المُوَيْلِح
في يوم الأحد ١٢ منه (١٧ أكتوبر) بعد مضي عشرين دقيقة من الساعة الأولى من النهار
استعد
الموكب ودخل بلدة المُويلِح١ بعد الساعة واحدة وثلث، ونزل على شاطئ البحر، وهناك قلعة حصينة، بها جامع
ومخازن ومحافظ و٢٣ عسكريًّا، يتبعهم أربعون في محطة سَلْمى وكُفافة، والقلعة مبنية حصينة،
أنشأها السلطان سليم،٢ طولها مائة متر في عرض ثمانين، وفي أركانها الأربعة بروج قطر الواحد منها عشرة
أمتار، وطول حوش القلعة ٨٣ مترًا في عرض ٦٢ مترًا، وبها مدفع من النحاس مستعمل، وسبعة
من
الحديد غير صالحة للاستعمال، وبها بئر قيسوني الماء عمقها أحد عشر مترًا. وفي خارج القلعة
آبار متعددة، ونخيل بكثرة، ومساكن من عِشَش إلا بيتين أو ثلاثة، ومخازن لتجارة الفحم
والحطب
والسمن والعسل، ويزرع هناك بعض خضارات. وأهلها نحو مائة شخص خلاف العُربان، والحُمَّى
مُتَسَلْطِنة٣ على سكانها دائمًا، وكذا داء الطحال،٤ وسبب ذلك اقتياتهم بالبلح قبل استوائه وبعده طول العام، لفقد ما يقتاتون به
غيره؛ لأن الحِنطة عندهم عزيزة جدًّا.٥ ولجميعهم من نساء ورجال اعتقاد قوي في الزَّار الذي عمَّت به البلوى في سائر
الأمصار، ويحكون في ذلك حكايات ما هي إلا خرافات.
١
المويلِح: ويسمى المويلحة بالتأنيث، بلدة صغيرة في شمال غرب الجزيرة العربية على
ساحل البحر الأحمر بالقرب من مدينة وميناء ضبا. قال عنه الجزيري: الموَيْلِح،
ويُسمى النَّبْك عند أهل الدَّرَك، والمحطة بجانب البحر المالح، وبها صيادون للسمك
في قوارب لطاف، ويجلب إليها الدقيق والفول والفاكهة من الطور في جلاب، للبيع على
الحجيج كالعيون، ويحصل بذلك رفق للركب، يوجد بها الحشيش لعلوفة الجمال والأغنام في
الغالب، تجلبه العُربان. وأضاف يقول: المُويلِح وصف للماء تصغير مالح، وهو كذلك عند
قلة الأمطار. والظاهر أن المنزلة سميت باسم مائها المورود قديمًا (الدرر الفرائد
المنظمة، ٢ / ١٣٧٨ بتصرف).
٢
بل الصحيح أن الذي أنشأ قلعة مويلح هو السلطان العثماني سليمان القانوني عام
٩٦٨ﻫ/١٥٦٠م (انظر: العثمانيون في شمال الجزيرة العربية، مطلق البلوي، ص٩٠. نقلًا
عن: قلعة المويلح «دراسة معمارية حضارية»، هشام محمد عجيمي، ص١١٤ رسالة ماجستير غير
منشورة، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ١٤٠٣ﻫ/١٩٨٣م).
٣
متسلطنة: متمكنة منهم.
٤
داء الطحال: الطحال يوجد في الركن الأيسر من بطن الإنسان، ومن وظائف الطحال: صنع
خلايا الدم الحمراء والبيضاء في الجنين، ولكن بعد خروجه من بطن أمه يتوقف تصنيعه
للخلايا الحمراء، ومن وظائف الطحال صنع الخلايا اللمفاوية، ويقوم الطحال بتخزين
مقدار من الدم يبلغ حوالي ٥٪ من دم الإنسان؛ ليفيض به على الجسم عند الحاجة. ومن
الأمراض التي يزيد عندها حجم الطحال: الملاريا. وبالرغم من أن للطحال فوائد جسيمة
إلا أن الجسم يمكنه الاستغناء عنه، ولهذا فهو يُستأصَل جراحيًّا في حالات انفجاره
أو تضخمه أو التهابه أو احتقانه، وتقوم الخلايا الشبكية البطانية الموجودة في مختلف
أجزاء الجسم بتعويض الجسم عما فقده نتيجة استئصال الطحال (موسوعة جابر لطب
الأعشاب، د. جابر القحطاني، ١ / ٥٣٤، بتصرف واختصار).
٥
عزيزة جدًّا: أي أنها نادرة أو قليلة جدًّا.