قلعة نخل
في يوم الأحد ١٥ صفر/١٦ يناير بعد مضي خمسين دقيقة من الساعة الأولى من النهار استراح، وفي الساعة ١ ق٢٠ اتبع البراح، وفي س٦ ق٤٥ سار، وفي س٩ نزل بجوار قلعة نخل.
وفي يوم الإثنين ١٦ صفر/١٧ يناير صار استلام التعيينات من القلعة، وفي ليلة الثلاثاء في الساعة ٨ سار الرَّكب.
ومن الأصول المعتادة سنويًّا أن الحاج متى وصل إلى قلعة العقبة يُرخَّص للبشير في
التوجه
لمصر، وبدخوله مصر بالبُشرى يحصل للأهالي الفرح الشديد بقدوم الحجاج، وتطمئن قلوب الأقارب
على أقاربهم بتلاوة المكاتيب، ويجهزون ما يلزم لقدومهم بالسلامة إلى أوطانهم، والذي جرى
في
هذا العام كان على خلاف المعتاد، فإن الحاج لما وصل إلى قلعة العقبة صار منع طلوع البشير،١ ولما وصل إلى نخل كذلك، فلمَّا وصل الرَّكب إلى عيون موسى، تعجَّب أهل السُّويس
من قدوم الحاج بدون أن يقدمه البشير كالمعتاد، ليستعدوا له بما يلزم لمقابلته، وليبادروا
بإرسال التعيينات بعيون موسى للمستخدمين والمياه العذبة وما يلزم للحجاج.
وقد حصل أنَّ الرَّكب عند حضوره لعيون موسى لم يجد شيئًا من تلك الاستعدادات، وتأسفوا
على
أن أهل مصر متى بلغهم حضور الحاج بالسُّويس، بدون أن ترد جوابات من الحجاج إلى قرابتهم،
لاطمئنان خواطرهم، يحصل لهم غاية المشغولية وتشتت البال.٢
١
طلوع البشير: ذهاب البشير.
٢
كان المسلم فيما مضى، وقبل أن يذهب إلى الحج، يقوم بالتوبة من كل ذنب، ويقوم
بتسديد ديونه، ويكتب أو يملي وصيته؛ لأنه لا يعلم هل يعود أم لا؛ لأن رحلة الحج
محفوفة بالمخاطر الكثيرة، ومنها الأمراض الفتَّاكة، وقطَّاع الطرق، فإن نجا، فإن
الإرهاق الشديد مصاحب له، فإما أن يصبر وينتصر أو يقضي عليه الإرهاق لا سمح الله.
وكان الحجاج المصريون إذا وصلوا العقبة، أرسلوا البشير إلى مصر بسلامتهم، ومعه
الرسائل الموجهة من الحجاج إلى ذويهم. وفي موسم الحج لسنة ١٢٩٧ﻫ/١٨٨٠م لم يأذن أمير
الحاج المصري للبشير في الذهاب كالمعتاد، فإذا سمع الناس بقدوم الحجاج ووصولهم إلى
السُّويس؛ التي هي على مرحلتين من القاهرة، أي حوالي ١٠٠ كيل، مع عدم قدوم البشير
ورسائله التي يحملها، سوف تنشغل الناس، وسوف يحصل بعض الاضطراب، وقد تنتشر الشائعات
المزعجة عن الحجاج.