قلعة نِخِل
وفي يوم الخميس (٢ ذي القعدة/٧ أكتوبر) بعد مضي ق١٥ من النهار جَدَّ السير في وادٍ
شَرقي
قِبلي متسع صلب الأرض صالح للزراعة بع عاقول وبعض حشايش، وبعد س٥ نزل للاستراحة، وبعد
س٦
ق٤٠ أخذ في السير، وبعد س٧ ق٥٠ مرَّ مُشرقًا بين أَكَمات محجرة قليلة الارتفاع وقريبة
المسافة، وفي نهاية الساعة ٩ مرَّ بمحجر مستوٍ على يمينه جبل مرتفع عليه أَكَمَتان هرميتا
الشكل، ثم امتد الطريق بين جبلين متباعدين إلى وادٍ متسع جدًّا محاط بجبال بعيدة يُسمى
وادي
نخل، وبعد الغروب بعشر دقائق وصل الركب إلى قلعة نخل، وهي قلعة مربعة الشكل مبنية بالحجر
النحت ذات مزاغل طول كل ضلع منها ٢٨ مترًا ما عدا الأبراج التي في زواياها، وقطر كل منها
ستة أمتار، وهذه القلعة مرتفعة عن سطح الأَكَمة التي هي عليها بنحو سبعة أمتار ونصف،
والأَكَمة مرتفعة عن أرض الوادي بخمسة أمتار، وبداخل القلعة حواصل مُعَدَّة لذخائر الحجاج
والمستخدمين، وبها محافظ،١ ويوزباشي،٢ وملازم مخزنجي،٣ وبلوكباشي،٤ وستة عشر عسكريًّا، ببندق طرز قديم بشَطْفة، وستة طوبجية، ومدفع واحد نحاس طرز
قديم بَرِّي، وطول حوشها٥ من الداخل ٢٣ مترًا في ١٥، وفي أسفل البرج الشرقي البحري ساقية ماؤها قيسوني،٦ عمقها ٢٢ مترًا، يديرها ثَوْران،٧ فَيَصل ماؤها إلى خارج القلعة إلى ثلاثة أحواض مبنية معدة للحجاج والقوافل،
أحدها طوله ١٤ مترًا في ٢٨ بعمق ثلاثة أمتار، خَرِبَ من منذ سنتين، والآخران كل منهما
طوله
عشرة في تسعة، أحدهما ملآن، والآخر يُملأ عند رجوع الحاج، وبجانب هذه الأحواض أحواض صغيرة
مستطيلة تُملأ لشرب الدواب، وفي كل عام قبل طلوع الحاج بشهر يبعث الميري٨ بأربعة أثوار مع لوازم الساقية لإدارتها مدة طلوع ونزول الحاج، ثم ترجع الأثوار
إلى مصر مع الحج المصري، وفي بقية العام يستخرج سكان القلعة الماء بواسطة حبال ودلاء
مع
المشقة الزائدة. وبخارج القلعة ساقية خرِبة، وبئر مبنية عمقها ١٦ مترًا قليلة المياه،
وهناك عِشَش٩ لسكنى العساكر، وهذا الوادي أرضه سهلة صالحة للزراعة به ثلاثة مجار للسَّيل،
فمتى أتى ارتوى أغلبها وزرعتها العُربان؛ لأن طينتها التي تعلو الرمل خزفية بيضاء صلبة
بحيث
إذا أمطرت ومشى عليها إنسان أو حيوان وترك أثر قدمه فيها، ومضى عليها زمن تحجَّرت وصار
الأثر كأنه أصلي في الحجر، وعلى هذه القلعة يمر الحاج المغربي ذهابًا وإيابًا، وبالقرب
من
الجهة الشرقية القِبليَّة للقلعة مقام شيخ يُسمى الشيخ النخل، باسمه سُميت البُقعة والقلعة.
وفي أوان الحج يوجد هناك البطيخ والبلح والتين العلبي والجبن والدخان.١٠
وفي يوم الجمعة (٣ ذي القعدة/٨ أكتوبر) استلم الخَرْج١١ والعلائق،١٢ وكانت الحرارة عند طلوع الشمس ٩ درجات، وفي س٧ ق٤٥ من ليلة السبت سار الرَّكب،
وفي س١١ ق٣٠ نزل للاستراحة.
١
محافظ: حاكم إداري.
٢
يوزباشي: ضابط برتبة رائد.
٣
ملازم مخزنجي: ضابط التموين.
٤
بلوكباشي: رئيس الجنود.
٥
حوشها: الحوش: هو السور الذي يحيط بالمبنى.
٦
قيسوني: ارتوازي.
٧
ثوْران: مفردها ثور، وهو الذكر من البقر. وتُجمع على ثِيار وثِيارَةٌ وثِوَرةٌ
وثيرانٌ وثِيَرةٌ (انظر: لسان العرب، مادة: ثور).
٨
الميري: الحكومي أو الحكومة.
٩
عِشَش: هي البيوت التي تُبنى من سعف النخيل وفروع الأشجار وما أشبه ذلك.
١٠
لا تجوز زراعة الدخان ولا بيعه، حيث أجمع الأطباء والعقلاء على ضرره
الظاهر.
١١
الخرج: الإتاوة أو الضرائب أو المواد التموينية المخصصة للمحمل.
١٢
العلائق: الأعلاف المخصصة للدواب الناقلة للمَحمل.