عيون القصب
في يوم السبت ١١ منه سنة ٩٧ (١٦ أكتوبر ١٨٨٠م) في ابتداء الساعة الأولى من النهار،
نزل
الركب حذاء الجبل بمحطة عيون القَصَب،١ وهناك بقعة بين جبلين بها نخيل وحشيش وسعتر وسلسول ماء آت من الجبال يجتمع في
حفرة تحمل منها الحجاج مياهًا، وقد بلغت الحرارة وقت الظهر ٣٢ درجة ريومور.
في الساعة ٧ ق٣٥ سار ومر من فوق جبل كثير الزلط إلى وادٍ متسع أرضه صلبة بها حصا٢ وحشايش، وفي الساعة ٨ ق٢٠ قرب الدرب من المالح بمسافة قليلة، وصعد الركب على
تلٍّ إلى وادٍ آخر، وفي الساعة ٨ ق٤٥ صار البحر عن يمينه وجبل مرمل ممتد عن يساره، وفي
الساعة ٩ ق١٠ قلَّ الجبل وكثر النخيل، وصار البحر يبعد شيئًا فشيئًا، ثم يقرب ثم يبعد،٣ وفي الساعة ٩ ق٤٥ انتهى النخيل واتسع الوادي، وفي الساعة ١٢ استراح الركب، وفي
الساعة الأولى من الليل سار في هذا الوادي مع السهولة يشاهد بعضًا من شجر الدَّوْم،٤ وفي الساعة ٥ ق٤٠ استراح بالقرب من البحر، وفي الساعة ٦ ق١٥ سار، وفي الساعة ١١
نزل بالقرب من بلد المُوَيْلِح بضم الميم وكسر اللام.
١
عيون القصب: وتسمى عينونة، من منازل الحاج المصري. قال الجزيري عنها في منتصف
القرن العاشر الهجري: والبحر الملح قريب منها، وربما تَرْسي عليها بعض الزعايم،
لبيع الغلال على أهل الركب، يجلبونه وغيره من الدقيق والمأكولات من بندر الطور،
وماؤها المورود خارج من واد جارٍ على نخيل أخضر، وقصب فارسي، وشجر من المقل، ولذلك
هو سريع التغير إلى العفونة، يصلح للغسل والاستحمام. والعادة الآن أن الركب يقيم
بها إلى قبل الظهر بعشر درج ويرحل، وذكر ابن العطار أن الركب كان يبيت بها غالبًا
في زمنه. وأضاف الجزيري يقول: ومحطة الركب في الذهاب فوق الحدرة، وفي الإياب تحت
الحدرة بالقرب من قبر الشيخ إبراهيم الابْناسي الشافعي، وهو في ضمن قُبَّة عالية
مبنية فوق الجبل (الدرر الفرائد المنظمة، ٢ / ١٣٧٠).
٢
حصا: حَصَى. وهي الحجارة الصغيرة.
٣
يعني أن الطريق مرة يقترب من البحر الأحمر ومرة يبتعد.
٤
شجر الدوم: نوع من الشجر يشبه النخيل إلا أنه يتميز عنه بتفرعه، وله ثمر عند نضجه
يصبح كالحجر، وبعد إزالة الطبقة الرقيقة التي تكسوه يؤكل ومذاقه حلو، وله فوائد
طبية. والدوم من الفصيلة النخيلية، واسمها العلمي: Hyphaene thebaica.