أحيانًا يحدث هذا الخطأ!
اقترب «موكا» من باب المحل، وأخذ يتفحَّصه لحظات، ثم رفع قدمه وضرب الباب بكل قوته، وسمع الأصدقاء في الدور الرابع صوت صراخه وهو يسب ويلعن «فرانك» ومَن معه.
فتح «أحمد» زجاج النافذة بهدوء، وأطلَّ في الظلام على السيارات الثلاث، ثم ضغط على زرٍّ في البندقية التي معه فأطلقت شعاعًا من أشعة الليزر غير المرئية … وكانت ماكينات السيارات الثلاث دائرة. فجأة، توقَّفت واحدة بعد أخرى … وانسحب «أحمد» بهدوء، بينما سمع صيحات السائقين الثلاثة، ونزلوا جميعًا يتبادلون الكلمات الغاضبة … ثم حاولوا إدارة الماكينات مرة أخرى، ولكن السيارات لم يصدر عنها أيُّ صوت، كأنما فقدت آلاتها إلى الأبد.
أسرع أحد السائقين إلى «موكا» قائلًا: يا زعيمي … لقد حدث شيء لا يُصدق، إنَّ السيارات توقَّفت ولا تريد أن تدور!
موكا: ماذا تقول أيها القرد؟!
الرجل: أقول يا زعيمي، إنَّ شيئًا تدخَّل في موتور السيارات الثلاث وأوقفها عن الدوران.
دفع «موكا» الرجل في كتفه بوحشية، وقال: إنني أستخدم مجموعة من المعتوهين! ثم نادَى أحد الرجال الواقفين معه من حملة الرشاشات وقال: اسمع يا «دوميني» اذهب وتأكد مما يقوله هذا القرد!
أسرع «دوميني» إلى السيارة، وأخذ يدير المفتاح، ولكن الموتور لم يعمل مطلقًا … وطلب فتح غطاء السيارة وانهمكوا جميعًا في محاولة البحث عن سبب العطل.
قال «فرانك»، وهو يشاهد ما يحدث من خلف الزجاج: ماذا فعلت يا «أحمد»؟!
أحمد: إنَّه أحد مبتكرات معمل الأبحاث عندنا … جهاز صغير كهذا يمكن أن يعطل عمل موتور وهو متوقف أو دائر … إنَّ الأشعة الصادرة تقوم بإيقاف توصيل الكهرباء من «شموع الاحتراق» إلى بقية أجزاء السيارة … إنَّها تقوم بعمل عازل.
فرانك: وهل يمكن إدارة السيارة بعد ذلك؟
أحمد: إذا أُطلقت الأشعة بطريقة عكسية تزيل أثر العازل.
فرانك: يا لَك من شيطان!
أحمد: هذا بعض ما عندنا … وسوف يعرف «موكا» قريبًا أنَّنا لسنا أطفالًا صغارًا يمكن أن يُرهبنا بهؤلاء البلطجية … ولولا أنَّني وعدت رقم «صفر» بألَّا أُعرِّض الزملاء للخطر … لكنت قد خُضت معه معركة الآن!
نزل بقية رجال «موكا» من السيارات ووقفوا حوله يتحدثون جميعًا في وقت واحد، وهو يشير إليهم بيديه، وقد بدأ ضغط دمه يرتفع ويحس أنَّه سينفجر … ورفع رأسه إلى فوق وأخذ يُديرها هنا وهناك وهو يقول: إنَّني أحسُّ أنَّ هناك مَن يُراقبنا … إنَّ «فرانك» قد استعان بعصابة ضدنا!
أسرع الشياطين إلى تجهيز أسلحتهم، فلو تم هجوم الآن فستكون مذبحة للطرفين … وأخذ «موكا» يدور برأسه فاحصًا البنايات التي تُحيط بالمكان، والسماء لا تزال تمطر، ولا أحد يلتفت إلى ما يحدث …
قال «موكا»: أسرع يا «دمونيس» واتصل بالمجمع قُل لهم أن يُرسلوا سيارات أخرى على الفور … إنَّني أشعر بالقلق!
أسرع «دمونيس» إلى أقرب تليفون، ومدَّ «أحمد» بندقيته العجيبة إلى الخارج، ووجَّهها إلى كُشك التليفون، حيث كان «دمونيس» يتحدث، واستطاع أن يسمع المكالمة كاملة، ويعرف الرقم الذي طلبه «دمونيس».
عاد «دمونيس» بعد قليل، وقال: طلبت سيارات أخرى أيها الزعيم … إنَّها في الطريق إلينا.
موكا: وماذا سنفعل مع «فرانك» لقد هرب كجرذ حقير؟!
دمونيس: سوف نُرسل رجالنا في أعقابه، سنعثر عليه أيها الزعيم، فكيف يختفي مثل هذا الجرذ عن عيوننا؟!
قال أحد الرجال: هل نُشعل النار في المحل يا زعيمي؟
موكا: وما فائدة ذلك أيها القرد … وقد تمتد النيران إلى المنازل المجاورة وسياراتنا واقفة، وسيجد البوليس أدلة دامغة ضدنا … إن عليكم أن تنتشروا وتعرفوا أين «فرانك» هذا، وغدًا تُحضرون بعض العمال لإصلاح هذه السيارات.
