حكايات قهوة كتكوت
«عادت الأيام الحلوة من تاني، وعاد خطَّاب أفندي إلى الواجهة ولكن في ثوبٍ قشيب. خطَّاب أفندي لم يَعُد هو الأفندي الجربان المقشف الذي عرفه الناس من قبل، ولكنه صار من الأعيان يملك أرضًا في ريف الجيزة، وله أصهار يأكلون اللحمة نيَّة، وهو لم يَعُد مجرد رقم في حزب السلطة، ولكنه أصبح دينامو الاتحاد الاشتراكي في الجيزة.»
تتميَّز «قهوة كتكوت» بتنوُّع روَّادها؛ إذ يرتادها في الصباح الباكر كَتَبة المحامين والفلَّاحون الذين ينتظرون النظر في قضاياهم، وفي الظهيرة يأتي إليها طَلَبة الجامعات، وفي المساء يتوافد عليها الموظَّفون، أمَّا الأدباء والشعراء والصحفيون فكانوا يسهرون في القهوة من منتصف الليل حتى الفجر. هذا التنوُّع جعل من القهوة نموذجًا مصغَّرًا لمصر؛ فالمتأمِّل لحالها وأحوال روَّادها يدرك حالَ مصر والمصريين، وهذا ما أبدع في نقله الكاتبُ الكبير «محمود السعدني» الذي كان يتردَّد على القهوة بانتظام، ويتقرَّب إلى روَّادها، فيستمع إلى أنَّاتهم وأحلامهم، ويشاركهم ضحكاتهم وعَبَراتهم، وكانت حصيلة ذلك فيضًا زاخرًا من الحكايات التي دوَّنها بين دفتَي هذا الكتاب.