النزول من العَقَبة
قلعة العقبة
وفي يوم الإثنين (٦ القعدة/١١ أكتوبر) في الساعة الأولى من النهار ابتدأ النزول من
العقبة، بحيث صار الراكب ينزل عن دابته أو جمله ويتجه للجنوب الشرقي نحو خمسين مترًا،
ثم
يميل مبحرًا بين أَكَمات من صخر، نحو ثلاثمائة وثلاثين مترًا، ثم يتجه شرقًا قدر ثلاثمائة
متر، ويمر من محجر عرضه عشرة أمتار، ثم يسير نحو ستمائة متر، وينعطف جنوبًا نحو مائتي
متر
بين أَكَمات، ثم ينعطف إلى الجنوب الشرقي قدْر أحد عشر مترًا، ويتجه إلى الشرق الشمالي
قَدر
مائتين وثلاثين مترًا، ثم يتضايق١ المحجر إلى عشرة أمتار بصخر شمالًا وخور يمينًا، وبعد مائتين وثمانين مترًا
يصعد الركب مشرِّقًا قدر مائة وثلاثين مترًا، ثم يسير في مستوٍ من الأرض عرضه خمسون مترًا،
ويتجه مائلًا قليلًا من الشرق إلى الشمال الشرقي، وبعد مائتين وخمسة وستين مترًا يجد
هَوْيًا٢ على اليسار، وأَكَمة ومحجرًا خفيف الانحدار على اليمين، ثم يتسع الطريق، وبعد
مائة متر يجد زلطًا ومحجرًا وعلى اليسار خورًا، وبعد مائة وأربعين مترًا يسير في محجر
بعده
منحدر صعب النزول لا يمر منه إلا الجمل فالجمل مسافة عشرة أمتار، ثم يميل الطريق إلى
القبلي
الشرقي بين هُوى٣ شمالًا وصخور يمينًا، وبعد أربعة وعشرين مترًا لا يمر إلا الجمل فالجمل، ويستمر
ذلك قدْر مائة متر أيضًا؛ لكثرة الصخور مع تقوُّس الطريق إلى الشرق، ثم تتسع وتتجه إلى
الجنوب الشرقي، وبعد مائتي متر ينتهي الانحدار وتصير الأرض مرملة، وبعد ثلاثمائة وعشرين
مترًا يبدو منحدَر وجبال، ثم بعد مائتي متر يوجد محجر وصعود عرضه ثمانية أمتار، ثم رمل
وصعود آخر في منحدر عرضه عشرة أمتار، وبعد مائة وتسعين مترًا ينتهي الصعود ويسهل الهبوط،
وبعد مائة وخمسة وأربعين مترًا يميل الطريق مٌبحِرًا قدر مائة وعشرين مترًا، ما بين خور
يمينًا وصخور يسارًا، ثم يوجد زلط ومحجر، ثم يستقيم الطريق مشرِّقًا مقبلًا نحو خمسة
وتسعين
مترًا، ثم يتجه إلى شرقي بحري نحو ثلاثين مترًا، ثم ينحرف جنوبًا بقدر أربعين مترًا،
ثم
شرثًا بقدر خمسة وعشرين مترًا بين صخور ومحجر صعب، ثم يتجه إلى الجنوب الشرقي، وبعد أربعة
وأربعين مترًا يوجد خور على اليسار، ويسهل السير باستواء الطريق قدر مائتين وخمسين مترًا،
ثم يمر من نقب طوله عشرة أمتار، وعرضه ثمانية، وبعد ستين مترًا يظهر الخور الذي على اليسار،
ويميل الطريق مشرِّقًا بقدر اثنين وأربعين مترًا مع الصعوبة؛ لشدة صلابة الأحجار وشرذمتها
وإن كانت قليلة الانحدار نوعًا، ثم يتجه مُقبلًا إلى نقب في الحجر مُنحدر لا يمر منه
إلا
الجمل فالجمل، قدر مائة وثمانين مترًا، ثم يصير الهبوط سهلًا نحو مائة وستين مترًا، ثم
