروتي كلها بَرَّه، في بنوك وخِزن خصوصية وعند ناس، وانا حطيتْ خلاص، مابقاش عندي قوة
أعمل حاجة، واهو كل شيء راح يبقى بتاعك.
ممدوح
:
أنا شخصيًّا عاوزك تعيش، ومش عاوز الثروة دي أبدًا.
حسنين
:
دا كلام مش عليَّ، كلام ماينفعش دلوقت، لازم نكون عمليين ونواجه الحقيقة، والحقيقة
إنْ انا استهلكت، خلاص وكل إنسان بيموت، وأنا جت ساعتي (يمسك بالدفاتر ويلقيها أمام
ممدوح) الدفاتر دي فيها كل شيء، لازم تشوفها وتعرف كل حاجة.
ممدوح
:
بس أنا دلوقت.
حسنين
(مقاطعًا)
:
عارف انَّك في الكفاح، في الثورة، بس انتَ مش هتعيش طول عمرك في الثورة،
بُكْرة المسألة تنتهي ويرجع كل شيء لحاله.
ممدوح
:
إنما.
حسنين
(مقاطعًا)
:
أنا مش عاوزك تسيب الثورة، ولا تبطل كفاح، إنما وانتَ في الكفاح برضه
تاخد بالك من حالك.
ممدوح
:
أنا شايف إن مرضك دي مسألة طارئة، وبُكْرة تخف وتبقى عال، وانا فوق دماغي مسئولية
كبيرة، ووقتي كله بقضيه في العزبة، وعندنا جرحى وقتلى وبلاوي متلتلة، وانتَ عارف إنَّ
صاحب بَالين كدَّاب، والإنسان لا يمكن يجيد عملين في وقت واحد.
حسنين
:
وإيه اللِّي مقعدك في العزبة؟ بيت أبوك قليل، مش قد المقام، هات رجالتك واتفضل،
البيت فضي من كله دلوقت، وإن كنت أنا مضايقكو يا سيدي، اسيبهولكو وامشي.
ممدوح
:
أستغفر الله يا بابا، مش حكاية مضايقة، إنما المسألة كلها إن احنا مرتاحين هناك،
ودول شبان في سن واحد … وساعات ييجوا يهرجوا، يزعقوا. والبيت هنا ما يسمحشي
بالحاجات دي.
حسنين
:
ما كان سامح في الأول وكان كويس.
ممدوح
:
كانت الظروف مختلفة، دلوقت احنا أكتر، ومشاكلنا بقت أضخم، ثم وانتَ زعلان ليه؟ ما
احنا في بيتك برضه، هوه احنا رحنا بعيد، ما احنا في عزبة بنايوتي، ومن حق، إحنا
سميناها معسكر حسنين بيه.
حسنين
:
وحسنين ده ملوش كلمة في المعسكر بتاعه؟ ثم تقليعة إيه دي اللِّي انتو طلعتولي
فيها آخر الزمن؟ الجيش بيقعد في معسكر متكلف ٣٥٠ ألف جنيه؟ الانجليز ما هم قدامكم
أهه … قاعدين في باركيه وحمامات لوكس؟ والَّا في رمل وسور سلك وخيم تقرف، انتو أغنى
والَّا الانجليز؟! يا فرحتي معسكر حسنين بيه! مش دا مالك ومحتالك ده، مش ده بتاعك كله.
ممدوح
:
إحنا يا بابا مش قاعدين في بيوت المدينة كلها، إحنا قاعدين في عمارة واحدة.
حسنين
:
كلام إيه دا اللي انت بتقوله؟ والإنجليز لما تهجم عليكو، هيكسروا عمارة واحدة
ويسيبوا الباقي، والَّا هيكسروا الكل، إنتَ لما بتهجم على معسكر، بتحرق خيمة واحدة
والَّا بتحرق المعسكر كله.
ممدوح
:
إحنا مافكرناش في الموضوع ده.
حسنين
:
طبعًا مافكرتوش، اللِّي إيده في النار، مش زي اللِّي إيده في المية.
ممدوح
:
وإيه اللِّي هيخللي الإنجليز يهجموا علينا؟ إحنا في حتة مستخبية، وبعيد عن الناس،
لا حد شافنا ولا حد عرفنا.
