مطعم السمكة التي أفلتت!
عندما وصل «جوك» إلى فيلَّا الشياطين على شاطئ النهر، كان في حالة يُرثَى لها … روى ﻟ «فرانك» والشياطين ما حدث له، فقال «أحمد»: إنَّك ولد ممتاز … وقد نعطيك عضوية في المنظمة التي نعمل بها!
قال «جوك»: صدقني أيُّها المغامر إنني أريد أن أرتاح … فمنذ عاد «فرانك» من إيطاليا ونحن نتعرَّض لمتاعب لا حدَّ لها!
أحمد: أَعِدُك أن أضع حدًّا لهذه المتاعب.
ولدهشة الجميع قام «أحمد» إلى جهاز التليفون … كان معه الرقم الذي سجَّله الجهاز العجيب، رقم «موكا برازي» … وردَّ أحد الأشخاص، فقال «أحمد»: أريد أن أتحدث إلى «موكا»!
الرجل: من أنت؟ وكيف حصلت على هذا الرقم؟
أحمد: أنا صديق ﻟ «فرانك» … أما حكاية حصولي على الرقم، فهذه قصة يطول شرحها.
غاب الرجل لحظات، ثم عاد يقول: إنَّ «موكا» يرفض الحديث إليك.
أحمد: إذن قل له إنَّ سياراته جميعًا ستقف في عرض الطريق كل الوقت … إنَّه لن يستطيع التحرك إلا بإذن مني!
كان الشياطين و«فرانك» و«جوك» يستمعون إلى «أحمد» وكأنَّهم يستمعون إلى رجل مجنون. ولكن «أحمد» قال لهم: إنني أريد أن أستمر في حملة تحطيم معنويات «موكا» … إنَّه رجل شرس وقوي وداهية، ولكنَّه لا يستطيع احتمالَ عدوٍّ لا يعرفه … إنَّه قد يُجيد استعمال مسدساته، ولكني أشك كثيرًا في أنَّه يستطيع أن يستخدم عقله.
وجاء «موكا» على التليفون … وصاح بصوت كالرعد: مَن أنت أيها الحقير حتى تُهدِّد «موكا برازي»؟!
أحمد: إنني لستُ حقيرًا … ومن الأفضل أن تُحسن اختيار ألفاظك!
موكا: إنني سأمزقك مثل قطعة ورق بالِيَة … إنني سوف أهشِّم عظامك حتى لا يتعرف أحد عليك …
قاطعه «أحمد» ضاحكًا: لا داعي لهذا التهديد يا «موكا» قبل أن تضع يدك عليَّ … إنَّك لا تستطيع قتل أحد قبل أن تراه.
موكا: سأجدك ولو اختفيت في مركبة فضاء!
أحمد: لن أذهب إلى الفضاء هذه الأيام … فأنا مقيم في «نيويورك».
موكا: ماذا تريد بالضبط … قل بسرعة.
أحمد: إنني أنصحك أن تنسى موضوع «فرانك» … دَعْه يعيش في سلام ونَعِدك ألَّا نتعرَّض لك.
موكا: أنت تتعرض لي! … من أنت أيها التافه؟!
أحمد: لقد تعرَّضت لرجال أقوى منك وانتصرت عليهم. ومن الأفضل لك أن تستمع إلى نصيحتي.
ثار «موكا»، وأخذ يضرب سماعة التليفون على المائدة … ثم صاح في «أحمد»: إذا كنت حقًّا تدَّعي الرجولة … تعالَ قابلني وجهًا لوجه؟
أحمد: لا بأس … ولكن كي نتحدث، وليس كي نقاتل؟
موكا: إنني لا أتحدث إلى أمثالك!
أحمد: إذن أنت حر …
فكَّر «موكا» لحظات، وقد تحركت فيه غرائزُ الشر والدهاء، وقال: لا بأس … تعالَ نتحدث!
أحمد: هذا كلام العقلاء … اختر المكان والزمان الذي يناسبك.
موكا: غدًا.
أحمد: أوافق.
موكا: هل تعرف «نيويورك» جيدًا؟
أحمد: هذه ليست مشكلة … عليك فقط بتحديد المكان والزمان!
فكَّر «موكا» لحظات، ثم قال: هل تعرف عمارة «الامباير ستيت»؟
أحمد: بالطبع … إنَّها أشهر من أن تُجهل.
موكا: خلفها مطعم صغير اسمه «السمكة التي أفلتت» … هل نلتقي هناك على العشاء في الثامنة مثلًا.
أحمد: هل يقدمون طعامًا جيدًا؟
موكا: إنَّه مطعم مشهور بتقديمه أنواع الأسماك الجيدة.
أحمد: إذن اتفقنا.
وضع «أحمد» السماعة، والتفت إلى الشياطين الذين بدا عليهم الذهول.
وقالت «زبيدة»: كيف تقابل مثل هذا الوحش؟
أحمد: إننا سنقابله بشكل أو بآخر … ومن الأفضل أن نقابله سريعًا حتى يستطيع «فرانك» أن يزاول نشاطه.