يميل
إلى شرقي قِبلي عن يسار خور قدر ثلاثمائة متر، ثم يقبل نحو مائة متر، ثم يستقيم بين الشرق
والشرقي الجنوبي نحو خمسة وخمسين مترًا، فينتهي إلى محجر هابط متجه إلى الشرق متقوِّس
طوله
مائتا متر لا يمر منه إلا الجملَ فالجملَ، ولا يزال إلى الشرق قدر مائتي متر، ثم يوجد
هبوط
صعب ذو حجارة كثيرة كبيرة لا يمر منه إلا الجمل فالجمل، أيضًا متجه إلى الشرق الشمالي،
طوله
ستون مترًا على يساره خور، ثم ينعطف الطريق بانحدار يسير إلى الشرق الجنوبي قدر مائة
وخمسة
وعشرين مترًا مع الانحدار، وهذه النقطة منخفضة عن التي قبلها، أعني النقطة التي بعد الستين
مترًا بنحو عشرين مترًا، ثم يتجه إلى الشرق الجنوبي قدر خمسة وعشرين مترًا، ثم يستدير
بتقوُّس مشرِّقًا مسافة ستة وثمانين مترًا في متَّسع، ثم يميل مقبلًا ثلاثين مترًا فيستمر
ما بين الشرق والشرقي القبلي قدر ستة وسبعين مترًا، ثم يميل شرقًا إلى مائة وخمسة وعشرين
مترًا مع انحدار وهُوى يمينًا، ثم يبحر الطريق قدر ثمانين مترًا، ثم يستدير إلى القبلي
بانحدار شديد قدر مائة وثلاثة وسبعين مترًا، ثم يتجه إلى القبلي الشرقي فوق أساس مقاطع
الخور الذي على الطرفين، وبعد سبعين مترًا توجد قَنطَرة مبنية لمجرى السَّيل النازل في
الخور وإلى هنا ينتهي آخر العقبة.
ومن هذا المحل يسهل سير الجمال بأحمالها إلى القلعة، وبعد سير مائة وستين مترًا من
القنطرة يميل الطريق مشرِّقًا مبحِرًا قدر تسعين مترًا في عرض عشرة أمتار بين جبلين،
ثم
يميل مشرِّقًا مقبلًا مائة وثمانين مترًا في عرض سبعين مترًا، وبعد ثلاثمائة أخرى يتجه
إلى
الجنوب قدر أربعة وستين مترًا، ثم إلى الشرق الجنوبي قدر تسعمائة متر مع سهولة السير
واستواء سطح الأرض، ثم يستقيم بين الشرق والشرقي الجنوبي، وبعد مائة متر يوجد صعود سهل
بين
أكَمتين، وبعد مائة وتسعين مترًا ينتهي الصعود وينحرف الطريق إلى الشرق، وبعد مائتي متر
يبتدئ صعود بين صخرتين، ثم بعد مائتي متر ينتهي إلى هبوط مستوٍ قدر ثلثمائة متر، ثم بعد
مائتين وثلاثين مترًا يبتدئ صعود آخر، وبعد مسير خمسة وسبعين مترًا من الصعود يوجد خور
يمينًا، ثم بعد خمسين مترًا يعقبه الطريق شرقيًّا قِبليًّا نحو خمسين مترًا، ثم يستقيم
شرقًا، وبعد مائة متر يوجد مجرى سيل، ثم بعد مائة وعشرين مترًا ينتهي الصعود ويبتدئ الهبوط
في متَّسع مستوٍ ما بين الشرق والشرقي الجنوبي قدره خمسمائة متر على يمين جبل، ثم بعد
مسير
أربعمائة متر يمر بين تلال طولها تسعون مترًا ويكون عرضه تارة عشرة أمتار وتارة عشرين،
ثم
يميل مشرِّقًا مُقبِلًا قدر مائة وخمسين مترًا، ويتسع بين تلال ورمال سهلة السير نحو