حسنين
:
أيوه صحيح والانجليز في كل حتة في السويس، دول عارفين إحنا كام واحد في الأوضة
دلوقت، همه دول حاجة بتستخبا عنهم. دول عارفين إبليس مخبي ابنه فين.
ممدوح
:
يعني انتَ خايف ع العمارات ومش علينا يا بابا.
حسنين
:
وانا خايف ع العمارات ليه يا ابني، مش عشان اللِّي فيها؟! العمارات في ستين داهية،
الراجل يساوي ألف عمارة، راجل زيك لو التفَتْ لحاله وفتح عينيه يبني ميت
عمارة.
ممدوح
:
طيب ما الحكاية واحدة، ما تفرض إن احنا هنا، ما الانجليز برضه هتخش وتهد وتحرق.
حسنين
:
الحكاية واحدة إزاي بقى يا ابني، هنا أمان، جوه البلد الانجليز عمرهم ما يخشوا
هنا، هما مجانين.
ممدوح
:
على كل حال يا بابا، إحنا هناك في أمان وعاملين حسابنا على كل شيء، حتى لو حصل
هجوم. واحنا هناك مرتاحين على الأقل بعيد عن القلش، ولوانيدا، والريس سعد
الله.
حسنين
(في ثورة)
:
برضه هتقولي القلش، ولوانيدا، وسعد الله، همه كفار، مش عالم بني آدمين
زينا؟!
ممدوح
:
على كل حال، إحنا اتخذنا قرار بالمسألة دي يا بابا.
حسنين
:
خدتوا قرار، إنتو مين؟ حكومة تانية.
ممدوح
:
إحنا اللي ح نقولو نعيدو تاني يا بابا.
حسنين
:
لأ ماني مش قد المقام، تِكَلِّم معايا ليه؟ هو أنا بافهم ولا باعرف حاجة، هو أنا
بقُصَّة زي اخوانا؟!
ممدوح
:
أنا مش عاوز أعكر دمك يا بابا، أنا اطمنت على صحتك والحمد لله، بعد إذنك.
حسنين
:
يعني كلامي دا كله ولا دخل دماغك، كنت بهوهو.
(ممدوح يتجه نحو الخارج، حسنين يصرخ.)
حسنين
:
يعني هاموت وأنا غضبان عليك، هموت يا ممدوح يا ممدوح، ممدوح!
(بعد أن ينتهي ينهض حسنين ويدخل من الباب الآخر، وهو يصيح،
التليفون، التليفون.)
(يبدو المسرح خاليًا لحظة، ثم تدخل سميرة متلصصة تبحث عن عمها، ثم
تنادي ممدوح، ممدوح.)
سميرة
:
إنتَ ماشي؟
ممدوح
:
ما انتِ شايفة، ولا يهمك، أنا هابقى أطل عليكي، أُمَّال طنط فين؟
سميرة
:
خرجت، اتخانقت مع عمي ومشيت.
ممدوح
:
وعمي راح فين؟
سميرة
:
اتخانق مع عمي وخرج مارجعش.
ممدوح
:
يعني البيت فضي، البركة فيكي انتِ.
سميرة
:
يعني أنا اللِّي انكتب علي الشقا دا كله، طنط مشيت وبابا مشي، وانتَ ماشي، أنا كمان
نفسي أمشي يا ممدوح.
ممدوح
:
أنا كنت عاوز أقولك تعالي معايا، إنما انا شايف إن مكانك هنا دلوقت، الراجل صحته
تعبت، وعقله خف. خليكي معاه.
سميرة
:
إيه.
ممدوح
:
أنا أول ما جيت أبوكي حذرني بس انا مافهمتش، كنت فاكره بيخرف م الخمرة، طلع أوعى
مني. المهم أنا هاسيبك دلوقت، وكل ليلة بالليل الساعة ٧ ابقي بُصِّي في النجمة اللِّي
بتلمع قوي في وسط السما.
سميرة
:
ليه؟
ممدوح
:
أنا كمان هابصلها.
سميرة
:
اسمها إيه النجمة دي؟
ممدوح
(يضحك)
:
والنبي ماني عارف اسمها إيه، النجمة اللِّي بتلمع وبس، دايمًا ع الشمال.
