بئر أم عبَّاس
وفي يوم السبت (٤ ذي القعدة/٩ أكتوبر) جدَّ السير ابتداء الساعة الأولى من النهار
في وادٍ
متسعٍ سهل، وكانت السماء قد أندَتْ ليلًا بحيث استمر الجو غيمًا إلى الساعة ٣، وقد انحرف
الدرب عن الشرق إلى قِبْلِي١ نحو عشرين درجة، وفي الساعة ٥ تراءَت من بعدٍ٢ جبال على طرفي الطريق، وفي الساعة ٥ استراح الركب، وفي الساعة ٦ ق٧ سار، وفي
الساعة ٩ ق٣٥ مرَّ فوق محجر بجانبه خور، ثم بعد خمس دقائق مرَّ في وادٍ محاطٍ بجبال بعيدة،
وفي الساعة ١٠ ق٤٠ وصل إلى محطة بير٣ أم عباس باشا٤ للمبيت، وهناك بير ساقية مبنية بالحجر ليس بها عُدة للملء،٥ عمقها ١٦ مترًا، وبجانبها حوض كبير، طوله ١٥ مترًا في عشرة، وعمقه ثلاثة أمتار،
وهي خربة مُعطَّلة، ماؤها مرُّ جدًّا لعدم النزْح؛ لانقطاع مُرتبها؛ فلذا تَحمِل الحجاج
المياه اللازمة لهم من نخل، ومن ذلك يصعب على الحجاج والمواشي قِلة المياه بهذا المكان.٦
وفي الساعة ٧ من ليلة الأحد ضُرب مدفع التحميل، وفي الساعة ٧ ق٤٥ سار الركب خلف الدليل، وفي الساعة ٩ مرَّ صاعدًا بجوار خور، وفي الساعة ١١ استراح، وفي الساعة ١١ اتبع البراح.
١
قبلي: أي باتجاه القبلة. ويقصد جهة الجنوب الشرقي بالنسبة لمصر؛ حيث إن هذا هو
اتجاه القبلة لديهم.
٢
من بُعد: أي من بعيد.
٣
بير: تخفيف بئر.
٤
بئر أم عباس باشا: هذه البئر كان اسمها: بئر قريص. وماؤها غير صالح للشرب،
فأصلحتها أم عباس باشا الأول، فسُميت باسمها (انظر: الرحلة الحجازية، محمد لبيب
البتنوني، ص١٠).
٥
عُدة البئر: أي ليس بها دلو أو حبل وخلافه.
٦
مرارة مائها بسبب عدم تخصيص مبلغ مالي لصيانتها ونظافتها ونزْح الماء منها
بانتظام. وهذا من الفساد الإداري والمالي في الدولة إذا لم يجد من يعالجه بالطريقة
المناسبة. وسنجد في هذه الرحلة أن بعض الآبار والقلاع التي في طريق الحاج المصري،
لا زالت الدولة تصرف المخصص لها، ومع ذلك لا تُقدم الخدمة كما يجب!