خمسمائة متر، ثم بعد خمسمائة أخرى تنقطع التلال ويمر الطريق على يمين جبل، وبعد مائة
وعشرة
أمتار يميل شرقًا مسافة أربعمائة متر، ثم ينعطف يسيرًا إلى الجهة البحرية الشرقية مسافة
مائة وعشرة أمتار، ثم يتجه إلى الشرق الجنوبي قدر ستمائة وثمانين مترًا، ثم يمر بين تلال
في
عرض ثلاثين مترًا ويستمر ما بين الشرق والشرقي الجنوبي، ثم بعد خمسمائة متر يصعد بين
تلال،
وبعد مائتي متر ينحدر إلى خمسمائة متر فيتسع في أرض مرملة محاطة بتلال، وبعد مائتي متر
ينحدر إلى خمسمائة متر فيتسع في أرض مرملة محاطة بتلال، وبعد ثلاثة آلاف ومائة متر ينتهي
إلى رمال البحر المالح، ثم بعد أربعمائة متر يصير البحر المسمى ببحر العَقَبة٤ عن يمينه فيمر على شاطئه، وهذا البحر متصل ببحر السوَيس أي القُلْزُم،٥ والمرور من هذه العقبة شديد الصعوبة جدًّا، فيلزم كل الحذر في نزولها وصعودها،
وخصوصًا الصعود. وقد أجرى تنظيمها نوعًا المرحوم (بإذن الله) عباس باشا٦ ومع هذا فصعوبتها لم تزل شديدة.
ثم إن ابتداء النزول كان في أول الساعة الأولى، والوصول إلى الشاطئ الشرقي من بحر
العقبة
كان في الساعة الثالثة، وهناك صار وَكْب المَحْمَل بجوار نخيل، وسار عن يمينه البحر المالح،
وعن يساره أرض مرملة يعلوها البحر عند المد، وبانتهاء عرض البحر سلك طريقًا محتفَّة٧ بالنخيل إلى أن وصل القلعة بعد خمس وأربعين دقيقة، وهي قلعة متينة مبنية بالحجر
النحت على ثلثمائة متر من الشاطئ، أنشأها السلطان مراد٨ ابن السلطان سليم،٩ طولها ٦٣ مترًا في عرض ٦٣، وفي أركانها أربعة أبراج اثنان منها آيلان إلى
السقوط، وعن يمين الباب برج وعن يساره آخر، وحوشها طوله ٤٥ مترًا في مثله، وفيه بئر معين١٠ عَذب، عمقه عشرون مترًا، ومسجد صغير للصلاة، وحواصل للذخائر، وهذه القلعة فيها
محافظ يوزباشي جهادي طوبجي،١١ وأربعة مدافع أحدها نحاس من عيار خمسة والثلاثة حديد، وبها ٣٣ عسكريًّا بيادة،١٢ وسبعة طوبجية،١٣ وبجوارها بيوت صغيرة وعِشَش، وهي أكبر قلاع طريق الحاج.
وسكان هذه البقعة يبلغون مائة شخص، وتأتي إليها العُربان في موسم الحاج للتجارة بالفواكه،
مثل الخوخ والرمان والعنب من مَعان١٤ التي هي بلدة في حدود الشام، وأما البامية والخضارات تنزرع١٥ بها. وهناك نخيل ومياه عذبة، ويحفرون حفائر بجانب البحر المالح فتنبع منها مياه
أعذب من ماء البئر التي في القلعة.
وقد شاهدت هناك بعض عجائب صنع ربي، وذلك أنه حُمِل إليَّ سمك غريب الشكل، ظهره زمردي اللون، وجانباه بنفسجيان، أشبه بالطير المُسمى بالدُّرَة لونًا وشكلًا، فإن فمه وعيناه كمنقاره وعينيه.
١
يتضايق: أي يضيق.
