الانتخاب الثقافي
«يصف هذا الكتاب نظريةً جديدة متداخِلةَ المباحث لتفسير التغيُّر الثقافي. وتختلف النظرية الراهنة عن النظرية التطورية التقليدية من حيث إنها تؤكِّد على حقيقةِ أن الثقافة يمكِن أن تتطور في اتجاهاتٍ مختلفة؛ تأسيسًا على ظروفها الحياتية.»
تفسِّر نظرية الانتخاب الثقافي أسبابَ قدرة ثقافة معينة، أو عناصرَ ثقافيةٍ بذاتها، على التطور والانتشار، ربما على حسابِ ثقافةٍ أخرى أو عناصرَ ثقافيةٍ أخرى مآلُها إلى الاندثار. وتستلهم النظريةُ فكرتَها من نظرية الانتخاب الطبيعي ﻟ «داروين»؛ إذ تنظر إلى العناصر الثقافية من حيث إنها تماثِل الجينات؛ بمعنى إمكانية تكاثُرها وانتقالها من جيل إلى آخَر. وتشتمل هذه النظرية على ثلاثِ عملياتٍ أساسية، هي: «الابتكار أو الإبداع»، وفيها تنشأ الظاهرة؛ و«التكاثر أو المحاكاة أو الانتشار»، وفيها تنتشر الظاهرةُ من إنسانٍ إلى آخَر، أو من جماعة من البشر إلى جماعة أخرى؛ والعملية الثالثة هي «الاختيار أو الانتخاب»؛ أي العوامل التي تؤثِّر في مدى انتشار الظاهرة. وعلى الرغم من التماثُل الشكلي بين نظريتَي الانتخاب الثقافي والانتخاب الطبيعي، فإن ثَمة فوارقَ مهمة بينهما؛ منها أن التكاثر الثقافي لا يرتبط لزومًا بالتكاثر البشري، فالعادةُ مثلًا لا تنتقل من الآباء إلى الأبناء فقط، بل تنتقل أيضًا إلى آخَرين لا علاقةَ لهم بالمبتكِر.