النظافة في منى
وكانت الإقامة يوم العيد وثانيه صعبة؛ لكثرة العفونات والوخامات،
١ وإن كان قد عمل خارج منى ببقعة مسجد الخيف مجازر لذبح الفداء، بجانبها حفائر
لإلقاء الدم والذبائح فيها، إلَّا أن ذلك لم يحصل إلَّا القليل جدًّا، حتى عند غروب يوم
العيد، انتشرت رائحة جيف الذبائح من كل ناحية؛ لأن أغلب الناس ذبحوا بالقرب من خيامهم،
وألقوا ذبائحهم حول خيامهم، وتحت أرجل المارين.
وفي صبح ثاني العيد، ازدادت العفونات، من تراكم الرِّمَم، ووجودها ملقاة حول الخيام،
وتحت
كل قدم، حتى حول خيمة الشريف، ولولا نزول الحاج إلى مكَّة في ثالث العيد، لحصل ضرر كبير،
ومع هذا حصل من ذلك فتور في الأجسام؛ لما شاهدت ذلك في نفسي، ولم أدر أهو من تأثير
العفونات، أو لعدم الاعتياد على الإحرام، ولولا أن الزمن كان معتدلًا، لزاد ضعف أغلب
الحجاج، ولو نزل السَّيل بمنى أيام العيد، لحصل بمكَّة وباء شديد، من العفونات التي تتحلل
من الضحايا.
وقد أخذ الحاكم بجُدَّة، عن كل وارد لها بَحْرًا من الحجاج، نصف ريال، بوسيلة في
مقابلة
المصروفات السانيتا،
٢ وحفر وردم الحفائر بمنى، وإزالة العفونات. وعلى هذا، إذا كان الوارد لها مائة
ألف شخص، كان مبلغ المتحصِّل خمسين ألف ريال، فضلًا عن ما خُصص على المواشي كما قيل.
٣