هيه سلام بقى.
سميرة
:
خليك معايا.
ممدوح
:
لأ علشان الشغل.
سميرة
:
يعني فيه شغل دلوقت.
ممدوح
:
ما هو في الحرب الناس مابتشتغلش على كيفها، الشغل بيجي فجأة.
سميرة
:
طيب مع السلامة يا ممدوح.
ممدوح
:
سلام يا حبيبتي.
(يقبلها وينصرف.)
(تخرج سميرة ويدخل حسنين بيه وزينب ومعها التليفون، بعد لحظة يسمع
صوت القلش.)
القلش
:
اتفضل يا خواجا لوانيدا، اتفضل.
(يدخلان المسرح.)
القلش
:
يا ألف بعد الشر عليك يا سعادة البيه، دي العالم كلها فداك واللِّي خلقك، غيرش
المؤمن منصاب (ينظر لزينب).
زينب
:
إنشالله تنصاب في عقلك.
حسنين
:
اتفضل يا خواجا، اتفضل يا لوانيدا يا اخويا.
لوانيدا
:
سلامتك خسنين بيه، سلامتك.
حسنين
:
تسلم يا اخويا … بقالي يومين في الرقدة المهببة دي، اقعد، اقعد يا معلم اقعد.
لوانيدا
:
خير إن شاء الله … لازم شوية برد.
حسنين
:
إن شاء الله خير يا لوانيدا.
لوانيدا
:
أنا والله لو يعرف كده، كان لازم ييجي على طول، بس إنتَ عارف خوتة كتير اليومين
دول.
حسنين
:
وآخرة الخوتة دي إيه يا لوانيدا؟
لوانيدا
:
كل شيء راخ ييجي تمام خسنين بيه.
حسنين
:
وهو فين التمام ده بس يا لوانيدا؟
لوانيدا
:
شوية كمان خسنين بيه، شوية كمان.
القلش
:
شويتين يا خويا مش شوية، وربنا يجيب العواقب سليمة وننفض م المولد ده، وكل واحد
يشوف شغله.
(ينظر لزينب.)
حسنين
:
الجماعة سابوا البيت وراحوا سكنوا في المدينة.
لوانيدا
:
أنا لسة معلم بيقوللي دلوقت.
حسنين
:
مصيبة كبرى يا لوانيدا، أنا لازم عملت حاجة وحشة قوي عشان كده بينتقم
مني.
القلش
:
عمايلك كلها خير يا سعادة البيه، غيرش المؤمن منصاب. يا اخوانا المؤمن منصاب
وحياتك يا لوانيدا.
(ينظر لزينب.)
لوانيدا
:
منصاب إمتى؟
القلش
:
هو إيه اللي إمتى، بقلك المؤمن منصاب.
(يسمع رنين جرس الباب، فترة صمت.)
حسنين
:
أنا عاوزك تعمللي خدمة يا لوانيدا.
لوانيدا
:
أنا تخت أمرك خسنين بيه.
حسنين
:
العيال دي عاوزين تهويشة، عاوزين تهويشة م اللِّي بالك فيها يطلعوا م العزبة جري.
لوانيدا
:
الوقت لو الانجليز عرفت راخ يضرب على طول.
حسنين
:
لأ أنا مش عاوز ضرب، مش عاوز ضرب في عرضك، هيكسروا المدينة، والواد ابني معاهم،
أنا عاوز تهويشة. تهويشة صغيرة يعني.
القلش
:
أمور ألبندا يعني، ألبندا.
حسنين
:
يعني تعرف انت، تهويشة بسيطة يقوم يسيبوا المدينة، عندي ٣ تلاف جنيه عشانك يا
لوانيدا.
لوانيدا
:
والله دي مسألة مش عارف، إنما نتكلم.
حسنين
:
هتتكلم في إيه … بقولك تهويشة، اتفق مع ويليامز، اتفق معاه خلينا نخلص، من ناحية
يبعدوا عنهم، وكمان يبعدوا عن المدينة.
لوانيدا
:
أنا راخ نكلم ويليامز خسنين بيه، ونشوف الخكاية.
