وادي العَكْرَة (أَكْرَا)
في يوم الأحد ١٩ منه (٢٤ أكتوبر) بعد مضي خمس عشرة دقيقة من الساعة الأولى من النهار
مر
بكثير من عبل وسَنْط في أرض تعلوها طبقات طين صالحة للزراعة، وفي الساعة ١ ق١٥ من النهار
صعد فوق أَكمة إلى سطح وادٍ مستوٍ فيه زلط كثير يُسمى بوادي العَكْرَة،١ وهنالك نزل على غير ماء ولا مساكن؛ لأن المياه لا توجد في نحو هذا المكان إلا
عند نزول السيل. وقد بلغت الحرارة عند الزوال ٣٠ درجة.
وفي الساعة ٨ ق٤٥ سار الركب واستمر في الوادي إلى الساعة ٩ ثم ارتقى على سطح وادٍ
آخر به
حَصَى، وفي الساعة ١٢ ق١٥ استراح، وفي الساعة ١ ق٤٥ من الليل جدَّ السير، وفي الساعة
٦ استراح،
وفي الساعة ٧ سار، وفي الساعة ١٠ ق١٥ وصل إلى محطة حَنَك،٢ ولعدم وجود المياه بها استمر على السير، وفي الساعة ١١ ق٤٥ نزل في محل متسع، به
سَنْط وزلَط، وليس فيه آبار ولا مياه؛ لكن مياه الركب كانت قد حُمِلت قبل ذلك من
الوَجْه.
١
وادي العكرة: هو أحد مصبَّات وادي الحمض، والثاني يُسمى اليعبوب، ويقع جنوب أكرا.
وفي أكرا مبنى أثري يسمى قُصَيْر (تصغير قصر) سعيد، ويبعد عن الوجه جنوبًا حوالي ٥٠
كيلًا. ذكر الجزيري هذا الموضع في الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة
المعظَّمة باسم: أكرَه، ومرة باسم: أَكْرَى. وتبدَّل هذا الاسم فيما بعد إلى
العَكْرَة، كعادة العرب — أحيانًا — في إبدال حرف الألف عينًا. قال عنه الجزيري:
وأكْرَى حدُّ أرض بلي من جهينة، وهو فضاء واسع، ومرعى، وماؤها حفائر جفار غير
سائغة، وهي مختلفة منها ما هو مالح جدًّا، ومنها ما هو دونه، وإذا لم تكن الأرض
سائلة من المطر فالملوحة متزايدة، وبالضدِّ، وتزعم الجمَّالة أن ماءها خبيث لشرب
الجمال، وليس بصالح، وأنه يضرها بخلاف ماء الأَزْلَم، وأرضها ردِيَّة سَبْخَة،
وأفاعيها قتَّالة في الغالب (الدر الفرائد المظمة، ٢ / ١٤٠٠).
٢
حَنَك: من منازل الحاج المصري، ويسمى بين الدَّرْكَيْن، لأن ما قبله يسير الحاج
المصري في دَرَك قبيلة بلي، أي حراستهم وحمايتهم، وما بعده يسير الحاج المصري في
دَرك قبيلة جهينة، أما الحنك فأشبه ما يكون بالمنطقة المحايدة بين بلي وجُهَينة،
يسير الحاج فيه بدون دَرَك. والدرَك — بفتح الراء وسكونها — مأخوذ من الإدراك وهو
التبعة، أي أن القبيلة تتحمل تبعات ما يحدث في أراضيها. قال الجزيري عن الحنك:
وكانت الإقامة بأَكرَى يومًا وليلة، وسار «الحاج المصري» إلى طارف الحنك إلى أن
قطعه وهو فضاء واسع كبير، وطارف جبل صغير يُرى على مسيرة الركب ذهابًا وهو المسمى
بالحنك (الدرر الفرائد المنظمة، ٢ / ١٤٠٢، بتصرف). وجاء السِّراج بن مليح القَيْسي
مع الحاج المغربي في عام ١٠٤٠ﻫ/١٦٣٠م، بعد الجزيري بحوالي ٨٠ سنة، وتحدث عن
منازلهم فقال ثم لموضع صحرا يُقال له: بين الدرَكَين (أنس السَّاري والسارب،
السِّراج بن مليح، ص٧٢).