المَحْمَل المصري في المسجد النبوي
في يوم الأحد ١٠ منه (١٢ ديسمبر) وكبَ المَحْمَل س٣، وأمامه الأمير والأمين ومحافظ
المدينة والضباط والعساكر الخيَّالة صَفَّيْن، من باب العمبرية، مارًّا أمام التكيَّة،
ثم
جامع الغَمامة بالمَناخة، حتى وصل إلى الباب المصري، فترجَّل الراكبون، وأمسك الأمراء
والمتوظفون بشرابتي زِمام جمل المَحْمَل، ودخلوا من الباب، والمَحْمَل خلفهم سائرًا رويدًا
رويدًا؛ لضيق الطريق، يتبختر كالعروس، فيا له من يوم فرحت به النفوس، وقد تعطَّر الطريق
بالبخور وبإعلان الصلوات والتسليمات انشرحت الصدور، إلى أن وصل إلى باب السلام، وصعد
الجمل
على السُّلَّم، وبرك عند العتبة في متَّسع بقدرِ مبرَكِه مع الرَّاحة، ثم رُفع المَحْمَل
من
فوقه، وأدخل الحرم إلى محله المعتاد سنويًّا بالقرب من المنبر النبوي، وطُويت كسوته
بمفرداتها، وحملها بعض المستخدمين وأغوات الحجرة الشَّريفة، بعد أن لبس كل منهم جبَّة
بيضاء
وحزامًا وعمامة كذلك، ودخلوا إلى الحجرة النبويَة من الباب المسمَّى بالشامي، وتركوها
في
بقْعة السيدة فاطمة رضي الله عنها، بجوار باب ضريحه الشريف. وأما البيرق١ بجوار الفجوة الكائنة عند الرأس الشريف وتُرِك هناك، وبعد أن دعوا الله مخلصين،
خرجوا من باب السيدة فاطمة مسرورين، وعند قيام الحاج المصري من المدينة، يخرجون كسوة
المَحْمَل مع البيرق من الحجرة، ويوكبونه من باب السلام، ويمر بالشارع، ويخرج من حيث
أتى.
وقد قلتُ عند وصولي للمدينة، متوسِّلًا بساكنها عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام شعرًا:٢
أنا عبد أتيتك اليوم أرجو
منك فضلًا شفاعة عند
ربك
يا حبيب الإله أنت شفيعي
وشفيع لكل عبد
محبك
١
البيرق: الراية، العَلَم.
٢
روت عائشة وعبد الله بن عبَّاس رضي الله عنه أن النبي
ﷺ قال في
مرضه الذي مات فيه: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
يحَّر ما صنعوا. رواه البخاري (انظر: صحيح البخاري، ح٤٢٥). وقال
ﷺ: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتدَّ غضبُ الله على قوم اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد.» رواه الإمام مالك (انظر: موطأ مالك، ح٤١٤). قال عنه الألباني في
مشكاة المصابيح: إسناده صحيح. لذلك يجب أن يكون الطلب مباشرة من الله عز وجل دون
واسطة من أحد، وإلّا وقع الإنسان في الشرك، الذي ما بُعث الأنبياء والرسل إلّا من
أجل توحيد الله عز وجل. ومحبة الرسول
ﷺ تكون باتباع سنَّتهُ، من
خلال الكتاب والسُّنَّة وفهم السلف الصالح.