حسنين
:
٣ تلاف جنيه كاش تحت أمرك.
القلش
:
ويا بخت من نفع واستنفع … (ينظر لزينب) … أنا نفسي أنفع يا جميل.
زينب
:
والنبي ما أجملك في نار جهنم.
لوانيدا
:
خلاص خسنين بيه، أنا نشوف الخكاية دي، بعدين نديك تليفون.
حسنين
:
أيوه ضرب مش عاوز، تهويشة، تهويشة صغيرة قوي، دول عيال صغيرة، من أي حاجة يجروا.
(يدخل إسماعيل، ثم يتوقف عن الدخول، ويقف في ركن المسرح بحيث يراه
المتفرجون ولا يراه الممثلون. ثم يختفى بحركة توحي أنه يختفي لينصت إلى حديث حسنين مع
لوانيدا.)
لوانيدا
:
على كل خال إخنا نسوف الخكاية دي، بس لازم تدفع الفلوس عشان كابتن ويليامز، خمس
آلاف جنيه كويس.
حسنين
:
خمسة كتير قوي يا لوانيدا.
لوانيدا
:
ماهو عشان ندي زابت، كمان أسكري، بعدين إنتَ أوز واحد تهويشة، لازم كله
ياخد.
حسنين
:
أنا مستعد أدفع بس هتنفذ إزاي؟
لوانيدا
:
إزاي تنفذ دي؟
حسنين
:
يعني راح تعمل إيه؟
لوانيدا
:
راخ نخلي ويليامز ياخد ٣٠ أسكري، وبعدين يعمل واخد هجوم، ويضرب نار في الهوا،
ويطردهم م العزبة.
حسنين
:
عفارم عليك، بس اوعى يا لوانيدا يحصل حرب.
لوانيدا
:
دي خسب مخ الزابت، كمان مخ أسكري، كل أسكري يمسك ٣٠ جنيه، زابت يمسك ١٠٠ جنيه.
كله يجي تمام خسنين بيه، شد خيلك انتَ.
(ينهض لينصرف.)
القلش
:
ما هو شديد أهو والحمد لله … والنبي شديد.
لوانيدا
(ينهض لينصرف)
:
خمد لله، خمد لله.
حسنين
:
ضرب مش عاوز، روح معاه يا معلم، روح معاه فهمه المسائل.
القلش
:
أنا فاهم اللِّي في غرضك، أمور ألبندا يعني … اطمئن.
(ينصرف القلش أيضًا بعد أن يغمز بعينه لزينب، ويبقى حسنين وحده،
يجرب التليفون، يدخل إسماعيل ويتجه مباشرة نحو الباب.)
حسنين
(ينظر إلى إسماعيل بغيظ)
:
يوه الخمارات قفلت، ما فضلش فاتح غير الخمارة بتاع
البيت.
(إسماعيل يصب كأسًا لنفسه ولا يرد.)
حسنين
:
أيوه راجع البيت بدري النهارده، لازم سقعة بره، والَّا هو انتَ بيحَوَّق فيك سقعة، اللِّي
ما شفتك عييت مرة، إلَّا عامل زي الحمار الحصاوي، جِبِلَّة إيه دي، إنتَ معندكش دم.
إسماعيل
:
لأ عندي يا حسنين، عندي دم كتير.
حسنين
:
مش باين يعني، لو كان عندك دم كنت تفارقني.
إسماعيل
:
اطمئن، هفارقك، هفارقك وهفارقها رخرة (ينظر للكاس) دي آخر مرة أحطه على لساني،
تحرم علي خمرتك وفلوسك وعيشتك اللِّي زي الهباب، أنا سمعت كل حرف انتَ قولته، سمعت
الصفقة بينك وبين لوانيدا، أنا خارج أبلغ عنك يا حسنين.
حسنين
:
هتبلغ مين، الحكومة هه؟
إسماعيل
:
هبلغ الحكومة، وهبلغ الناس، وهبلغ طوب الأرض، هاكشفك يا حسنين، هفضحك، هفضحك يا
حسنين … هفضحك.
حسنين
:
إسماعيل السُّكَرِي بقى راجل، طيب ما تعمل كده وتفرجني عاوز أشوفك بتعمل حاجة غير
الخمرة اللِّي انتَ ناقع نفسك فيها طول النهار.
