وصف مكة المكرَّمة
أما مكَّة شرَّفها الله، فهي بلدة كبيرة محاطة بالجبال، بيوتها تجارية عالية، بها
خمس
طبقات، تبنى بالحجر الجص الأصمِّ، ليس لها حوش،١ وبمكَّة خانات، ووكايل، وحمَّامان،٢ وشوارعها ضيِّقة بدون انتظام،٣ ما عدا شارعًا مشهورًا، مبتدؤه الشيخ محمود مارًّا بباب العمرة إلى أمام
التكيَّة المصرية، ثم على المسعى، وعلى طريق القشاشيَّة٤ وسوق الليل،٥ إلى آخر مكَّة من جهة المعلاة، وعرض الشارع يكون تارة ثمانية أمتار، وتارة
عشرة، وتارة عشرين مترًا.
ولحوم الأغنام والخضارات وأنواعها فيها كثيرة، ومن فواكهها اللذيذة: الرُّمان، والعنب،
والموز، والسفَّرجل وغيرها. تأتي إليها من الطائف٦ ومن سائر جهاتها.
١
الحوش: هو السور الذي يحيط بالمبنى.
٢
حمَّامان: مفردها حمام، والحمَّامات هي التي يستحم فيها الناس، بخلاف المراحيض
التي يقضي الناس فيها حاجاتهم.
٣
شوارعها ضيِّقة بدون انتظام: أي ليست مستقيمة وليست في عرض واحد.
٤
القشاشيَّة: يعتقد — والله أعلم — أنها نسبة لأحمد القشاشي الذي عاش في منتصف
القرن «١١» الهجري، حيث سكن في هذا الحي فسُمي باسمه. وأسرة القشاشي من الأسر
المعروفة في مكَّة. هذا ولا يزال الاسم متداولًا في مكَّة المكرمة (انظر: تاريخ
مكَّة، أحمد السباعي، ٢ / ٤١٤).
٥
سوق اليل: سمي بذلك لأن الناس تمارس فيها البيع والشراء في أول الليل. وكل من بقي
عنده شيء من بضاعته في ذلك اليوم، خاصة المطاعم والأفران وما في حكمها، فإنهم
يجلبون ما بقي من طعامهم إليه، لبيعه بأي قيمة كانت؛ حتى لا يتلف عندهم (انظر: صور
من تراث مكة المكرمة في القرن (١٤) الهجري، عبد الله محمد أبكر، ١ / ٣٦١).
٦
الطائف: مدينة تقع على جبل غزوان، جنوب شرق مكَّة المكرمة، على بعد ٩٠ كيلًا
تقريبًا، تتميز باعتدال الجو في الصيف؛ لارتفاعها عن مستوى سطح البحر بنحو ١٧٠٠
متر. والطائف من مصائف السعودية الجميلة.