زبيدة: أين اتفقتما على اللقاء؟
أحمد: في مطعم صغير خلف «الامباير ستيت»، اسمه السمكة التي أفلتت.
قال «جوك»: إنني أعرف هذا المطعم، إنَّ صاحبه الإيطالي من أعوان «المافيا» ومن المؤكد أنَّها مصيدة لاصطيادك.
أحمد: إنني مدرك هذا تمامًا!
فرانك: اسمع يا «أحمد» … إنني لا أوافق على تعريض نفسك للموت من أجلي … لقد اتفقت مع «نانسي» على تصفية أعمالنا في «نيويورك» سنذهب إلى مكان بعيد لا يعرفنا فيه أحد.
أحمد: دَعْك من هذه الخزعبلات … إنَّ «موكا» سيظل يطاردك ما لم نضع حدًّا لهذا كله … سأحاول أن أتفاهم معه، فإذا لم نتفاهم فسوف ندخل معه معركة حياة أو موت.
ثم التفت «أحمد» إلى الشياطين قائلًا: اذهبوا مع «جوك» غدًا إلى المطعم في الصباح، أريد دراسة وافية عن مكانه … الأبواب، النوافذ، عدد العاملين، مكان دورة المياه، كيفية الهروب منه في الوقت المناسب.
فرانك: هل ستذهب وحدك؟
أحمد: طبعًا لا … لا بد أن يذهب الشياطين، ولكن ليس في شكلهم العادي … أريد من الآن البدء في وضع خطة للانسحاب من المطعم إذا لم أصل مع «موكا» إلى اتفاق.
عثمان: نريد ملابس تنكرية!
فرانك: هذه مسألة سهلة … هناك محلات خاصة لتأجير الملابس يمكن أن تحصل منها على ما تريد.
إلهام: إذن فإننا في الصباح سنقوم بشراء هذه الملابس ثم نذهب للغداء في المطعم حيث تتم دراسة المكان دراسة جيدة!
عثمان: ما هو نوع التسليح المطلوب؟
أحمد: أسلحة خفيفة … على أن توضع مدافع رشاشة في السيارة، فقد نضطر للمطاردة!
زبيدة: وماذا ستفعل أنت في الصباح؟
أحمد: سألتقي بعميل رقم «صفر»، سأوضح له الآن ما سيحدث غدًا، وأطلب منه أن ألقاه في الصباح.
وانصرف «فرانك» و«جوك». وتناول الشياطين طعام العشاء، واستسلموا للنوم استعدادًا لليوم التالي.
عندما استيقظ الشياطين في الصباح، كان في انتظارهم «جوك» واقفًا على الباب … قال على الفور لقد مررت مرورًا سريعًا بالمطعم … وقد لاحظت أنَّ الشقة المقابلة في العمارة المواجهة له يقوم عدد من الرجال بإعداد نوافذها، وأعتقد أنَّها تُعد لاستقبال عدد من مقاتلي العصابة للسيطرة على الشارع، ومعنى ذلك أنَّ في انتظاركم معركة عنيفة …
أحمد: إنني أتوقَّع هذا طبعًا، ولكني لن أتردد في الذهاب … ثم قام «أحمد» وأحضر جهازًا صغيرًا في حجم علبة السجائر، وقال ﻟ «جوك»: إنني أريدك أن تدخل العمارة المواجهة للمطعم … خبِّئ هذا الجهاز في أي مكان في الطابق الذي سيكون فيه رجال العصابة … إنَّه سينفجر في التاسعة تمامًا، ولن يصيب أحدًا بضرر ولكنه سيُثير الارتباك بين رجال العصابة.
وأسرع الجميع بالانصراف، بينما قام «أحمد» بالاتصال بعميل رقم «صفر» وردَّ الرجل على الفور، فقال «أحمد»: إننا في مهمة ونحتاج إلى بعض المعلومات … سوف أقابل شخصًا يُدعى «موكا برازي» هذا المساء في مطعم «السمكة التي أفلتت». وأحتاج إلى معلومات عن المطعم … ليس المعلومات العادية، ولكن إذا كان هناك معلومات ذات طابع خاص!
العميل: هذا ممكن طبعًا … متى نلتقي؟
أحمد: إنَّ هذا متروك لك.
العميل: بعد ساعتين من الآن في كافتيريا «تريد سنتر».
أحمد: أوافق.
أخذ «أحمد» في إعداد الأسلحة التي سيأخذها الشياطين معهم، ثم خرج ومعه مسدس صغير، واستقل تاكسيًا إلى «التريد سنتر» ثم صعد إلى الدور الأخير … وفي الموعد تمامًا أخذ يتلفت حوله باحثًا عن عميل رقم «صفر»، ولكنَّه لم يستطع أن يتبيَّنَه وسط الزبائن الكثيرين في الكافيتريا، فأخذ يتجول وسط الزحام … وفجأة أحسَّ بحقيبة صغيرة تُوضع في يده، وعندما التفت للبحث عمن أعطاه الحقيبة لم يرَ أحدًا … وأدرك أنَّ عميل رقم «صفر» دسَّ الحقيبة في يده ومضى دون أن يشاهده.