إسماعيل
(يقذف بالكاس فيحطمه)
:
هوريك يا حسنين، أنا إسماعيل السُّكَرِي هوريك، هوريك … (ينصرف
مترنحًا).
حسنين
:
وريني ياخويا، بس الشطارة ماتورنيش وشك، الواحد يكسر وراه إيه ده؟ قلة،
ماتنفعشي، يكسر إزازة ويسكي عشان يبقى من بره (ينادي بصوت عال) يا سميرة، يا
سميرة.
(يعود إسماعيل إلى الحجرة بعد لحظة.)
حسنين
:
الله يعني رجعت تاني؟
إسماعيل
:
أيوه راجع أقولك حاجة نسيتها، قصدي أقولك ماتناديش على سميرة، سميرة مشيت من
هنا، سميرة سمعت الكلام برضه، سميرة عند ممدوح من نص ساعة، خليك لوحدك … خليك مع
القلش.
(يدخل القلش فجأة.)
القلش
:
الله بقى يا اسماعيل بيه، إنتَ مش هتفضك بقى من سيرة القلش دي؟ والَّا يعني هيه
لبانة، دا كمان ما يرضيش حد الكلام ده.
إسماعيل
:
أهلًا بالمعلم، إنتَ جيت؟ أقعد معاه بقى. خليك جنبه، ماهم بيقولوا وراء كل رجل
عظيم، خطاف عظيم برضه … لايقين لبعض. سلامو عليكو (ينصرف).
حسنين
(للقلش)
:
أُمَّال انتَ دخلت هنا إزاي؟
القلش
:
دا الباب مفتوح يا حسنين بيه بازقه من غير مؤاخذة راح مفتوح.
حسنين
(يعود للجلوس)
:
إيه اللِّي حصل؟ باب إيه اللي مفتوح؟
القلش
:
مصيبة كبيرة بعيد عنك.
حسنين
:
مصيبة إيه؟ إنتَ مش فهمته؟
القلش
:
فهمت مين؟
حسنين
:
لوانيدا.
القلش
:
لوانيدا مين وبتاع مين، هوه لوانيدا ناقص تفهيم، هو فاهم كل حاجة.
حسنين
:
أُمَّال مصيبة إيه اللِّي حصلت؟
القلش
:
المخزن.
حسنين
:
مخزن إيه؟
القلش
:
مخزن السلاح والمواسير.
حسنين
:
ماله، الفدائيين سرقوه؟
القلش
:
فدائيين مين وبتاع مين، الرجالة بتوعنا اللِّي سرقوه، خدو نص السلاح وشالوا أغلب
المواسير وطفشوا.
حسنين
:
طفشوا، طفشوا على فين؟
القلش
:
الواد بُرعي القهوجي قاللي انهم خدوا السلاح. وراحو ع الفدائيين.
حسنين
:
والمواسير؟ برضه ع الفدائيين.
القلش
:
حاجة تمخول يا حسنين بيه، دا زمن إيه ده؟ المؤمن منصاب بصحيح!
حسنين
(ينهض)
:
فين مفاتيح المخزن؟ فين المفاتيح؟
القلش
:
المفاتيح أهم من غير مؤاخذة.
حسنين
:
طيب تعالى قدامي، تعالى معايا.
القلش
:
بس هنروح فين من غير مؤاخذة في السقعة دي.
حسنين
:
أروح المخزن، أروح المخزن يا معلم.
القلش
:
وهتشوف إيه في المخزن يا سعادة البيه، ماهو زي ما بقولك أنا كده.
حسنين
:
اتفضل قدامي، قدامي.
(ينصرف وخلفه القلش، يبقى المسرح خاليًا لحظة ثم يدخل إسماعيل ويتجه
نحو البار مباشرة، وبعد أن يصب لنفسه كأسًا ويشربه وهو يلهث، يحدث نفسه.)