بعد لحظات، ظهرت سيارات من نفس الطراز الأسود، وأسرع «موكا» ورجاله فركبوا فيها، وانطلقت بهم … وابتسم «أحمد»، وكذلك «فرانك» وبقية الأصدقاء.
فرانك: إنَّه مذهول مما فعلت!
أحمد: سأحاول أن أُحطم معنوياته أولًا … سأحاول إخافته قبل الاصطدام به.
اختفت السيارات. وقال «أحمد» موجِّهًا حديثه إلى «جوك»: اسمع يا «جوك» … أريد أن تكتب على كل سيارة من سيارات «موكا» أنَّ هذا أول إنذار وأنَّنا نحذِّره من الاصطدام بنا مرة أخرى.
نزل الشياطين ومعهم «فرانك» وتركوا «جوك» ليقوم بالمهمة، واتجهوا جميعًا إلى الفيلَّا التي استأجرها الشياطين عند النهر.
كانت الخطة التي وضعها «أحمد» تمشي في خط مستقيم، ولكن كثيرًا من الأخطاء تحدث دون قصد أو دون توقُّع … فعندما انسحب «موكا» ورجاله، تركوا حارسًا يحرس السيارات الثلاث، فهي سيارات خاصة مزودة بالدروع وفيها فتحات لإطلاق النيران … ثم إنَّ «موكا» كرجل محترف فكَّر أنَّ توقُّفَ السيارات الثلاث دون سبب واضح ربما وراءه أصابع خفية، وربما يحاول صاحب هذه الأصابع أن يأخذ السيارات … لهذا كله ترك أحد رجاله للمراقبة.
اختفى الرجل عند المنحنى، ووقف يراقب الطريق. وكان المطر قد توقَّف وإن ظلَّت الرياح الباردة تضرب الطرقات … وعندما انصرف «فرانك» ومعه الشياطين شاهدهم الرجل من بعيد ثم شاهدهم وهم يصافحون «جوك» ويتركونه ليقوم بكتابة الإنذار على السيارات.
لاحظ الرجل كل هذا بدهشة شديدة، واعترف بينه وبين نفسه أنَّ «موكا» زعيم لا يُشَق له غبار، فهو رجل حذر وشديد الدهاء … وها هو قد شاهد «فرانك» فهو يعرفه، ولكن هؤلاء الشبان ما دخلهم في الموضوع!
أحضر «جوك» معه علبةً من الألوان، وأخذ يكتب على كل سيارة: إنَّنا نُنذرك أن تبتعد عن «فرانك» … إنَّ هذا آخر إنذار، ونحذرك من الاصطدام بنا مرة أخرى.
كتب «جوك» الإنذار الأول وهو سعيد جدًّا؛ فإنَّ رئيسه المحبوب «فرانك» يتمتع الآن بحماية قوية من هؤلاء الشبان المغامرين، وأنَّهم انتصروا على «بازوليني» الداهية، وليس من الصعب عليهم الانتصار على «موكا برازي» رغم أنَّه أشد شراسة …
عندما انتقل «جوك» للكتابة على السيارة الثانية، وانحنى ليغمس الفرشاة في الألوان، أحسَّ بجسم صُلب ينغرس في ظهره وصوت يقول: أيها الصديق الصغير، لقد تسلَّمنا الإنذار الأول … هذا يكفي!
أدرك «جوك» على الفور أنَّه وقع في يد أحد رجال العصابة، وأنَّ «موكا» داهية حقًّا … ومرَّت بذهنه ومضة سريعة عمَّا يُمكن أن تفعل به العصابة لتحصل على اعترافه … إنَّهم طبعًا يريدون معرفة إلى أي قوة ينتمي، وكان عليه أن يتصرف بسرعة … وأمسك بعلبة الألوان الكبيرة بين يديه، ثم دار بسرعة وقذف بها في وجه الرجل … كان يعرف أنَّه يغامر بحياته فطلقة من مسدسه كفيلة بإرساله إلى الآخرة.
شلَّت المفاجأة رجل العصابة؛ فلم يكن يتوقَّع أنَّ مثل هذا الشاب الصغير، ذي العوينات الزجاجية يمكن أن يُقدم على هذه المغامرة. ودخل السائل الحارق إلى عينَيه فصاح من الألم، بينما انطلق «جوك» جريًا عبر الشوارع المقفرة … وسمع طلقة مسدس تمر بجوار أذنه، ولكنه لم يتوقف حتى وجد نفسه في الشوارع الكبيرة في وسط «مانهاتن»، وأحسَّ ببعض الأمن … وأسرع إلى أقرب تليفون، وطلب مقر الشياطين على شاطئ النهر فردَّت عليه «إلهام» فقال بسرعة: إنَّ العصابة في أثَرنا ولقد هاجمني أحدهم، وقد تخلَّصت منه ولكن …
ردَّت «إلهام» على الفور: تعالَ فورًا … ولكن عليك أن تركب ثلاث مرات في اتجاهات مختلفة حتى لا يقتفوا أثَرك!