المدنية
«المدنية — إذا خاطرتُ باستعمالِ استعارةٍ لا يُمكن الدفاع عنها بسهولة — هي النكهة التي تُضفيها نظرةٌ عقلية معيَّنة على التعبير الذاتي لعصرٍ من العصور أو مجتمعٍ من المجتمعات. إنها اللون الذي تخلَعه وجهةُ نظرٍ خاصة سائدة على المظاهِر الاجتماعية.»
يجيب هذا الكتابُ عن مفهوم المدنية أو المجتمَعات المتحضِّرة من خلال عرضِه ثلاثةَ نماذجَ يرى أنها هي التي حملَت شعار المدنية قديمًا وحديثًا، وهي: أثينا في القرنَين الخامس والرابع قبل الميلاد، وإيطاليا في عصر النهضة، وفرنسا في القرن الثامن عشر؛ واضعًا ثلاثةَ معاييرَ رئيسة للمدنية، هي: تحكيم العقل، والإحساس الصحيح بالقِيَم، وتقدير الفن. ومنها تنبثق معاييرُ أخرى فرعية مثل: إعلاء شأن الفرد فوق الجماعة، وتقدير المعرفة، وإعلاء الدعوة العالمية فوق الدعوة الوطنية. ويرى الكتاب أن المدنية هي مطلبُ الإنسانية، وأن السبيلَ لتحقيقها يَكمُن في عدةِ عوامل، أهمُّها وجودُ طبقةٍ ممتازة يُهيَّأ لها جوٌّ خاص تتوفر فيه أسبابُ العيش وحرية الفكر، کي تحيا حياةً نموذجية نسعى جميعًا إلى احتذائها.