إسماعيل
:
آل رايح أبلغ آل، كنت رايح المحافظة، ماقدرتش، مش شايف أمشي، أنا سُكَرِي بصحيح،
سُكَرِي، أنا انتهيتْ من زمان، خلصت، أنا خلصت، ١٥ سنة سجن عشان وطني، عشان بلدي، ١٥
سنة سجن، و٢٠ سنة خمرة. (يلقي برأسه فوق البار ويبكي ثم يرفع رأسه مرة أخرى ويشرب
كأسًا) إيه؟ كنت عاوز أروح احكيلهم، أحكيلهم ع المواسير، والناس اللِّي بتموت عشان يوكلوا
عيالهم، ولوانيدا، والريس سعد الله، والقلش، ومخزن السلاح، والتهريب، كنت عاوز أحكي
كتير. إنما دا حتى الكلام عاوز شجاعة، الكلام عاوز شجاعة، الشجاعة ماتت، ماتت من زمان.
(يدخل المسرح نسر الفرَّاش في بنطلون وجاكتة عسكري طيران في الجيش
الانجليزي، يصب إسماعيل كأسًا في جوفه، ثم يفتح عينيه جيدًا فيشاهد نسر.)
نسر
:
إنتَ لسه برضو يا إسماعيل بيه.
إسماعيل
:
الله، دا مين، إنتَ بقيت طيران يا واد، نسر طار بصحيح. والله فيك خير لسه يا
واد.
نسر
:
طيران إيه؟ وبتاع إيه يا إسماعيل بيه؟ البلد بتنحرق بره، وانتَ لسه قاعد
تسكر؟
إسماعيل
:
بلد إيه يا واد اللي بتنحرق، بلد مين؟
نسر
:
المدينة يا اسماعيل بيه، المدينة انحرقت، النار للجو بره وانتَ ولا هنا.
إسماعيل
:
مدينة مين يا واد اللِّي انحرقت؟
نسر
:
المدينة، عزبة بنايوتي.
إسماعيل
:
والولاد … الولاد جارلهم إيه؟
نسر
:
حد عارف يا إسماعيل بيه، أهو اللِّي مات مات، واللِّي انجرح انجرح، الدم بقى للركب
بره يا اسماعيل بيه، هو حسنين بيه فين أُمَّال؟
إسماعيل
:
حسنين بيه (يضحك بهستيرية) حسنين بيه في المخزن، في المواسير، المواسير هناك
للركب، وممدوح يا واد؟
نسر
:
ممدوح كان في المعركة، كان زي الأسد يا اسماعيل بيه، تمام زي الأسد.
إسماعيل
(ينتفش)
:
طالع لعمه يا واد، اسمع يا نسر، اللِّي بَلَّغ عنكو حسنين بيه.
نسر
:
ما تقولش كده أُمَّال يا اسماعيل بيه.
إسماعيل
:
آل ماقولش كده آل، بقولك سامعه بودني دي، سامعه بودني وخرجت من شوية رحت أبلغ
عنه، عميت ماقدرتش امشي، وعطشت، زوري نشف، كنت عاوز كاس خمرة بأي ثمن، ويمكن لو
لقيت ساعتها كنت رحت على طول … لكن يا خسارة مالقيتش، يا خسارة … يا خسارة يا نسر (يبكي).
نسر
:
إنتَ بتعيط يا اسماعيل بيه!
إسماعيل
:
أنا مش إسماعيل بيه يا واد، أنا جثة من زمان، أنا مَيِّت، أنا مَيِّت بيه، اسمع تعالى
معايا، تعالى معايا على بره.
نسر
:
وهنروح فين بس؟
إسماعيل
:
أشوف النار، أشوف الولاد، أشوفهم، نفسي أشوفهم.
(يجذب نسر ويخرجان، قبل أن يخرج يعثر على مفاتيح حسنين بيه مُلقاة
على الأرض.)
إسماعيل
:
دي مفاتيح حسنين، مفاتيح الكنوز، مفاتيح المخزن.
نسر
:
مخزن إيه، هوه فاضل حاجة في المخزن، الرجالة بتوعه شالوا السلاح وجم ع المدينة.
إسماعيل
:
رجالة مين؟
نسر
:
رجالة القلش: كل واحد خد سلاحه وجه ع المدينة.
إسماعيل
:
جه يعمل إيه، يقلعوا مواسير رخرة.
