رمي جمرة العقبة
وفي يوم السبت ١٠ منه (١٣ نوفمبر) وهو يوم العيد الأكبر، بعد مضي ربع ساعة من النهار
وكب
المَحْمَلان، وأتيا إلى قريب من المشعر الحرام، بجوار سُلَّم في ركن من جدار، قد صعد
عليه
الخطيب وصار يدعو الله ويلبِّي، والحاضرون يلبُون جميعًا. وعند الشروق، بعد مضي خمس وثلاثين
دقيقة من الساعة الأولى من النهار، ختم الدعاء، وعطفوا أَعِنَّة كروباتهم، وسار المَحْمَلان
واكبين في سيرهما كالأمس، إلى أن وصلا إلى منى،١ وكانت الساعة واحدة وخمسًا وأربعين دقيقة، ونزل الرَّكبان كلٌّ في محلِّه
المعتاد، ثم كل أحد توجه من الحجاج إلى آخر منى، ورمى الجمرة الأولى٢ سبع حصيات من حصى المزدلفة، واحدة بعد واحدة مع التكبير، ثم عاد إلى مخيَّمه،
وحلق، وفكَّ إحرامه، ولبس ثيابه، وتحلَّى بزخارف الدنيا، ودخل مكَّة، وطاف بالبيت طواف
الإفاضة،٣ ثم عاد إلى منى، فضحَّى وفَدَى. والأغنام بلغ ثمن الواحد منها من ريال ونصف إلى
ثلاثة ونصف.
١
منى: سميتْ بهذا الاسم: لكثرة ما يمنى فيها من الدماء. أي: يُراق في يوم النحر
(انظر: لسان العرب، ١٥ / ٢٩٤، مادة: مني). وحَدُّها شرقًا وغربًا من وادي محسر إلى
جمرة العقبة، ومن الشمال والجنوب قال العلماء رحمهم الله: كل سفوح الجبال الكبيرة
ووجوهها التي تتجه إلى منى من منى. وبناء على هذا تكون منى واسعة جدًّا، وتسع
الحجاج لو أنها نُظِّمتْ تنظيمًا تامًّا (انظر: شرح حديث جابر بن عبد الله رضي
الله عنه في صفة حج النبي
ﷺ، محمد بن صالح العثيمين، ص٥٠).
والمبيت فيها في أيام التشريق، واجب من واجبات الحج.
٢
الجمرة الأولى: جمرة العقبة، وهي التي تلي مكَّة المكرمة. سمِّيت بذلك لأنها كانت
في أصل جبل يُصعد إليه، إلى أن أمر الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله بإزالة هذا
الجبل؛ تسهيلًا وتوسيعًا على الحجاج.
٣
طواف الإفاضة: أحد أركان الحج الأربعة.