الآن فهمت
كنت في حدائق فلاحًا مقسم الجهد بين الفأس والمحراث، وكان لا يغيظني من حياة الريف غير فصل الشتاء. وكنت أسمع أهالي سنتريس يقولون (لما يخضر التوت، البرد يموت) وكذلك كنت أتأمل أشجار التوت وأترقب اخضرارها لأبشر نفسي بالربيع، ولكنني كنت أجد الأشجار الصغيرة تسرع إلى الاخضرار وأجد الأشجار الكبيرة تخضر في بطء قريب من الجمود. وما أذكر أنني شغلت نفسي بفهم هذه الظاهرة الطبيعية.
وقد غاظني شتاء هذا العام في باريس فما كاد ينتصف مارس حتى أخذت أترقب اخضرار الأشجار في حديقة النباتات، ولاحظت أيضًا أن الأشجار الصغيرة هي التي تسرع إلى الاخضرار، فتذكرت أيام الحداثة في حقول سنتريس يوم كنت أترقب اخضرار أشجار التوت.
ومع أني لم أكن بليد الذهن بدليل أن اسمي (ذكي) — بالذال لا بالزاي في هذه المرة! — لم أفهم السر في تبكير صغار الشجر إلى الاخضرار إلا في هذه الأيام.
ذلك بأنها في ميعة الشباب، والشباب أكثر إحساسًا بنضارة الربيع.
أعاذنا الله من كهولة القلوب، وشيخوخة الأرواح!