نسر
:
مواسير إيه يا إسماعيل بيه، دول همه اللِّي أنقذونا، لو كانش جم رجالة القلش دول
كنا ضعنا كلنا، همه اللِّي لبخوا الانجليز وفكُّوا الحصار عنا.
إسماعيل
:
رجالة القلش!
نسر
:
أيوه رجالة القلش، بس هو ما كانش فيهم.
إسماعيل
:
لا وهوه كان فيهم من إمتى؟ دا حتى المواسير ماهوش فيهم. الرجالة كانت تروح
تموت وهوه قاعد ع القهوة يشرب شيشة.
نسر
:
منظرهم كان مُفرح يا اسماعيل بيه، ساعة ما هجموا عليهم، عيال زي العفاريت الزرق
ياكلو الحجر.
إسماعيل
:
عارفهم، هتقوللي، دا الانجليز ماخافتش م الألمان، وكانت تخاف منهم، فرحتني يا
نسر، فرحتني … الدنيا لسه بخير يا نسر.
نسر
:
أُمَّال يا اسماعيل بيه.
إسماعيل
:
اسندني يا نسر بيه وياللا بينا.
(يخرجان ويرتفع صوت حسنين والقلش في الخارج ثم يدخلان
المسرح.)
حسنين
:
عليَّ انا الكلام ده؟ دا أنا حسنين يا معلم، أنا اللِّي خبزك وعجنك، أنا اللِّي مربيك
يا
معلم.
القلش
:
الله الله، احنا هنفتق لبعض والَّا إيه؟!
حسنين
:
رجالة مين دول ياخويا اللِّي بقوا فدائيين على آخر الزمن، رجالتك يا معلم، نسر،
زقلط، والمولى، ودياب، وأبو مزيكا دول بقوا فدائية، خدوا السلاح وبقوا فدائية، طيب
والمواسير، والمواسير راحت فين يا معلم؟
القلش
:
خدوها بحقهم.
حسنين
:
حقهم دا إيه؟
القلش
:
حقهم، عرقهم وشقاهم.
حسنين
:
كمان انتَ هتسرقني يا معلم، هتسرق حسنين.
القلش
:
الله الله، إلا حكاية السرقة دي، أنا واللِّي خلقك أضيع عمري في كلمة زي دي، أنا
راجل شريف.
حسنين
:
شريف، من إمتى حكاية شريف دي؟
القلش
:
طول عمري، أنا حرامي آي نعم، إنما حرامي شريف، حرامي انجليز يعني، ما بحطش إيدي
في جيب حد، وبَعَرَّض نَفْسي للموت وآكل لقمة عيشي، بحارب أعادي، إنما أموالهم ومواسيرهم
غنايم لكم، إلا حرامي دي.
حسنين
:
أُمَّال اللِّي يسرق المواسير والسلاح م المخزن يبقى إيه؟!
القلش
:
بقولك ماسرقتش حاجة.
حسنين
(وهو يرفع سماعة التليفون)
:
طيب أنا هوريك يا معلم، هوريك يا حرامي.
القلش
:
بقولك بلاش كلمة حرامي دي، إلا حرامي، أُمَّال انتَ إيه، نيابة؟ ما أنت حرامي
زيي.
حسنين
:
أنا حرامي يا قليل الأدب.
القلش
:
أجدع حرامي، إيه يعني، حرامي ببدلة، حرامي غني، ولا تسخروا من ناس هم خير
منكم.
حسنين
:
عليَّ الكلام ده أنا، عليَّ انا يا قلش، يا شريف (يتكلم في التليفون) آلو … إديني
الحكمدار.
القلش
:
طيب بلَّغ، بلَّغ وأنا اقول كل حاجة، وشهد شاهد من أهلها، ثم إيه يعني الحكاية؟
عليَّ الطلاق لا رايح للفدائيين أنا راخر، ومش بس كده، عليَّ الطلاق لأقول كل حاجة، هيه
خطف الحكاية والَّا إيه.
(يهرع القلش إلى الخارج، يصطدم بنسر وإسماعيل يحملان جريحًا.)
القلش
:
دا إيه ده؟
إسماعيل
:
ماسورة، مش شايف إيه ده … راجل جريح.
القلش
:
أوتومبيل دهسه.