٢
هويًا: المكان المنخفض الخطر وليس بطريق. والهوة: كل وَهْدَة عميقة. وجمع الهوة
هُوًى. قال ابن سيده: الهوَّة ما انهبط من الأرض. والمَهْوى والمَهواة ما بين
الجبلين ونحو ذلك. والهاوية: كل مهواة لا يُدرك قعرها (انظر: لسان العرب، ١٥ / ٣٧١،
مادة: هوا). والهاوية: اسم من أسماء جهنم نعوذ بالله منها. قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ
هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ
حَامِيَةٌ (القارعة: ٨–١١).
٣
هُوى: مفردها هُوَّة، وهو المكان المنخفض الخطر وليس بطريق. وقد مر الحديث
عنها.
٤
بحر العقبة: خليج العقبة. وعلى هذا الخليج أربع مدن: العقبة الأردنية، وأَيْلة
الفلسطينية، ونُوَيْبع المصري، وحقْل السعودي.
٥
القُلزم: اسم السويس قديمًا، وكان يُطلق هذا الاسم على البحر الأحمر.
٦
عباس باشا الأول بن طوسون بن محمد علي، ثالث الولاة من أسرة محمد علي بمصر. ولد
بجدة حين كان أبوه حاكمها، عام ١٢٢٨ﻫ/١٨١٣م. ومن أخباره أنه تشاجر مع عمه إبراهيم
باشا حاكم مصر، فسافر إلى بلاد العرب، وبحكم العلاقة التي بينه وبين الأمير فيصل بن
نايف الشِّعلان أمير قبيلة الروَلَ؛ فقد حل ضيفًا على الرُّوَلَة لمدة سنتين حتى
موت إبراهيم باشا أواخر عام ١٢٦٤ﻫ/١٨٤٨م حيث تولى عباس حكم مصر بعد عمه. وقد أرسل
عباس باشا الأول ابنه الأمير محمد صديق إلى الرولة ليتدرب على الفروسية وفنونها،
اقتداء بالأمويين، إلا أنه توفي عندهم في أثناء تواجدهم في بلاد الشام، فدفنوه في
بُصْرى عام ١٢٦٩ﻫ/١٨٥٣م. قتل عباس باشا الأول غيلة علم ١٢٧٠ﻫ/١٨٥٤م رحمه الله
(انظر طرفًا من هذه الأخبار في كتابي: قبيلة الرولة في التاريخ، فائز الرويلي،
ص١٧٣).
٧
محتفة: أي يحفه النخيل من الجانبين.
٨
مراد: هو السلطان العثماني مراد خان الثالث بن السلطان سليم بن السلطان سليمان
القانوني، ولد عام ٩٥٣ﻫ/١٥٤٦م، وتولى الخلافة عام ٩٨٢ﻫ/١٥٧٤م. وكانت وفاته عام
١٠٠٣ﻫ/١٥٩٥م رحمه الله (انظر تاريخ الدولة العليَّة، محمد فريد بك المحامي،
ص٢٥٩).
٩
سليم: هو السلطان العثماني سليم خان الثاني، ولد عام ٩٣٠ﻫ/١٥٢٤م، وتولى الخلافة
عام ٩٧٤ﻫ/١٥٦٦. وكانت وفاته عام ٩٨٢ﻫ/١٥٧٤م رحمه الله (انظر: تاريخ الدولة
العلية، محمد فريد بك المحامي، ص٢٥٣).
١٠
معين: مياه جوفية.
١١
محافظ يوزباشي: الحاكم الإداري ضابط برتبة رائد، وتخصصه جهادي طوبجي: أي جهادي
مدفعي. مثل قولنا في هذه الأيام: المقدم مظلي مهندس فلان.
١٢
بيادة: هم المشاة في الجيش.
١٣
طوبجية: مدفعية.
١٤
مَعان: مدينة تقع في جنوب اللملكة الأردنية، بينها وبين تبوك حوالي ٢٢٥ كيلًا،
وبالقرب منها وقعت معركة مؤتة الشهيرة بين المسلمين والروم عام ٩ﻫ/٦٣٠م.
١٥
تنزرع: أي تُزرع بها.