المسير إلى عرفات
في يوم الخميس ٨ منه
١ (١١ نوفمبر) س١ ق٤٥ وَكَبَ المَحْمَل المصري من محل الجَرْوَل، ومرَّ بالزَّاهر،
ثم بالشيخ محمود، ودخل مكَّة من باب العمرة، ومرَّ أمام التكيَّة المصرية، ثم من وسط
المسعى
إلى القشاشية وسوق الليل وبيت الإمارة سابقًا، إلى أن خرج من مكَّة إلى المعلاة مشرِّفًا
إلى البياضية، أمام منزل الشريف عبد المطلب أمير مكَّة الآن، ومارًّا على يسار جبل النور
إلى منى س٤، وهي بلدة مستطيلة، يقطعها الرَّكبُ في مسافة ثمانية عشر دقيقة، بها بيوت
كثيرة
مزخرفة، منحصرة بين جبلين، يفصلها شارع عرضه تارة عشرة أمتار، وتارة عشرون مترًا، وتارة
ثلاثون، على جانبيه دكاكين مخازن، وهناك شارع آخر مبتدئ من وسط هذا الشارع وممتد على
اليسار
إلى آخر البلد، وهذه البلدة لا تُسكن إلَّا في أيام الحج. وخارج منى مما يلي عرفات على
اليمين جامع كان عليه الصلاة والسلام يجلس فيه مكان القبَّة، وهناك أنزلت عليه سورة المرسلات،
٢ وهذا الجامع بني في أيام خلافة عبد الله بن الزُّبيْر رضي الله عنه؛
٣ إحياء لآثار رسول الله
ﷺ، وهو المسمَّى بمسجد الخَيْف؛
٤ أعني حضيض الجبل. وعلى يسار الداخل في منى ركن مبني تزعم العامة أنه مكان إبليس
الكبير، ويعبَّر عنه في كتب الشرع بجمرة العقبة، يرجمونه بعد النزول من عرفات، ثم بعده
بنحو
مائة وخمسين مترًا بناء آخر على اليسار، تزعم العامة أنه إبليس الثاني، وهو الجمرة الثانية،
وبعد مائة وخمسين مترًا في وسط الطريق حوض مستدير به بناء مربع كالعمود، تزعم العامة
—
أيضًا — أنه إبليس الثالث، وهو الجمرة الثالثة.
وفي س٤ ق٥٠ استراح الرَّكبُ، وفي س٥ سار، وفي س٥ ق٥٥ وصل إلى المُزْدَلِفَة، وهي أرض
متَّسعة، تحتوي على محل به جدران على جانبي الطريق، المسافة بينهما ستون مترًا، وارتفاعهما
أربعة أمتار، عرض الواحد منهما ثلاثة أمتار، ويسمَّى هذا المحل بالمشعر الحرام، ومنه
يؤخذ
الحصى لرمي الجمرات عند العودة، ثم في س٧ وصل إلى العَلَمَين، وهما بناءان أصغر من الأولين،
المسافة بينهما مائة متر، يفصلان بين أرض مكَّة أي حرمها وعرفات.