مغاير شُعَيْب
في يوم الجمعة ١٠ منه (١٥ أكتوبر) بعد خمس وعشرين دقيقة من الساعة الأولى من النهار
وصل
إلى محطة مغاير شعيب،١ وهو محل بين تلال يحدق به نخيل وعبل ليس به حشائش ولا مساكن مبنية إلا زربيات
من جريد لسُكنى العُربان، وتحمل المياه العذْبَة من مغاير تحفر بجوار الشجر، وهذه البقعة
بعيدة عن المالح٢ بأربع ساعات، ويتوصل إلى البحر من وادي مَديَن. ولا يباع بهذه المحطة شيء سوى
حشيش البهائم، وبلغت الحرارة عند الزوال ٣١ درجة.
وفي الساعة ٨ من يوم الجمعة سار الركب في وادٍ متسع بين نخيل وعبل وجبال، تارة قريبة
من
الدرب وتارة مستبعدة عنه،٣ وانتهى الشجر في الساعة ٩ ق١٠ وظهر اتساع الوادي برماله المنشورة بالزلط
والحشايش، وفي الساعة ١٢ عند الغروب استراح، وبعد مضي خمسين دقيقة من الغروب سار، وفي
الساعة ٦ استراح، وفي الساعة ٦ اتَّبع البراح، وفي الساعة ١١ ق٤٠ مر من طريق بين أَكَمات
منخفضة تارة وصاعدة تارة أخرى على يمين جبل ممتد متسلسل.
١
مغاير شعيب: هي مدين وتُسمى في عصرنا البِدْع، وهي مدينة صغيرة تتبع إمارة منطقة
تبوك في العهد السعودي. قال الجزيري نقلًا عن صاحب تقويم البلدان: مَدْيَن: مدينة
خراب، على ساحل بحر القُلزُم، محاذية لتبوك، على نحو ست مراحل منها، وبها البئر
التي استقى منها موسى لسائمة شُعيب. ومدين اسم القبيلة التي كان فيها شعيب، ثم
سُميت القرية بهم، ويشهد لذلك قوله تعالى: وَإِلَى مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ شُعَيْبًا (الأعراف: ٨٥) (الدرر الفرائد المُنظَّمة،
٢ / ١٣٥٨). وقال عنها عاتق البلادي: مغاير شُعيب: جمع مغارة، وهي الغار العميق في
الجبل. مغائر في صفراء شعيب التي تظلل البِدْع من الغرب … وأضاف يقول: والإجماع من
زمن متقدم على أن هذه مغاير شعيب وأن البلد هو بلد شعيب سواء كان اسمه مَدْين أو
الأيْكَة، فقد مر الرحالون من حجاج مصر من هنا منذ بداية القرن التاسع أو قبله
فذكروا أن الاسم هو مغائر شُعيب وأنها مدين. ويقول المساعيد — أهل هذه الديار: إن
اسم البِدع ناتج عن أن هذه الأرض قد دثرت ثم بدعت فيها آبار ومزارع فسُميت بذلك
(رحلات في بلاد العرب «في شمال الحجاز والأردن»، عاتق بن غيث البلادي، ص ١٣٨).
٢
المالح: البحر الأحمر.
٣
مستبعدة عنه: بعيدة عنه.