الوقوف بعرفة
وفي يوم الجمعة ٩ الحجة سنة ١٢٩٧ﻫ/١٢ نوفمبر ١٨٨٠م بعد صلاة العصر، في الساعة العاشرة،
وكب المَحْمَلان المصري والشامي، وأميراهما أمامهما، حتى أتيا إلى أسفل جبل الرَّحمة،
في
مكان مرتفع قليلًا عن سطح الأرض، ومعدٍّ لهما بأسفل مصطبة مرتفعة في ثلث الجبل، فوقها
الخطيب راكب على جمل يخطب ويلبِّي، وبجانبه بيرق١ أحمر لونه طوبي، وبجانبه مُبَلِّغ٢ مصري، يشير بالمنديل للقريب والبعيد ممن حوله، ومن الواقفين أمام خيامهم،
وللحاضرين بعرفة، ليلبوا أيضًا، ويقولوا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ
الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وكلَّما أشار بالمنديل لبَّى الحاضرون مع البكاء
والتضرُّع والنحيب كيوم العرض بالتقريب، وهم في غاية الازدحام، عراة الرءوس، حفاة الأقدام،
ليس عليهم سوى الإحرام، خاشعون خاضعون، قاصدون باب كريم غفَّار، وعدهم بغفرانه وكرمه
على
لسان نبيه المختار
ﷺ ما دام الليل والنهار، فيا له من يوم تعجز عن وصفه
رواة الأخبار.
١
بيرق: راية، علم.
٢
مبلِّغ: من ينقل كلام الخطيب إلى الناس الذين لا يسمعونه في مؤخرة المجلس
وأطرافه.