محطة الأزْلم
في يوم الثلاثاء ١٤ منه (١٩ أكتوبر) الساعة ٨ ق٣٥ سار الركب، وفي الساعة ٨ ق٤٥ صعد
إلى
تلال مفضية إلى وادٍ متسع يعلوه زلط عن يمين البحر بعيدًا منه بمسافة قليلة، وفي الساعة
١٠
ق٣٠ مر على قبر الأكفافي،١ وفي الساعة ١١ هبط يسيرًا في محجر، وفي الساعة ١١ ق١٥ صعد فوق تلال ثم مر
بالقرب من البحر، وفي الساعة ١٢ استراح، وفي الساعة الأولى من الليل سار الركب، وفي الساعة
١ وصل إلى منحدر خفيف، وفي الساعة ٥ ق١٥ سار في وادٍ مستو سهل به بعض زَلَط، وفي الساعة
٦
ق١٠ هبط من منحدر، وفي الساعة ١٠ ق٥٥ وصل إلى محطة أزْلَم،٢ وهناك قلعة مربعة الشكل مبنية بالحجر النحت، خربة من مدة سنتين، كان قد أنشأها
الملك الأشرف أبو النصر٣ في سنة ٥١٦،٤ وليس بهذه المحطة سكن، وفيها ثلاث آبار لشرب الدواب فقط، عمق كل منها خمسة
أمتار، وبالصحراء حشائش تُسمى بالرِّمْث٥ لا يُنتفع بها. وقد بلغت الحرارة وقت الظهر ٣٠ درجة.
وفي يوم الأربعاء ١٥ منه (٢٠ أكتوبر) في الساعة ٨ ق٣٥ سار الركب في هذا الوادي المتسع
المحاط بالجبال، وفي الساعة ٩ ق١٠ ظهرت جبال على الجانبين ممتدة إلى المحطة الآتية، تارة
تبعد وتارة تقرب، مع وجود حَصَى وشجر السَّنْط،٦ وبعد ق٤٥ من الغروب استراح، وفي الساعة ١ جدَّ السير، وفي الساعة ٦ استراح،
وفي الساعة ٦ ق٤٥ سار في أرض متسعة محاطة بجبال تارة تعلو وتارة تنخفض.
١
هو مرزوق الكُفافي (انظر: الدرر الفرائد المنظمة، الجزيري، ٢ / ١٣٨٥. أنس السَّاري
والسارب، السراج بن مليح، ص٧١).
٢
الأزْلَم: قال عنه الجزيري: وإنما سُمي هذا المحل بهذا الاسم لخباثة أرضه وسباخته
وكثرة أفاعيه، وملوحة مائه جدًّا، وقلة نبات الأرض به، خصوصًا زمن المَحْل،
والمشقات الحاصلة للوفد بشرب مائه، وبُعْد المسافة عن الماء العذْب السائغ منه
ذهابًا وإيابًا وغير ذلك، وهو نصف طريق المكة، يصلون إليها في سابع يوم من العقبة.
وأضاف يقول: وألأزلم من المناهل الكبار المُعدة لاستعداد المحتاج من الحجاج، ويُنصب
به سوق كبير، تجمع فيه الباعة ما حملته من الزاد والعليق وغيره للبيع على الحجيج،
خصوصًا بالرجعة عند حضور جماعة الملاقاة بما معهم من البضائع والمأكولات، إلا أن
الإقامة به بمقدار زائد عن الحاجة لا طائل فيه؛ لتضرر أهل الركب بشدة ملوحة مائه،
خصوصًا في زمن شدة المحل وعدم الأمطار (الدرر الفرائد المنظمة، ٢ / ١٣٨٨
و١٣٩٣).
٣
الملك الأشرف أبو النصر قانصُوه الغوري، نسبة إلى مدينة غوري والتي تقع في
جورجيا. هو آخر سلاطين المماليك البرجية. ولد عام ٨٥٠ﻫ/١٤٤٦م، ثم امتلكه الأشرف
قايتباي وأعتقه وعينه في عدة وظائف في خدمته. نودي به ملكًا على مصر عام
٩٠٦ﻫ/١٥٠١م إلى أن قُتل في معركة برج دابق شمال حلب عام ٩٢٢ﻫ/١٥١٦م وكانت ضد
العثمانيين، الذين واصلوا تقدمهم بعد هذا الانتصار، وضموا مصر، فأصبح ولاية
عثمانية (انظر إلى بعض تاريخه في كتاب: حقائق الأخبار عن دول البحار، الميرالاي
إسماعيل سرهنك، تحقيق ودراسة: د. عبد الوهاب بكر، المجلد الأول/الجزء الثاني،
ص٣٣١).
٤
هذا هو المكتوب في النسخة التي بين يدي، وهو خطأ في الطباعة لا شك، والتاريخ
الصحيح هو: ٩١٦ﻫ/١٥١٠م. قال الجزيري: وكان بها خانٌ خراب للناصر محمد بن قلاوون،
فهُدم في ولاية السلطان قانصوه الغوري، وأعيد جديدًا في سنة ست عشرة وتسع مئة على
يد الأمير خُشْقَدَم، أحد الأمراء العشرات (الدرر الفرائد المنظمة، الجزيري،
٢ / ١٣٨٩). ولا زالت أثار القلعة باقية إلى الآن.
٥
الرِّمث: أشجار معمِّرة من الحَمض، يتراوح ارتفاعه ما بين ٥٠–١٠٠سم، يُعرف
الرِّمث علميًّا باسم Hhalexylon Salicornicum أو Hammad Elegans. والرمث من أشهر
النباتات عند العرب، فهو حمض للإبل ورعي لها، ومصدر للحطب والصابون أيضًا، وقد تحدث
عنه العرب وأكثروا من ذكره لأهميته لهم (موسوعة جابر لطب الأعشاب، د. جابر
القحطاني، ٢ / ٢٢١).
٦
السَّنْط: هو شجر الطَّلْح المعروف. ومن أسمائه الأكاسيا والقَرَظ. وينتشر في
الجزيرة العربية والهند وبعض مناطق إفريقيا. واسمه العلمي: Acacia Arabica من
الفصيلة البقولية Leguminosae. وله الكثير من الفوائد الطبية (انظر: موسوعة جلبر
القحطاني، ٤ / ٢٠٤).