نيام بلا مضاجع
«من الناس أقوامٌ مارَسوا الكتابةَ عددًا، وأتاحَت لهم الظروفُ أن تَظهر كتاباتهم، وأغلب الأمر أرغموا الظروفَ أن تُتيح لهم الطلوعَ على الناس بما يكتبون، فطلعوا، ومرَّت الأعوام فما أحسَّ بهم أحد، فلا النقَّاد اعترفوا بهم، ولا القرَّاء أحسُّوا بوجودهم، فكان طبيعيًّا أن يقفوا خارج الحلبة ليَسبُّوا كلَّ مَن فيها ويهاجموه في ضراوةٍ لا مثيلَ لها.»
يضمُّ هذا الكتابُ سلسلةً من المقالات التي خطَّها «ثروت أباظة» بقلمه الصائب، واضعًا نُصبَ عينَيه أوجاعَ وطنه وآلامه، فيَنكأ الجُرحَ ويَتحسَّس مواضعَ الألم، ويُشرِّح الآفات التي يعاني منها المجتمع، في محاوَلةٍ للتوصُّل إلى علاجٍ ناجع لها. ويرى «أباظة» أن النفاقَ والتملُّق وموت الضمير هي الآفاتُ الرئيسة التي أصابت المجتمع، وجعلته يضلُّ الطريق، من دون مَعالم واضحة تُرشِده. كما يرى أن سيادةَ القانون هي الركيزة الأساسية التي يجب الاستناد إليها، وأن الدستورَ والحرية هما بوصلة مجتمعنا، وعلينا الاهتداءُ بهما للخروج من المأزق الحضاري الذي نعيش فيه، من دون أن نَتحوَّل إلى الفوضى الغوغائية. ويستطرد في بعض المقالات الحديثَ عن الاتحاد السوفييتي والشيوعية، والولايات المتحدة والنظام الرأسمالي، كما يذهب بنا في إحدى مقالاته إلى لوزان بسويسرا، ويُقدِّم جانبًا مُشرِقًا للحضارة والشفافية وقيمة الحياة وبَساطتها.