إسماعيل
:
لأ الانجليز دهسوه، الانجليز بتوعك انتَ ولوانيدا وحسنين بيه.
حسنين
(تقع من يده سماعة التليفون)
:
إيه ده؟ مين ده؟
إسماعيل
:
دي العيال أم قُصَّة يا حسنين. شايف القُصَّة منعاصة دم إزاي.
حسنين
:
إيه اللِّي حصل؟
إسماعيل
:
دا التهويشة مانفعتش … الانجليز ضربوا في المليان … كسروا المدينة (يضحك
بهستيرية) هات الخريطة ألِف فيها إزازة يا حسنين.
حسنين
:
المدينة، المدينة.
إسماعيل
:
أيوه المدينة، افتح الشباك تشوف النار بعنيك.
حسنين
(يجري ويفتح النافذة يشاهد ألسنة اللهب)
:
النار، النار، إحنا انتهينا، انتهينا.
إسماعيل
:
اللِّي انتهى عزبتك بس، فلوسك حياتك نفسها انتهت يا حسنين.
حسنين
:
الخراب، الخراب.
إسماعيل
:
دا مش خراب، دا عمار، النار بتاكل القديم، عشان تبني جديد غيره، شايف النار كويس
يا حسنين.
حسنين
:
النار، النار، النار.
إسماعيل
:
شايفها كويس، أهو أنا شايف في نورها عالم تاني طلع بيزحف، جيل زي الورد هتسويه
النار دي، دنيا جديدة قايمة يا حسنين، لا بتعتك ولا بتعتي … دنيا تانية يا حسنين.
ثورة، ثورة بحق وحقيقي، ثورة تنصف، تجيب عاليها في واطيها، دي بداية، دي بداية.
القلش
:
يا قوة الله، دا الخمرة بتوسع المخ بصحيح.
حسنين
(يتهاوى على كرسي وألسنة النار تمتد في الفضاء البعيد)
:
ممدوح … ممدوح.
إسماعيل
:
مالك ومال ممدوح، ممدوح راح لحاله، ممدوح مع رجالته في الجبل. ياللا بينا يا نسر
(ينظر نحو الجريح) ماتخافش عشر دقايق والإسعاف هتيجي تشيلك (بنظرة نحو حسنين) من حق
مفاتيحك أهه، المخزن فضي. السلاح وزعناه، هناك شوية مواسير يمكن ينفعوك يا حسنين،
ياللا بينا يا نسر، (ينظر لحسنين) خليك مع القلش.
القلش
:
الله، رايحين فين، خدوني معاكو، دا أنا أحارب زي الجن واللِّي خلقك.
(يدخل بنايوتي فجأة.)
بنايوتي
:
أنا جيت في الميعاد مظبوط خسنين بيه، أنا وخياة ديني مش ممكن يستنى بعد
كده.
القلش
:
عفارم عليك، خليك معاه انتَ بقى.
إسماعيل
:
اسندني يا واد يا نسر، اسندني يا واد أَمَّا اروح أحارب (في خطوات عسكرية) شمال
يمين، شمال. (يلتفت نحو القلش) إنتَ رايح فين يا ضلالي، اوعى تمشي في سكتنا أحسن
وحياة ممدوح أكسر رجلك.
القلش
:
وهتكسر رجلي على إيه؟ ما تروح في داهية (بصوت عال) بت يا زينب … يا زينب.
زينب
(تظهر بسرعة)
:
أيوه يا قلوشتي.
القلش
:
ياللا بينا يا بت.
زينب
:
استنا أما اجيب حاجتي.
القلش
:
ماتجيبيش حاجة ياللا بينا.
(يشدها من ذراعها، ويهرعان إلى الخارج.)
(يخرج إسماعيل ونسر في حركات عسكرية وبنايوتي يتفرج عليهم في دهشة،
والنار تتصاعد من بعيد من خلال النافذة المفتوحة، وحسنين يترنح على المسرح وهو
يصيح.)
حسنين
:
على فين يا اسماعيل؟ على فين؟ المدينة، المدينة، النار النار!
(بنايوتي ينحني على حسنين وهو يسقط على الأرض مطالبًا إياه بثمن
العزبة.)
(ستار)