صَرْفُ حقوق العُربان
في يوم الجمعة ١٧ منه (٢٢ أكتوبر) صُرف للعُربان حقوقهم من الدراهم والكساوي، فوجد
عدد من
الكساوي والخلع ناقصًا عن المرتَّب! فسُئل من كاتب الصُّرَّة عن سبب ذلك؟! فأجاب بأن
الروزنامجة١ صَرَفت للصرة أثمان ما ينقص ليُصرف إلى أربابه. وقد أبى بعض من نقص مرتَّبه
قبْضَ هذا المبلغ وأنِف٢ من ذلك، ومنهم الشيخ سليمان شيخ عُربان الوَجه،٣ لأنه لعدم وجود بنشه الذي هو من العال٤ أراد كاتب الصُّرَّة إعطاء دراهم في مقابلته، فأبى ذلك، ورأى أن أخذه للثمن
عار، وأخذ بنشًا من النِّمرة الدُّون.٥
١
الروزنامجة: ديوان أو وزارة المالية.
٢
أنِفَ: استنكف وصدَّ أنَفَةً وعِزَّةً من أن يأخذ هذا المبلغ.
٣
الشيخ سليمان: المقصود هو شيخ قبيلة بلي سليمان باشا بن عَفْنان بن عمار بن سليم
بن رِفادة. قال عنه أمير الحج المصري اللواء إبراهيم رفعت باشا: أما سليمان باشا
فإنه رجل العرب وواحدها كرمًا وخلقًا وتواضعًا في عزَّة وعفَّة، وله من النفوذ بين
قومه ما ليس للحكومات ذات الأنظمة الحديثة، ولو ضاع عقال من صاحبه في طريق الوَجه
لأتى به سليمان، ولقد سبق أن سُرق جملان من عرب الجيزة الذين كانوا معنا في سنة
١٣١٨ﻫ/١٩٠١م، فأحضرهما بعينهما، وسلمهما إلى ذويهما، ومحال أن تجد مثل هذه الأخلاق
في مشايخ العرب الآخرين. ولقد عرفته الدولة فأكبرته، وقلدته الأوسمة الفاخرة، ورتبة
الباشوية (مرآة الحرمين، ٢ / ٢٣١). عُمِّر الشيخ سليمان باشا طويلًا، وأدركته المنية
بالقرب من تبوك عام ١٣٣٦ﻫ/١٩١٧م، في حادثة تفجير القطار الذي كان يقلُّه وهو عائد
من بلاد الشام، وذلك في أثناء أحداث الثورة العربية، ودُفن في تبوك رحمه الله
(انظر: أعمدة الحكمة السبعة، توماس إدوارد لورنس «لورنس العرب»، ص٤٣٩). وشيخ قبيلة
بلي في هذا العصر ١٤٣٢ﻫ/٢٠١١م هو: االشيخ سليمان محمد بن إبراهيم بن سليمان باشا
آل رِفادة سلَّمه الله.
٤
لعدم وجود بنشه الذي هو من العال: أي لعدم وجود كسوة من النوع الذي يليق بالشيخ
سليمان باشا بن رفادة وأمثاله.
٥
النِّمْرة الدون: أي الأقل جودة. إذ ينظر الشيخ سليمان باشا بن رفادة، وأمثاله من
المشايخ والوجهاء والأعيان، لهذه الكسوة أنها تكربم لهم من قبل حكومة مصر؛ لذا لن
يكون لها مقابل مادي.