مقدمة المؤلف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيقول الفقير إلى مولاه محمد صادق بيك ميرالاي١ أركان حرب المصري: إني قد استخرتُ الله في أن أشرح ما شاهدته برًّا في طريق
الحج الشريف، من كل مأمن أو مخيف، وما هو جارٍ في كيفية أداء هذه الفريضة الإسلامية،
ليكون
دليلًا مختصرًا مفيدًا للأمة المحمدية، وخدمة لأبناء الوطن، ولم أذكر شيئًا بمجرد الظن،
بل
عوَّلت في الغالب على الاقتصار على ذكر الحسن، وسميته: «بمِشْعَلِ المَحْمَل»،٢ وعلى الله سبحانه وتعالى أتوكَّل، وإن وُجد فيه شيء لا ينبغي أن يُذكر، فإنما
ذكرته أداءً لحق الوظيفة، مع التلطيف؛ ليكون قدوة ودليلًا لمن يتوظَّف من الآن، وليس
الخبر
كالعيان.
١
ميرالاي: مركب من «مير» مختصر أمير، ومن «الاي» الكتيبة، أي أمير الكتيبة. وهي
تعادل رتبة العقيد في رتب الضبَّاط اليوم.
٢
المحمل: أعواد من خشب على شكل الهودج شكله مربع ذو سقف يأخذ في الارتفاع من
الجوانب إلى الوسط الذي فيه قائم ينتهي بهلال، وفي العادة يسدل على ذلك الهيكل
الخشبي كسوة قد تكون من الحرير، وقد تكون من غيره، ويوضع في أثناء السفر على ظهر
جمل (مرآة الحرمين، إبراهيم رفعت باشا، ٢ / ٣٠٤). ويرافق المحمَل المصري كسوة الكعبة
الشريفة، والصُّرَّة، وصدقات وهدايا مكَّة والمدينة، وبحكم وجود هذه الأشياء
المرافقة اكتسب المَحْمَل هيبة وقدسية لدى الشعوب الإسلامية، مما جعل أصحاب التوجه
الإصلاحي السَّلفي إلى الوقوف بحزم ضد هذا التقديس غير المشروع، ولو بقي الاحترام
والتقدير الاعتيادي لهذا الشعار، الذي كان بمثابة راية الدولة ورمزها في ذلك الوقت،
لما وقف الناس ضد المحمل وضد قدومه بهذه الصفة، ومن درس تاريخ محامل الحج، أو قرأ
هذه الرحلة كاملة لعرف معنى كلامي، غفر الله لنا ولهم.